لماذا اختفى خليفة بن زايد.. تسريباتٌ تكشفُ تفاصيلَ الانقلاب الصامت في دولة الإمارات

اختفاء-خليفة-بن-زايد

حسين الجنيد

تساؤلاتٌ تُطرَحُ بشكلٍ يومي على المستوى الخليجي والعربي- خصوصاً الداخل الإمَـارَاتي- عن الاختفاء الغامض لرئيس الدولة “خليفة بن زايد”، وتصدُّر أخيه غير الشقيق للمشهد السياسي.

وفي الوقت الذي تضاربت الأنباءُ عن وفاته وعن تدهور حالته الصحية وعن خضوعه للإقامة الجبرية، تسريباتٌ تؤكد أن خليفة مات سياسياً في انقلابٍ صامت، ولم يتبقَ سوى وضع بعض الترتيبات لإخراج المشهد الأخير.

يقول مراقبون: إنّ بيئة وطبيعة الحكم في الإمَـارَات السبع جداً غامضة، وجشع أسر حكامها هناك يجعل من نمط انتقال السلطة في الغالب عن طريق الانقلابات البيضاء، كما جرى في إمارة الشارقة من إزاحةٍ للشيخ صقر القاسمي وإبعاده عن حكم هذه الإمارة، وهو نفسه الذي جرى في إمارة رأس الخيمة وكذلك إمارة عجمان من قبلُ.

وما حدث لحاكم أبو ظبي رئيس البلاد خليفة بن زايد آل نهيان، هو انقلابٌ أبيضٌ مكتمل الأركان جرى في صمت، ما يشير لوجود أصابع دولية قوية مكنّت قادة هذا الانقلاب من إنجاحه دون حدوث أية زعزعة في البلاد.

وعلى ما يبدو أن هذا الانقلاب أُنجِزَ وفق قاعدة ” كن حاكماً بالاسم ولنا كُلّ ما يلي” بطريقةٍ تعدّ أكثر تطوراً من الاغتيالات، وذلك بتجريده من كُلّ الصلاحيات وعزله عن محيط القيادة السياسية تحت أي عذر يشكل غطاءً مناسباً من الناحية الشكلية لهكذا نوع من الانقلابات، كالعجز الجسدي الناجم عن تدهور الوضع الصحي، وهذا ما تتداوله الصحافة الرسمية في الإمَـارَات التي أعلنت عن إصابة رئيس البلاد الشيخ خليفة بجلطة دماغية جعلت حالته الصحية في وضعٍ حرج.

وفي تقريرٍ نشره موقع “المراسل نت” الإخباري، تناول فيه ما يشاع عن قرب وقوع انقلابٍ أبيض في المملكة العربية السعودية، أشار إلى أحاديث عن “انقلابٍ أبيض” آخر وقادم بشكلٍ أسرع يقوده محمدٌ آخر وهو “محمد بن زايد”، ولي عهد أبوظبي، الذي تصدر المشهد العسكري الخليجي في “عاصفة الحزم” وسط غياب شبه كامل لأخيه رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد وغيابه عن الاجتماعات الخليجية والدولية.

وأوضح التقرير الذي استند إلى خبرٍ نشره موقع قناة روسيا اليوم بعنوان “أين خليفة؟” قبل أن يسارع موقع القناة إلى حذفه، أن حملةً على موقع “تويتر” بعنوان (#أين_خليفة)، قال منظموها: إن أميرَ البلاد خليفة بن زايد يخضع تحت الإقامة الجبرية بأمر من ولي عهده محمد بن زايد، وسط تدهور مستمر في حالته الصحية، والإعْلَام الرسمي يُكذّب ويضلل الشعب”، مضيفين أن “مصادرَ موثوقة سربت لهم أنه يجري التحضير للإعلان خلال الفترة القادمة عن تدهور شديد في الحالة الصحية للشيخ خليفة؛ تمهيداً للإعلان عن وفاته”، وهذا ما يبرر غياب الشيخ خليفة في السنتين الأخيرتين تماماً عن الإعْلَام أو عن أية لقاءاتٍ دبلوماسية خارج الإمَـارَات، حسب قولهم.

وأشار التقريرُ في ختامه لتداول بعض النشطاء صوراً من اليمن للوحات كبيرة علّقها مرتزقة العدوان تحمل صورة محمد بن زايد ولي العهد الإمَـارَاتي تحت شعار “شكراً إمَـارَات الخير”، متسائلين عبر هذه الصور “إذا كان الرئيس خليفة بخير فلماذا يتم نشر صور محمد بن زايد؟”.

كواليسُ الانقلابِ

وتقول مصادر رسمية رفضت الكشف عن اسمها لموقع “الجمهور” الإمَـارَاتي المعارض: إن الانقلابَ الأبيض الذي قاده محمد بن زايد كانت أولى خطواته في اللحظات الأخيرة من حياة والده الشيخ زايد بن سلطان عام 2004، عندما أقدم على تعيين نفسه ولياً لعهد أبو ظبي بمساعدة والدته المرأة القوية فاطمة بنت مبارك، وهو قرارٌ مخالفٌ لأعراف ولاية العهد في دولة الإمَـارَات.

حيث أجلّت الشيخة فاطمة وولدها محمد في حينه إعلان وفاة زايد الأب عدة أيام، وذلك إلى حين ترتيب الأوضاع لأبنائها فقط، وإبعاد وتهميش كُلّ أبناء زايد من زوجاته الأخريات، بمَن فيهم الشيخ خليفة، الذي ظهر حاكماً بلا صلاحيات، الأمر الذي أغضب الكثير من أفراد العائلة بأبوظبي، خاصةً الإخوة الأشقاء لخليفة، الذين كان مصيرهم التهميش والقتل، كما جرى مع الشيخين أحمد وناصر، اللذين قتلا بحوادث طائرات غامضة.

وأضافت تلك المصادر أن ما جرى للشيخ خليفة تم التخطيطُ له بشكلٍ محكم للغاية، حيث كلّف محمد بن زايد مستشاره الخاص “محمد دحلان” بدسّ جرعة سامة لأخيه خليفة وهي نفس المادة التي دسّها دحلان للرئيس الراحل ياسر عرفات، والتي تسبب فقدان التركيز والوعي والإدراك، مما جعله يقوم بتسليم السلطة دون علمه، ودون مقاومة، وأكدت تقارير الأطباء في سويسرا أن حالة خليفة بن زايد تشابه إلى حدٍّ كبير حالة الرئيس الراحل ياسر عرفات قبل وفاته مكذبين مسألة الجلطة الدماغية وتم إخفاء هذه التقارير بواسطة دحلان وبعض المقربين للشيخ خليفة التابعين لولي العهد محمد بن زايد.

وتساءل محللون سياسيون عما إذا كان محمد بن زايد يريد من انقلابه المال أو السلطة؛ كونه كان يملك المال كله والسلطة كذلك، فمنصب ولي العهد ليس بالقليل على مستوى دولةٍ كالإمَـارَات.

مؤكدين أنه أتى لتنفيذِ مشروع في المنطقة، وهذا ما جعل إسرائيل، خصوصاً تمنحه الضوء الأخضر من البيت الأبيض بعزل أخيه خليفة دون تسجيل اعتراضه على هذا الانقلاب، وحين قام سلطان نجل الشيخ خليفة بمحاولة الدفاع عن عرش والده تم تهديده بالقتل وأخضعوه للإقامة الجبرية هو وكافة أشقائه، وهذا ما نشره موقع “دي برس” الخليجي، ولكن بعد وضع سيناريو أخرجوا فيه المشهد بطريقتهم، حيث قال الموقع: “إن جهاز المخابرات في أبو ظبي وضع الشيخ سلطان بن خليفة (نجل رئيس الدولة) وعدداً من أنصاره تحت الإقامة الجبرية، وذلك بعد سريان معلومات عن إحباط محاولة انقلابية قبل أيام، قام بها الابن ضد أبيه المريض، بدعم من أخواله الأقوياء وبعض المؤسسات المحسوبة على بعض مراكز القوة في البلاد”.

دوافعُ ومخططاتُ محمد بن زايد

وقد يتساءل البعضُ عن الأسباب والدوافع التي قادت محمد بن زايد للانقلاب على أخيه رغم امتلاكه كُلّ مفاتيح المال والسلطة في البلاد، تقول صحيفة “ذا دايلي” الأوروبية نقلاً عن مصدر مقرب من العائلة الحاكمة في أبو ظبي رفض الكشف عن اسمه، في مقالٍ لها نشرته في وقتٍ سابق، “إن الشيخ محمد بن زايد يملك طموحاً كبيراً بجعل الإمَـارَات السبع تذوب في إطار إمارة أبو ظبي وينتهي شيء اسمه سبع إمَـارَات وسبع أسر حاكمة، وذلك من خلال المشروع الذي أطلقه محمد بن زايد (البيت متوحد)”، وهنا أوضح مراقبون أن هذا المشروع هو بداية المعركة الحقيقية لتهميشِ دور باقي الإمَـارَات لتندمج رغماً عنها فيما بعدُ، ضمن الإمارة الكبرى أبو ظبي، متخليين عن سلطاتهم وامتيازاتهم؛ ليصبحوا مجرد موظفين تابعين لها.

مؤكدين أن استعجالَ محمد بن زايد لتتويجه رسمياً على عرش واحدة من أغنى دول العالم؛ ليكون مطلق اليد تماماً في تنفيذ أحلامه التي يقول البعض إنها ربما تهدد كيان دولةٍ حديثة التكون والنشأة، والتي قامت على جمع شتات قبائل متناحرة تأريخياً، وكانت حتى عهد قريب جزءً من سلطنة عمان، التي يكن لها ولحاكمها السلطان قابوس بن سعيد عداءً شديداً، خاصة بعد محاولة الانقلاب التي خطط لها بن زايد لقتل قابوس قبل سنوات، وتم فضحها وإفشالها قبل حدوثها من قبل الأجهزة الاستخبارية العمانية.

مشيرين إلى أن مشكلة هذا المشروع تكمن في إمارة دبي وقوتها بوجود محمد بن راشد، مما سيجعلها الأخيرة بين الإمَـارَات السبع التي سيتم إخضاعها، فبعد تسليم الإمَـارَات الست زمام الأمر لأبو ظبي سيكون وضع إمارة دبي محرجاً فإما الانضمام أو الانفصال، وحتى لو اختارت الانفصالَ فإن أبو ظبي لن ترفُضَ ذلك.

مبررين أن المواطن الإمَـارَاتي في السابق كان يستطيع اختيار مكان إقامته والغالبية كانوا يختارون لهم بيتاً في أبو ظبي؛ لأن مرتبات حكومة أبو ظبي ودبي تختلف اختلافاً كبيراً عن بقية الإمَـارَات الخمس الأخرى، ومؤخراً صدر قانون بصرف بيت لكل مواطن ولكن في إمارته الأصلية ولا يحق له التنقل كما يريد، ما أثار حنق وغضب الكثير من مواطني تلك الإمَـارَات الخمس؛ لدفعهم طلب الانتماء إلى إمارة أبو ظبي من أجل الحصول على امتيازات هذه الإمارة، وحين يتم تنفيذ مشروع محمد بن زايد سيكون كُلّ مواطن متساوياً مع الآخر، وهذا ما سيشكل الضغط الأساسي على حكام تلك الإمَـارَات بالتسليم تلبيةً لاحتياجات المواطنين ومن ثم الانتقال تدريجياً لإقناع الأسر الحاكمة بالانضمام أو البقاء في مستنقع العجز المالي والغضب الشعبي.

ثمنُ المشروع

هذا المشروع حتماً لا بد أن يكونَ مدفوعَ الثمن؛ كونه بحاجة أساسية لدعمٍ دولي وهنا تساءل المراقبون ما هو الثمن الذي سيدفعه محمد بن زايد لتحقيق طموحاته تلك؟

وتفيد المعلومات التي سربها مصدرٌ مسئول رفض الكشف عن اسمه لموقع “جلوبال ريسيرش” الكندي أن محمد بن زايد قرَّرَ الانخراط في المشروع الأمريكي- الإسرائيلي في مقابل دعم الأخيرتين له بجعل أبو ظبي عاصمةً قويةً ذات قرار سيادي على المستوى الإقليمي، وهذه البطولة عشق محمد بن زايد أن يكون نجمها، فبادر إلى احتضان محمد دحلان وجعله مستشاره الخاص والمقرب بموجب أوامر إسرائيلية تلقّاها بعد اجتماع الموساد الإسرائيلي بدحلان في موسكو لتوجيه محمد بن زايد الذي أصبح ينفذ كُلّ ما يُطْرَح عليه من قبل دحلان وفق خارطة المشروع الأمريكي الإسرائيلي الذي يستهدف المنطقة برمتها.

وأوضَحَ المصدرُ للموقع الكندي، أن مشاركة الإمَـارَات في التآمر على الجيش المصري والسوري، ودورها المحوري والأساسي في تحالف العدوان على اليمن، ليس إلا إيعاز أمريكي إسرائيلي لمحمد بن زايد؛ لتنفيذ مخططاتهم في تمزيق وتدمير المنطقة، مقابل إيهامه أنه سيكونُ حاكمَ دولةٍ تتخطى قوتها دول المنطقة برمتها.

++++++

السعودية والإمارات توقعان اتفاقية اعتبرت انقلاباً على مجلس التعاون وغياب خليفة يضاعف الشكوك *

تواصل المملكة العربية السعودية تكديس التحالفات والاتفاقيات مع الدول الأخرى منذ انطلاق عاصفة الحزم، واتخذت اليوم خطوةً مع الإمَـارَات أثارت الكثير من التساؤلات، وسط غيابٍ مريبٍ لرئيس دولة الإمَـارَات الشيخ خليفة، وحضور غريب لولي عهده محمد بن زايد.

كما شهد مطلع هذا الأسبوع، توقيع اتفاقيةٍ بين البلدين تقضي بإنشاء “مجلس للتنسيق بين البلدين”، وجرى التوقيع عليها بحضور الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز وولي عهد الإمَـارَات محمد بن زايد.

وتعد هذه الاتفاقية مثيرةً للجدل وتساؤلاتٍ عدة، أولها عن حاجة السعودية والإمَـارَات إلى هذه الاتفاقية في ظل وجودهما أساساً على رأس مجلس التعاون الخليجي، والذي يفترض أنه يلبّي حاجة البلدين إلى التنسيق وأكثر من ذلك ومع دول المجلس كافة.

وهو ما اعتبره مراقبون تراجُعاً عن اتفاقية إنشاء مجلس التعاون في ظل تباين السياسات بين الدول الأعضاء وهي دول الخليج الست.

أما التساؤل الآخر فكان عن استمرار غياب الشيخ خليفة بن زايد عن المشهد الإمَـارَاتي والخليجي منذ انطلاق عاصفة الحزم وإمساك محمد بن زايد بزمام الأمور في الدولة.

*موقع المراسل نت