الجهاد ضرورة الوجود.. صراع الأُمَّــة مع المشروع الصهيوني صراع حقٍّ لا مساومة فيه


محمد فاضل العزي/ كاتب يمني

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ﴾.. إن الجهاد فريضة وجود، وضرورة بقاء، وخيار لا يسقط ما دامت الأُمَّــة مستهدفة في دينها وأرضها وكرامتها.

والصراع مع المشروع الصهيوني ومن خلفه أمريكا وبريطانيا ليس طارئًا ولا عارضًا، بل هو صراعٌ ممتدٌّ دمويٌّ إجرامي، عنوانه الواضح: إخضاع الأُمَّــة أَو كسرها، فإن لم تُكسر أُبيدت.

 

وما جرى ويجري في غزة شاهدٌ فاضح على هذه الحقيقة.

جرائم يندى لها جبين الإنسانية ومجازر تفوق الوصف: قصفٌ للأحياء السكنية، إبادة للأسر، استهداف متعمّد للأطفال والنساء، وتدميرٌ للمستشفيات، وقصفٌ لسيارات الإسعاف، وحصارٌ وتجويعٌ وتعطيشٌ جماعي، في واحدة من أبشع جرائم الإبادة الجماعية في العصر الحديث.

كُـلّ ذلك يُرتكب بدمٍ بارد، وبرعاية أمريكية مباشرة، وبسلاح بريطاني وغربي، وبغطاء سياسي وإعلامي وقح.

ولم يكتفِ العدوّ الصهيوني بذلك، بل مضى في سياسة الاغتيالات؛ اغتيال القادة، واستهداف الرموز، في محاولةٍ يائسة لكسر إرادَة المقاومة وقطع رأس المشروع التحرّري.

اغتيالات ممنهجة، جبانة، لا تستهدف إلا من وقفوا في وجه الطغيان، دفاعًا عن الأرض والعرض والكرامة.

وهذه السياسة ليست دليل قوة، بل علامة إفلاس وعجز أمام صمود شعبٍ أعزل إلا من إيمانه.

وفي لبنان، تتكرّر الاعتداءات الصهيونية، من خروقات وعدوان وقصف واغتيال، في محاولة لفرض معادلات بالقوة، وضرب كُـلّ من يرفع رأسه في وجه الاحتلال.

وفي كُـلّ مرة، يتأكّـد أن العدوّ لا يفهم إلا لغة الردع، ولا يرتدع إلا بالقوة، ولا يحترم إلا من يملك القدرة على المواجهة.

أما اليمن، فقد كان شاهدًا صارخًا على حقيقة المعسكر المعادي للأُمَّـة.

عدوان أمريكي بريطاني صهيوني، مباشر وغير مباشر، قصف، حصار، استهداف للبنية التحتية، ومحاولات تركيع شعبٍ بأكمله؛ فقط لأنه قرّر أن لا يكون تابعًا وأن يقول لا للهيمنة وأن يقف مع قضايا أمته، وفي مقدمتها فلسطين.

فتكشفت الأقنعة، وسقطت شعارات “حقوق الإنسان” و“القانون الدولي” تحت أقدام الطائرات والصواريخ.

هذه الجرائم مجتمعة تؤكّـد أن الصراع ليس مع كَيان احتلال فحسب، بل مع منظومة إجرامية عالمية تقودها أمريكا، وتنفذها بريطانيا، ويتقدمها كَيان الاحتلال كأدَاة متقدمة لضرب الأُمَّــة العربية والإسلامية وتفكيكها.

منظومة لا تستهدف جغرافيا بعينها بل تستهدف أي شعبٍ يرفض الخضوع وأية أُمَّـة تفكر في الاستقلال.

ولهذا كان قول الله تعالى حاسمًا: ﴿وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ استطاعوا﴾.

فمن يتوهم أن التنازل يجلب السلام، فغزة ترد عليه بالدم ولبنان يرد عليه بالنار، واليمن يرد عليه بالصمود.

إن ترك الجهاد لم يحمِ الأُمَّــة، بل عرّاها.

لم يجلب الأمن بل فتح أبواب المجازر.

ولم يصن المقدسات بل جعل الأقصى يُدنّس، وغزة تُباد، ودماء الأحرار تُغتال.

ولهذا جاء الأمر الإلهي واضحًا لا يقبل التأويل: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ﴾.

ومن هنا تتأكّـد قاعدة الطريق: ﴿وَلَا تَأْخُذْكَ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ﴾.

ستعلو أصوات النفاق، وستشنّ حرب إعلامية شرسة، وستُطلق تهم الإرهاب والتطرف، لكن الحقيقة لا تتغير: المقاومة حق والجهاد ضرورة والعدوّ هو العدوّ مهما غيّر أقنعته.

إن الأُمَّــة التي ترى أطفال غزة تحت الركام، وقادة المقاومة يُغتالون، ولبنان يُقصف، واليمن يُحاصر، ثم تختار الصمت أَو الحياد، إنما تختار الهزيمة.

أما الأُمَّــة التي تفهم طبيعة الصراع، وتتحَرّك على أَسَاس الجهاد الشامل: وعيًا، وموقفًا، وبناء قوة، ومواجهة إعلامية وعسكرية، فهي أُمَّـة لا تُكسر.

هذا صراع حق مع باطل، ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أي مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾.