أبو شهيد الجرادي.. القائد الذي أخمد فتنة ديسمبر ونكل بالعدو
أبو شهيد الجرادي.. القائد الذي أخمد فتنة ديسمبر ونكل بالعدو
تقرير ـ هاشم الأهنومي
شكل الشهيد حسن عبدالله الجرادي (أبو شهيد)، الذي وُلد أواخر ثمانينيات القرن الماضي في جمعة بني فاضل بمحافظة صعدة، رمزًا للصمود والقيادة العسكرية والتعبوية في مواجهة العدوان على اليمن، منذ صغره، حمل شعلة الثورة والوعي ، مستلهمًا دروس الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه) في مران، ليبدأ مسيرة حياته بكل شجاعة وإخلاص، مؤمنًا بأن الجهاد أغلى من كل شيء.
بدايات صمود وثورة
منذ نعومة أظافره، أظهر الجرادي تعلقًا بالعلم والمعرفة، لكنه وجّه حماسه لمواجهة الظلم والعدوان، فُصل من المدرسة بعد انطلاقه في التعبير عن وعيه الجهادي والصرخة، لينتقل إلى صنعاء ويواصل نشاطه من الجامع الكبير، حيث تفتحت عيناه على مجريات الثورة وتعلم استراتيجيات المقاومة والوعي الجماهيري، خلال تلك الفترة، تعرض للسجن بسبب نشاطه من قبل السلطة الظالمة آنذاك، لكنه واصل طريقه، وازداد إصرارًا على خدمة القضية والمشروع القرآني، مشاركًا في أعمال المدد وحماية مناطق صعدة، بما في ذلك مران وجرف سلمان، حيث خاض 80 يومًا من المعارك الشرسة، رغم صغر سنه.
الحرب الرابعة.. خطوات بطولية في جمعة بني فاضل
في الحرب الرابعة، كُلف أبو شهيد بالعودة إلى منطقته جمعة بني فاضل، فشق طريقه سيرًا على الأقدام لمسافة تزيد على 200 كم، متسلحًا بالعزيمة والإصرار، ومعه عشرات الأفراد، ليتمكن بسرية تامة من تنفيذ خطة تقطيع أوصال القوات المعادية المنتشرة في المنطقة وإجبارها على الانسحاب، ما جعل منه المسؤول العام عن حماية المنطقة.. قصفت السلطة الظالمة منزله بشكل مباشر، واستشهد 8 من أفراد أسرته، لكنه لم يثنه ذلك عن الاستمرار في مسيرته الجهادية، مؤكدًا أن الدفاع عن الحق أغلى من كل شيء، ليصبح نموذجًا حيًا للشجاعة والتضحية والإخلاص.
دور التعبئة والتوجيه الثقافي
كُلف أبو شهيد لاحقًا بالإشراف على محافظة تعز، حيث قاد فريقًا ثقافيًا لتعزيز الوعي الوطني والتعريف بمشروع المسيرة القرآنية، من خلال الحوار والمحاضرات والتحشيد الجماهيري، أسس حركة شباب العز، وسافر بين المديريات لتعزيز روح الصمود، مسهمًا في خلق بيئة وطنية جاهزة لثورة 21 سبتمبر.
قيادة المعارك الكبرى.. الساحل الغربي
مع بداية العدوان على اليمن في 26 مارس 2015، واجه أبو شهيد تحديات كبيرة في تفكيك مواقع المرتزقة في مختلف الجبهات، وبرز كقائد يمتلك خبرة عالية في إدارة المعارك، خاصة في جبل صبر واقتحام اللواء 35، أصيب بجروح بليغة في جبهة الجحملية، لكنها لم توقفه عن مواصلة العمل العسكري، حيث نُقل إلى جبهة البيضاء لمتابعة مهام التحشيد حتى نهاية 2017.
إخماد فتنة ديسمبر.. حنكة القائد
في 2 ديسمبر 2017، واجه أبو شهيد أخطر التحديات حين حاول العدو اللعب بأوراقه في صنعاء، بفطنته وحكمته، تمكن من إخماد فتنة ديسمبر خلال ثلاثة أيام فقط، محققًا نجاحًا كبيرًا في حماية المدنيين واستقرار العاصمة، ومثبتًا مكانته كقائد استراتيجي.
بناء القوات الخاصة.. تجهيز النخبة
بعد استشهاد قائد القوات الخاصة، تولى أبو شهيد مسؤولية إعادة بناء هذه القوات، فركز على تدريب المجاهدين عسكريًا وأخلاقيًا وقيميًا، ليصبحوا قوة نوعية في مواجهة العدوان، وفي مايو 2018، خلال معركة الساحل الغربي، حوّل القوات الخاصة إلى جحيم للأعداء، مؤكّدًا أن الإرادة اليمنية لا تُقهر أمام أي عدوان.
البطولات الأخيرة واستشهاد القائد
أصيب أبو شهيد بحمى شديدة لكنه أصر على التوجه إلى جبهة التحيتا، حيث حاصرته قطعان المرتزقة وأسر، ولم يعرف العدو أن أسيرهم هو قائد القوات الخاصة، قبل أن ينفذوا إعدامه بوحشية، فاقدين أحد أهم القادة الذين شكلوا رمزًا للشجاعة والتضحية والوطنية.
أبو شهيد.. صمود وإلهام للأجيال
شكل أبو شهيد الجرادي نموذجًا متكاملًا للقائد والمقاتل، الذي لم يعرف الخوف ولم يرضخ للتهديدات، جمع بين التخطيط العسكري والوعي والتحشيد، قدّم حياته وأفراد أسرته فداءً في سبيل الله، وأثبت أن الصمود والإرادة اليمنية قادرة على مواجهة العدو وأدواته.
رحيله لم يُنهِ إرثه، بل ترك رسالة خالدة لكل اليمنيين: الدفاع عن الأرض والوطن أسمى من كل اعتبار، وأن التضحيات الكبيرة هي الطريق نحو الحرية والسيادة، سيبقى مثالًا حيًا للصمود والتضحية، ملهمًا للأجيال في حماية وطنهم ووحدته.
