10 آلاف خطوة… أسطورة صحية لا تكفي وحدها لإنقاص الوزن
على مدى سنوات، ترسّخت في الوعي العام قناعة مفادها أن الالتزام بالمشي 10 آلاف خطوة يومياً هو المفتاح السحري للصحة الرشيقة وخسارة الوزن. تطبيقات الهواتف والساعات الذكية عززت هذه الفكرة، حتى بات الرقم أشبه بوصفة جاهزة يتبعها الملايين. غير أن نتائج علمية حديثة تعيد ترتيب هذه المسلّمات، وتضع المشي في حجمه الحقيقي ضمن معادلة فقدان الوزن.
دراسة أجراها باحثون، سعت إلى اختبار الأثر الفعلي لعدد الخطوات اليومية على الوزن. وشارك في الدراسة 120 طالبة جامعيات في عامهن الأول، وهي مرحلة معروفة بارتفاع احتمالات زيادة الوزن. على مدى 24 أسبوعاً، قُسّمت المشاركات إلى ثلاث مجموعات: الأولى التزمت بالمشي 10 آلاف خطوة يومياً، الثانية 12 ألفاً و500 خطوة، والثالثة 15 ألف خطوة، وذلك ستة أيام في الأسبوع.
لم يكتفِ الباحثون برصد الحركة اليومية، بل تابعوا أيضاً كمية السعرات الحرارية المتناولة وقياسات الوزن بشكل دوري. والنتيجة كانت صادمة لمن يراهنون على المشي وحده: عدد الخطوات، مهما ارتفع، لم يمنع زيادة الوزن. حتى المجموعة الأكثر نشاطاً، التي قطعت 15 ألف خطوة يومياً، لم تسجّل فرقاً يُذكر في الحفاظ على الوزن أو إنقاصه.
اللافت أن متوسط الزيادة في وزن المشاركات بلغ نحو 1.6 كيلوغرام، وهو رقم يتماشى مع ما تُظهره دراسات سابقة عن الزيادة المعتادة في وزن طلاب السنة الجامعية الأولى. هذا الأمر دفع الباحثين إلى إعادة التأكيد على حقيقة طالما غُيّبت في الخطاب الشعبي: حرق السعرات عبر النشاط البدني لا يعمل بمعزل عن كمية السعرات الداخلة إلى الجسم عبر الطعام والشراب.
بروس بيلي، الباحث الرئيس في الدراسة وأستاذ علوم التمارين، أشار إلى أن النشاط البدني يرفع بالفعل من استهلاك الطاقة، لكنه لا يضمن تلقائياً حدوث عجز في السعرات يؤدي إلى خسارة الوزن. فالجسم قد يعوّض الجهد المبذول بزيادة الشهية أو بتغييرات فسيولوجية تحدّ من الأثر المتوقع. ومن هنا، خلصت الدراسة إلى أن التمارين وحدها ليست دائماً الخيار الأكثر فاعلية لإنقاص الوزن ما لم تترافق مع تنظيم غذائي واعٍ.
ومع ذلك، لا تقلل النتائج من القيمة الصحية للمشي. فالخطوات اليومية، حتى إن لم تُسقط الكيلوغرامات، تساهم في كسر نمط الحياة الخامل، وتحسّن اللياقة العامة، وتنعكس إيجاباً على الصحة النفسية والقلبية. المشي يظل نشاطاً بسيطاً وآمناً ومتاحاً للجميع، لكنه ليس الحل السحري الذي يروّج له البعض.
الخلاصة التي تفرض نفسها بوضوح: إنقاص الوزن معادلة متعددة الأطراف، لا يكسبها طرف واحد. تنظيم الأكل يظل حجر الأساس، والنشاط البدني ــ بما فيه المشي ــ عامل داعم ومهم، لكن الاعتماد على عدّاد الخطوات وحده قد يمنح شعوراً زائفاً بالإنجاز، من دون تغيير حقيقي على الميزان.