انسداد سياسي في ملف غزة… فتح ترفض مقترح اللجنة الوطنية وحماس تتهمها بتعطيل أي إدارة توافقية للقطاع


كشفت مصادر فلسطينية مطلعة عن تعثّر جديد في الجهود الرامية إلى تشكيل لجنة وطنية تتولى إدارة قطاع غزة، بعد أن رفضت حركة فتح الاستجابة لمبادرات قُدمت لها علنًا وسرًا، رغم الظروف الاستثنائية التي تمر بها القضية الفلسطينية والحرب المستمرة على القطاع. وبحسب ما نقلته صحيفة “الأخبار” اللبنانية، فإن هذا الرفض دفع حركة حماس إلى التأكيد مجددًا أنها لا تضع فيتو على تشكيل لجنة لإدارة غزة، حتى لو ترأسها وزير قادم من رام الله، في محاولة لإثبات انفتاحها على أي صيغة وطنية توافقية تخفف من معاناة السكان وتمنع الفراغ الإداري.
وأفادت أوساط قريبة من الملف أن وفد السلطة الفلسطينية عاد وتراجع عن موافقته السابقة على تشكيل لجنة برئاسة وزير، متمسكًا بمطالبه القديمة التي تشترط تسليم غزة بشكل كامل للسلطة، وهو ما وُصف بأنه عودة إلى مربع الاشتراطات السياسية بدل البحث عن حلول عملية في ظل الواقع الكارثي الذي يعيشه القطاع. وفي السياق ذاته، كشفت اتصالات جرت في القاهرة أن حركة فتح تعمل على الدفع باتجاه إنشاء جسم بديل عن “لجنة المتابعة العليا في غزة”، على أن يكون هذا الكيان خاليًا من مشاركة حركتي حماس والجهاد الإسلامي، الأمر الذي أثار اعتراضًا واضحًا من الفصائل الفلسطينية، التي عبّرت عن رفضها لهذا التوجه خلال اتصالات داخل قطاع غزة.
وفي المقابل، أكدت مصادر قيادية في حركة حماس أن الحركة وجّهت دعوات متكررة، بعضها علني والآخر عبر قنوات غير معلنة، إلى قيادة فتح لعقد لقاءات تهدف إلى تغليب المصلحة الوطنية، خاصة في ظل ما وصفته بـ”المنعطف التاريخي الخطير” الذي تمر به القضية الفلسطينية، إلا أن هذه الدعوات قوبلت بالتجاهل ولم تُفضِ إلى أي اختراق. كما أشارت المصادر إلى أن مصر، عبر جهاز المخابرات العامة، مارست ضغوطًا على حركة فتح لدفعها نحو لقاء مباشر مع حماس، وهو ما تحقق بالفعل الشهر الماضي، حين عُقد اجتماع ضم وفدًا من حماس وآخر من فتح، كان من بين أعضائه حسين الشيخ وماجد فرج، غير أن الاجتماع انتهى دون نتائج تُذكر، بعد أن قدّم وفد فتح تفسيرات متناقضة حول صفته التمثيلية، قبل أن ينسحب دون إحراز أي تقدم.
وتضيف المصادر أن التعقيد لم يتوقف عند هذا الحد، إذ رفض حسين الشيخ، خلال زيارته الأخيرة إلى الدوحة، عقد أي لقاء مع حركة حماس، رغم محاولات قطرية حثيثة لترتيب جلسة ثنائية بين الطرفين، انتهت هي الأخرى بالفشل. ويعكس هذا المشهد، وفق مراقبين، عمق الانقسام السياسي الفلسطيني، في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى إدارة وطنية موحدة لقطاع غزة، قادرة على التعامل مع التداعيات الإنسانية والسياسية للحرب، بعيدًا عن الحسابات الفصائلية الضيقة.