مخلل الخيار.. كنز صحي تخبّئه نكهة الشبت وميزة البروبيوتيك
في عالم الأغذية المخمرة، يبرز مخلل الخيار ـ ولا سيما المخمر طبيعياً بالمحلول الملحي ـ بوصفه وجبة خفيفة غنية بالعناصر الحيوية، تجمع بين النكهة المميزة والفوائد الصحية العميقة. ورغم أنه يُعد من الأطعمة الشعبية منذ آلاف السنين، بدءاً من زمن كليوباترا التي قيل إنها تناولته ضمن طقوس العناية بجمالها، فإن حضوره اليوم لا يزال لافتاً، إذ يستهلك الأميركيون وحدهم أكثر من 5.2 مليون حبة سنوياً، ما يجعله جزءاً أساسياً من المائدة اليومية. وتؤكد الدراسات الحديثة وتصريحات الخبراء أن المخللات المخمرة طبيعياً تختلف جذرياً عن المعلّبة في الخل على رفوف المتاجر، إذ تحمل الأولى وفرة من البكتيريا النافعة “البروبيوتيك” التي تحسن توازن ميكروبيوم الأمعاء وتدعم صحة الجهاز العصبي وتخفف من اضطرابات القولون العصبي. وتوضح د. ماريلي أوبيزو من جامعة ستانفورد أن عملية التخليل بالمحلول الملحي تخلق بيئة غنية بكائنات دقيقة مفيدة تساهم في تعزيز وظائف الهضم وتقوية المناعة، وهو ما تؤيده اختصاصيات التغذية في “كليفلاند كلينك” اللواتي يشيرن إلى دور البروبيوتيك في تحسين المزاج وخفض مستويات القلق. وتتميز المخللات بترطيب عالٍ نظراً لاحتوائها على أكثر من 90% من الماء، إضافة إلى غناها بالبوتاسيوم الذي يدعم عمل العضلات ونقل الإشارات العصبية، فضلاً عن فيتامينَي K وE الضروريين لصحة العظام والرؤية ومقاومة الأكسدة. وقد اشتهر الرياضيون باستخدام عصير المخللات لتخفيف تقلصات الساق وتعويض الإلكتروليتات، في حين تشير الأبحاث إلى أن فيتامين K الموجود فيها يساعد أيضاً في تخفيف التشنجات. ومع ذلك، تبقى مسألة الصوديوم نقطة التوازن الأهم، إذ تحتوي حبة مخلل كبيرة على أكثر من ثلثي الحد اليومي الموصى به للبالغين، ما يجعل الاعتدال أساسياً خصوصاً لدى المصابين بارتفاع ضغط الدم. ولمن يبحثون عن خيارات صحية، تتوافر أنواع منخفضة الصوديوم تقلل المخاطر دون التنازل عن النكهة. وتقدم الأسواق الأميركية عشرات النكهات والأنواع، بدءاً من المخللات الحلوة المناسبة للسندويشات، ووصولاً إلى شرائح الخيار المخللة الحارة بنكهة الشبت الأكثر شهرة، والتي تعود جذورها إلى وصفات المهاجرين اليهود في القرن التاسع عشر. ويبقى الاختيار الأمثل للباحثين عن الفائدة الصحية هو المخلل “المخمر طبيعياً”، إذ يضمن الحصول على أعلى كثافة من البروبيوتيك. ومع تزايد ارتباط هذه البكتيريا النافعة بصحة الأمعاء والمزاج، يذهب بعض الخبراء إلى القول إن زيادة استهلاك البروبيوتيك قد تكون خطوة داعمة في تخفيف القلق والاكتئاب وتعزيز الرفاه العام.