أزمة الغاز تشعل حضرموت: حصار خدمي خانق يضغط على الشارع ويعمّق الصراع السياسي
تعيش مدن محافظة حضرموت، للأسبوع الثاني على التوالي، واحدة من أشد أزماتها الخدمية مع تفاقم أزمة الغاز المنزلي، في مشهد يومي يثقل كاهل السكان ويكشف هشاشة الأوضاع المعيشية في المحافظة. آلاف الأسر في المكلا ومدن وادي حضرموت باتت تقضي أيامًا مرهقة في البحث عن أسطوانة غاز، وسط اختفاء شبه كامل للمادة من مراكز التوزيع الرسمية، مقابل ظهورها بكميات محدودة في السوق السوداء بأسعار صادمة تجاوزت 12 ألف ريال للأسطوانة الواحدة، ما حوّل الغاز إلى سلعة نادرة لا يقدر عليها كثير من المواطنين.
وتشير معطيات ميدانية وشهادات متطابقة إلى أن جذور الأزمة تعود إلى قرارات صادرة عن منشأة “صافر” الخاضعة لسيطرة حزب الإصلاح، قضت بتقليص حصص الغاز المخصصة لحضرموت بشكل ملحوظ منذ مطلع الشهر الجاري. وزادت الأزمة تعقيدًا مع استمرار حالات التقطع القبلي التي عطلت خطوط الإمداد لأكثر من أسبوع، ما أدى إلى انقطاع شبه كامل في التموين وأدخل المدن في حالة شلل تدريجي.
ولم تتوقف تداعيات الأزمة عند حدود المنازل، بل امتدت لتضرب قطاع النقل داخل المدن، حيث توقفت أعداد كبيرة من المركبات التي تعتمد على الغاز كوقود رئيسي عن العمل، الأمر الذي ضاعف معاناة المواطنين في تنقلاتهم اليومية ورفع كلفة المواصلات، في وقت تعاني فيه حضرموت، إلى جانب عدن وبقية المحافظات الجنوبية، من ظروف اقتصادية ومعيشية قاسية أصلاً.
وفي خضم هذا المشهد، تتصاعد الاتهامات السياسية، إذ يحمّل نشطاء ومراقبون مسؤولين في حزب الإصلاح مسؤولية خفض كميات الغاز المخصصة لحضرموت، معتبرين ذلك خطوة عقابية ذات خلفية سياسية، على خلفية التطورات العسكرية الأخيرة في وادي حضرموت، حيث سيطرت فصائل المجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة إماراتيًا على عدد من المدن، وأخرجت قوات المنطقة العسكرية الأولى الموالية للإصلاح.
ومع غياب أي تحرك ملموس من الجهات المعنية لاحتواء الأزمة أو تقديم حلول عاجلة، تتزايد المخاوف من انهيار خدمي أوسع، خاصة مع تحذيرات محلية من أزمة وشيكة في الكهرباء قد تتسبب بتوقف معظم الخدمات الأساسية مع نهاية الأسبوع الجاري. وبين غلاء الأسعار وانقطاع الإمدادات وتراكم الأزمات، يجد أبناء حضرموت أنفسهم أمام واقع معيشي ضاغط ينذر بموجة جديدة من المعاناة، تضاف إلى سلسلة طويلة من الأزمات التي لم تجد حتى الآن طريقها إلى الحل.