يحيي السنوار …القائد الذي ترجل وظلت روحه تقود
بقلم / عادل حويس
في مثل هذا اليوم من العام الماضي ترجل أحد أعمدة الثورة الفلسطينية وغابت ملامح قائد لم يكن يشبه سواه.
يحيى السنوار “أبو إبراهيم” لم يكن مجرد اسم في سجل قادة المقاومة بل كان روحا تسير بين الناس تحمل وجع الوطن وتنفث عزيمة لا تنكسر حتى في أحلك اللحظات.
اليوم تمر الذكرى السنوية الأولى لاستشهاده وما زال صدى صوته يتردد في أزقة غزة في سجون المحتل في وجوه المقاتلين وفي دعاء الأمهات. رجل لم تصنعه الأضواء بل صنعته السجون وأنضجته المعاناة وجعلت منه المقاومة أيقونة لا تغيب.
قضى السنوار أكثر من عقدين خلف القضبان لم يتزحزح خلالها عن موقفه لم يساوم ولم يهن. خرج من الأسر في صفقة “وفاء الأحرار” كمن يخرج من رحم الألم ليعود إلى قلب المعركة. لم يبحث عن موقع بل كان الموقع يسعى إليه. كانت نظرته ثابتة: لا حرية دون مقاومة ولا كرامة دون تضحيات.
حين اندلعت معركة “طوفان الأقصى” لم يكن مجرد قائد يتابع من بعيد بل كان في صلب الحدث مهندس القرار والمواجهة. حضر بشجاعة ووجه.. وصمد حتى لحظة استشهاده التي جاءت كما تليق بالقادة الكبار: هادئة في صوتها عنيفة في وقعها شاهدة على قصة رجل عاش من أجل وطنه ومات على عهده.
الغياب الجسدي للسنوار لم يطفئ حضوره في القلوب. لا تزال كلماته تتردد ووصاياه تحفظ وصورته ترفع في الميادين. لأنه لم يكن زعيماً عابراً بل رمزاً يجدد في الذاكرة معنى النضال ومعنى أن تكون فلسطينياً في زمن تتآكل فيه المعاني.
وفي حضرة الذكرى.. لا نرثيه بل نستحضره، نقرأه في عيون المقاومين في عزيمة الأسرى في عناد غزة في إصرار طفل يرشق حجراً وفي يد تقبض على الزناد. يحيى السنوار لم يمت، لأن الرجال من طينته لا يموتون بل يتحولون إلى نار تحت الرماد إلى فكرة تعيش وتكبر إلى عهد لا ينكث.
في ذكرى استشهاده نقول: لم تذهب بل سبقتنا. وتركت لنا ما يكفي من المعاني لنكمل الطريق.