سوق الخميس يتحول إلى منصة أمل… أطفال دار الأيتام يعرضون إبداعاتهم ويتعلمون طريق الاعتماد على الذات
في مشهد إنساني لافت، تحوّل سوق الخميس في صنعاء إلى مساحة حقيقية لتمكين أطفال دار الأيتام، حيث لم يقتصر الأمر على عرض منتجات بسيطة، بل تعدّاه إلى تجربة تعليمية متكاملة تعلّم الأطفال معنى العمل، وقيمة الجهد، وأساسيات الاعتماد على الذات منذ سن مبكرة. المبادرة التي أطلقتها دار الأيتام جاءت كخطوة عملية لربط الأطفال بالمجتمع مباشرة، عبر مشاركتهم الأسبوعية في السوق وبيعهم منتجات يدوية ومأكولات محلية أعدوها بأنفسهم.
القائمون على المبادرة أوضحوا أن الفكرة انطلقت بتعاون تربوي وتنموي هدفه كسر الحاجز بين الطفل اليتيم وواقع الحياة العملية، وتعويده على التفاعل مع الناس ومواجهة التحديات بثقة. وقد أظهرت التجربة منذ أسبوعها الأول نجاحًا واضحًا، إذ أبدى الأطفال حماسًا كبيرًا للتعلم والمشاركة، وتفاعلوا بإيجابية مع أجواء السوق، سواء في عرض المنتجات أو التعامل مع الزبائن.
المنتجات المعروضة تنوعت بين مأكولات شعبية وحلويات خفيفة أُعدّت من مكونات محلية، بمساندة الأمهات البديلات والعاملات في الدار، في إطار تدريب عملي يجمع بين التعلم والإنتاج. ولم يكن الهدف تحقيق الربح بقدر ما كان التركيز على غرس مفاهيم أساسية لدى الأطفال، مثل العمل الجماعي، إدارة الوقت، فهم قيمة المال، وبناء الثقة بالنفس.
ورغم الصعوبات التي واجهت المبادرة في بداياتها، خصوصًا مع صغر سن المشاركين، إلا أن الدعم المستمر والتوجيه اليومي أسهما في تجاوز تلك التحديات، وانعكس ذلك بشكل واضح على سلوك الأطفال وشخصياتهم، حيث بدت عليهم مظاهر النضج والمسؤولية. كما حظيت المبادرة بتفاعل مجتمعي واسع، إذ أبدى الزبائن دعمهم وتشجيعهم للأطفال، ما عزز شعورهم بالانتماء والفخر بما يقدمونه.
وتأتي هذه الخطوة ضمن رؤية أوسع تسعى دار الأيتام من خلالها إلى الانتقال من مفهوم الرعاية التقليدية إلى التمكين والإنتاج، عبر برامج تدريبية في مجالات مهنية متعددة، بهدف إعداد الأطفال لمستقبل مستقل قائم على المهارة والعمل. المبادرة أكدت أن مسؤولية رعاية الأيتام لا تقع على عاتق المؤسسات وحدها، بل هي واجب مجتمعي مشترك، وأن دمجهم في الحياة العامة هو الطريق الأنجح لبناء جيل واثق وقادر على الاعتماد على نفسه.