الانتقالي يطيح باتفاق الرياض ويعيد رسم المشهد الجنوبي بخطوات أحادية


تسارعت التطورات السياسية في المحافظات الجنوبية والشرقية لليمن مع إعلان وزراء ومسؤولين في الحكومة الموالية للتحالف، اليوم الأحد، انحيازهم العلني إلى تحركات نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي عيدروس الزُبيدي، في خطوة وُصفت بأنها تمزيق فعلي لآخر ما تبقّى من “اتفاق الرياض”. وجاء هذا التحول بعد سلسلة إجراءات تصعيدية نفذها المجلس الانتقالي الجنوبي، شملت السيطرة على قصور رئاسية في عدن وسيئون والمهرة، وفرض واقع جديد على الأرض عقب اجتياح حضرموت والمهرة مطلع ديسمبر الجاري.
وأفادت مصادر سياسية بأن عدداً من الوزراء والنواب أعلنوا انقلابهم على رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي، مؤكدين دعمهم لتحركات الزُبيدي، في مشهد يعكس انقساماً حاداً داخل بنية السلطة التي تشكلت برعاية سعودية. وذهب بعض المسؤولين، ولا سيما في وزارات الإعلام والشؤون الاجتماعية والعمل، إلى المطالبة صراحة بإعلان ما يُسمّى “دولة الجنوب”، في تصعيد سياسي غير مسبوق ينسف الشراكة التي قام عليها اتفاق الرياض، ويكشف عن انتقال الانتقالي من مرحلة المناورة إلى فرض الأمر الواقع.
وبحسب مراقبين، فإن هذه الخطوات تستهدف تكريس نفوذ الإمارات في الجنوب بعيداً عن التحالف بقيادة السعودية، التي خاضت الحرب على اليمن منذ مارس 2015 تحت شعار “استعادة الشرعية”. ويربط هؤلاء بين التحركات الميدانية الأخيرة وملف التطبيع، مشيرين إلى أن الزُبيدي لوّح في أكثر من مناسبة بإمكانية التطبيع مع “إسرائيل” وافتتاح سفارة للكيان في عدن في حال تنفيذ مشروع الانفصال، وهو ما يضيف بُعداً إقليمياً بالغ الحساسية للأزمة المتصاعدة.
وتتزامن هذه التطورات مع مغادرة رشاد العليمي قصر معاشيق في عدن إلى الرياض، ما عزّز التكهنات باتجاه الانتقالي لتشكيل حكومة من طرف واحد، خارج إطار “مشاورات الرياض” التي أفضت في أبريل 2022 إلى تشكيل مجلس القيادة الرئاسي عقب الإطاحة بعبدربه منصور هادي ووضعه تحت الإقامة الجبرية. ويرى مراقبون أن إنزال علم الجمهورية اليمنية عن القصور الرئاسية في عدن والمناطق الشرقية أسقط عملياً شركاء الانتقالي في الحكومة الحالية، وعلى رأسها حكومة سالم بن بريك، التي التزمت الصمت حيال تلك التطورات.
في المقابل، تُرجّح تقديرات سياسية تصعيداً سعودياً قد يتجاوز الضغوط الدبلوماسية إلى إجراءات عقابية مباشرة بحق قيادات الانتقالي الموالية للإمارات، بمن فيهم أعضاء في مجلس القيادة، على خلفية تجاهلهم مطالب الرياض بالانسحاب غير المشروط من حضرموت والمهرة. وتحدثت المصادر عن بوادر هذه العقوبات عبر إيقاف تصاريح دخول السفن إلى ميناء عدن، وتعليق ما تبقى من الوديعة السعودية.
وبينما يقود العليمي من الرياض حراكاً سياسياً مع سفراء الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي لفرض عزلة على الانتقالي، أبدت الأمم المتحدة رفضها لأي خطوات أحادية الجانب في حضرموت والمهرة، باعتبارهما ضمن النفوذ السعودي المباشر. وفي مؤشر إضافي على احتدام الصراع، كانت السعودية قد وجّهت رسالة عسكرية لافتة بقصف آلية لفصائل “العمالقة” التابعة للانتقالي في منطقة خشم العين بمديرية العبر شمال حضرموت، ما أسفر عن إصابة عنصر واحد وفق بيان لفصائل الانتقالي.