العجز يتفاقم رغم النفط.. أزمة مالية تضرب السعودية وتهدد اقتصادها الريعي
العجز يتفاقم رغم النفط.. أزمة مالية تضرب السعودية وتهدد اقتصادها الريعي
تتواصل مؤشرات الانهيار الاقتصادي في السعودية، إذ أعلنت وزارة المالية في الرياض تسجيل عجزٍ مالي ضخم بلغ 23.6 مليار دولار خلال الربع الثالث من عام 2025، رغم ارتفاع أسعار النفط وتزايد الإيرادات النفطية، في مشهدٍ يعكس عمق الأزمة التي يعيشها النظام السعودي وفشل سياساته المالية والاقتصادية.
إنفاق يتجاوز الإيرادات.. والنتيجة: فجوة مالية متصاعدة
وفقًا لبيانات رسمية صادرة عن وزارة المالية السعودية، بلغ إجمالي الإيرادات 269.9 مليار ريال، مقابل إنفاقٍ حكومي وصل إلى 358.4 مليار ريال، ما أدى إلى تسجيل فجوة مالية بلغت 88.5 مليار ريال.
ويُعد هذا العجز الأكبر منذ بداية العام، ويكشف هشاشة المنظومة الاقتصادية التي تعتمد بصورة شبه كلية على النفط كمصدرٍ رئيسٍ للدخل، دون تحقيق تنويعٍ حقيقي أو تنمية مستدامة.
وبحسب البيانات نفسها، بلغت الإيرادات النفطية خلال الربع الثالث 151 مليار ريال، ما يعني أن الإنفاق العسكري والسياسي الضخم للنظام يتجاوز العوائد النفطية، في وقتٍ تتصاعد فيه الأعباء الداخلية والعجز عن تلبية احتياجات المواطنين المعيشية.
عائدات نفطية مرتفعة.. لكن النزيف المالي مستمر
ورغم أن السعودية تُعد أكبر مُصدّرٍ للنفط في العالم، إلا أن ارتفاع العائدات لم ينعكس إيجابًا على وضع الميزانية، إذ واصل الإنفاق الحكومي التوسع في مشاريع استهلاكية واستعراضية، إلى جانب الإنفاق العسكري الضخم على صفقات التسليح وتمويل العدوان على اليمن والتدخل في شؤون الدول الأخرى.
ويؤكد مراقبون اقتصاديون أن استمرار الإنفاق بهذا الشكل يعني أن الاقتصاد السعودي يعيش على “الحقن النفطية المؤقتة”، دون رؤية اقتصادية حقيقية أو إصلاح هيكلي فعلي، ما يجعل أي تراجع في أسعار النفط كفيلاً بتفاقم الأزمة إلى مستويات غير مسبوقة.
نمو رقمي.. وواقع متعثر
في المقابل، أعلنت الهيئة العامة للإحصاء السعودية أن الاقتصاد سجّل نموًا بنسبة 5% على أساس سنوي خلال الربع الثالث من 2025، مدفوعًا بارتفاع الأنشطة النفطية بنسبة 8.2% والأنشطة غير النفطية بنسبة 4.5%.
غير أن هذا النمو، بحسب محللين، يبقى نموًا رقمياً لا يعكس تحسناً حقيقياً في حياة المواطنين، إذ تتزايد البطالة، وترتفع الأسعار، وتتراجع القوة الشرائية، بينما تتركز الثروة بيد النخبة الحاكمة والشركات المرتبطة ببن سلمان ومشاريعه الترفيهية الضخمة.
سياسة الإنفاق العدواني.. الطريق إلى الانهيار
يرى خبراء اقتصاديون أن الإنفاق العسكري والسياسي السعودي هو المحرك الأكبر للعجز المالي، إذ تنفق الرياض مليارات الدولارات سنويًا على صفقات السلاح الأمريكية والبريطانية، وعلى تمويل حربها الفاشلة ضد اليمن، إضافةً إلى ضخ أموال طائلة في مشاريع الترفيه والتطبيع الثقافي والرياضي، في وقتٍ تتراجع فيه الخدمات الأساسية وتزداد المديونية العامة.
ويُشير محللون إلى أن السعودية تسير على طريق الانهيار المالي التدريجي، إذ يتآكل الاحتياطي النقدي مع تزايد الاقتراض الداخلي والخارجي، بينما تتجه الحكومة نحو فرض ضرائب ورسوم جديدة على المواطنين لتغطية العجز، ما يزيد من حالة السخط الشعبي المكتوم.
اقتصاد ريعي هشّ وتبعية مفرطة
وبينما تحاول السعودية تقديم نفسها كقوةٍ اقتصادية إقليمية، تكشف أرقام العجز المتصاعد أن اقتصادها لا يزال رهينة لتقلبات النفط، وأن سياساتها المرتبطة بالتوجيهات الأمريكية و”رؤية 2030″ لم تحقق إلا مزيداً من الأعباء والديون.
ويؤكد خبراء أن النظام السعودي يعيش اليوم أزمة مالية حقيقية تتجاوز الأرقام المعلنة، إذ يعجز عن تحقيق التوازن بين نفقات الحرب والإنفاق الداخلي، فيما تتآكل قدرته على تمويل مشاريعه الضخمة دون الاقتراض الخارجي أو بيع المزيد من أصول الدولة.
مؤشر على فشل إدارة دولة
العجز الجديد ليس مجرد رقم مالي، بل مؤشر على فشل إدارة دولةٍ ريعيةٍ أنهكتها الحروب والتبعية للخارج.
فبينما تنفق السعودية المليارات على العدوان على اليمن وعلى شراء الولاءات السياسية والعسكرية في المنطقة، تتهاوى ميزانيتها وتنهار مشاريعها، لتؤكد الوقائع أن من يزرع العدوان يحصد الانهيار.
موقع 21 سبتمبر.
 
			