سجون بلا حدود إنسانية… مقترح “التماسيح” يكشف انزلاقًا جديدًا في خطاب الاحتلال تجاه الأسرى الفلسطينيين
في مشهد يعكس تصعيدًا غير مسبوق في الخطاب والسياسات العقابية داخل منظومة الاحتلال، كشفت وسائل إعلام عبرية عن مقترح صادم قدّمه وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، يدعو فيه إلى إنشاء منشأة احتجاز جديدة للأسرى الفلسطينيين تكون محاطة بالتماسيح، في خطوة وُصفت بأنها تتجاوز كل المعايير الأخلاقية والقانونية، وتفتح الباب أمام مرحلة أكثر تطرفًا في التعامل مع ملف الأسرى.
وبحسب ما أوردته القناة 13 العبرية، فإن بن غفير طرح فكرته خلال جلسة تقييم أمني عقدت الأسبوع الماضي، بحضور مفوض مصلحة السجون كوبي يعقوبي، مقترحًا إقامة سجن مخصص للأسرى المصنّفين “أمنيين” قرب منطقة حيمات غادير شمالي فلسطين المحتلة، وهي منطقة تقع بمحاذاة الجولان السوري المحتل والحدود الأردنية، وتضم مزرعة تماسيح وحديقة حيوانات، في محاولة – وفق زعمه – لمنع أي محاولات هروب مستقبلية.
هذا الطرح، الذي قوبل بانتقادات واسعة داخل الأوساط الحقوقية، لا يُقرأ بمعزل عن النهج التصعيدي الذي يقوده بن غفير منذ توليه منصبه، حيث كثّف من سياسات التضييق داخل السجون، وحرّض علنًا على تشديد العقوبات بحق الأسرى الفلسطينيين، في سياق سياسي وأيديولوجي يسعى إلى تجريدهم من أي بعد إنساني أو حقوقي. ويأتي ذلك بالتوازي مع استعداد الكنيست الإسرائيلي للتصويت خلال الأيام المقبلة بالقراءتين الثانية والثالثة على مشروع قانون يدفع باتجاه إقرار عقوبة الإعدام بحق أسرى يتهمهم الاحتلال بالتخطيط أو المشاركة في هجمات، بعد أن جرى تمريره بالقراءة الأولى في نوفمبر الماضي.
ويرى مختصون في القانون الدولي وحقوق الإنسان أن فكرة “السجن المحاط بالتماسيح” لا يمكن فصلها عن دلالاتها الرمزية الخطيرة، إذ تعكس نزعة علنية نحو الإذلال والعقاب الجماعي، وتشكّل خرقًا واضحًا لاتفاقيات جنيف والمعايير الدولية التي تنظّم معاملة الأسرى، فضلًا عن كونها محاولة لتطبيع ممارسات مهينة داخل منظومة السجون، عبر تحويلها إلى أدوات ردع نفسي وجسدي خارج أي إطار قانوني.
وتشير معطيات صادرة عن مؤسسات معنية بشؤون الأسرى إلى أن أوضاع السجون الإسرائيلية شهدت تدهورًا حادًا منذ تولي بن غفير منصبه أواخر عام 2022، حيث استشهد 110 أسرى فلسطينيين داخل السجون خلال هذه الفترة، في ظل تشديد الإجراءات، وتقليص الزيارات، ومنع العلاج، وتزايد التقارير عن سوء المعاملة والتعذيب. وفي الوقت الراهن، تحتجز سلطات الاحتلال أكثر من 9300 أسير فلسطيني، وسط تحذيرات متصاعدة من أن السياسات الحالية، المقترنة بخطاب تحريضي رسمي، قد تفضي إلى شرعنة انتهاكات ممنهجة وتقويض ما تبقى من الضمانات القانونية والإنسانية داخل منظومة الاحتجاز.