محرقة غزة مستمرة رغم وقف إطلاق النار.. جثامين محترقة وأعضاء مسروقة وركام يغطي الحياة
محرقة غزة مستمرة رغم وقف إطلاق النار.. جثامين محترقة وأعضاء مسروقة وركام يغطي الحياة
في مشهدٍ يفوق الوصف من البشاعة، يواصل كيان العدو الصهيوني ارتكاب أبشع صور الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، رغم مرور أكثر من شهر على إعلان وقف إطلاق النار.. فالمجازر لم تتوقف، والأنقاض تبتلع آلاف الشهداء، فيما تكشف الجثامين المسلّمة من قبل الاحتلال عن فظائع تقشعر لها الأبدان، من تعذيبٍ ودهسٍ وسرقةٍ للأعضاء البشرية، في جريمة مركبة تُضاف إلى سجلٍّ أسودٍ من الوحشية المنظمة.
حصيلة دامية تكشف زيف الهدنة
أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني إلى 69,179 شهيدًا و170,693 إصابة منذ السابع من أكتوبر 2023م، مؤكدةً أنّ العدو لا يزال يخرق اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ في 11 أكتوبر الماضي، إذ سقط منذ ذلك التاريخ 242 شهيدًا و622 جريحًا، فيما جرى انتشال 529 جثمانًا من تحت الركام في مختلف المناطق.
وأشارت الوزارة إلى أنّ عددًا كبيرًا من الضحايا ما يزالون تحت الأنقاض وفي الطرقات، وسط عجز فرق الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم بفعل استمرار القصف ومنع الاحتلال إدخال الآليات والمعدات اللازمة.
جثامين محرقة ونهشٌ وسرقة أعضاء
في جريمةٍ تهزّ الضمير الإنساني، كشف مدير عام وزارة الصحة في غزة الدكتور منير البرش أنّ الاحتلال سلّم أكثر من 315 جثمانًا لشهداء بعد أن نكّل بها بطرق وحشية، بينها جثث محروقة ومقطّعة ومنهُوشة بكلاب مدرّبة.
وأوضح البرش أنّ بعض الجثامين أُعدمت ميدانيًا بعد ربط أصحابها وتعذيبهم، فيما أظهرت عمليات التشريح سرقة أعضاء بشرية كالكلى والكبد والقرنيات بواسطة جرّاحين محترفين، مؤكّدًا أنّ ذلك يجري ضمن مخطط ممنهج لسرقة أعضاء الفلسطينيين من الشهداء والمعتقلين.
وأضاف أنّ طواقم الصحة دفنت حتى الآن 182 جثمانًا مجهول الهوية في مقابر مؤقتة، بعد التعرف على 91 فقط من أصل 315 تم تسليمهم عبر الصليب الأحمر، داعيًا إلى تحقيقٍ دولي عاجل لمحاسبة قادة العدو على جرائمهم ضد الإنسانية.
قصف متواصل ونسفٌ للمنازل رغم وقف النار
ورغم اتفاق وقف إطلاق النار، لا يزال جيش العدو يواصل عدوانه، حيث شنّ غاراتٍ عنيفة على أحياء الزيتون والشجاعية وخان يونس، مصحوبة بعمليات نسفٍ وتفجيرٍ للمنازل وإطلاق نارٍ كثيف شرق مدينة غزة.
وأفادت وكالة “وفا” بأنّ المسيرات الصهيونية لم تغادر أجواء القطاع، فيما تواصل المدفعية استهداف المناطق الشرقية في البريج والزنة وخان يونس، ما أدى إلى سقوط المزيد من الشهداء والجرحى وتدمير ما تبقى من منازل آمنة.
ويؤكد المراقبون أنّ هذه الخروقات المتواصلة ليست “استثناءات ميدانية”، بل سياسة ممنهجة لفرض أمرٍ واقعٍ جديد في القطاع، يقوم على تحويل غزة إلى مدينة أشباح لا تصلح للحياة.
70 مليون طن ركام و85% من البنية التحتية مدمرة
من جانبه، كشف المتحدث باسم بلدية غزة حسني مهنا أنّ المدينة تعرضت لدمار واسع غير مسبوق، طال 85% من البنية التحتية، بما في ذلك شبكات المياه والصرف الصحي والطرق والمرافق العامة.
وأوضح أنّ كمية الركام تجاوزت 70 مليون طن، فيما دمر الاحتلال 134 آلية خدمية، أي نحو 85% من أسطول البلدية، ولم يتبق سوى جرافة واحدة تعمل في ظروفٍ قاسية.
وأضاف مهنا أنّ تراكم أكثر من 260 ألف طن من النفايات في الشوارع والمكبات المؤقتة ينذر بكارثة بيئية وصحية، في ظل استمرار إغلاق المعابر ومنع دخول الوقود والمعدات الثقيلة.
وأشار إلى أنّ البلدية وضعت خطة طوارئ عاجلة لفتح الشوارع وإصلاح شبكات المياه والصرف الصحي، لكنها تواجه شللاً شبه كامل نتيجة الحصار الخانق والدمار الشامل.
الاحتلال يجهز على ما تبقى من الحياة
في ظل هذا الواقع المرعب، يحذّر المسؤولون والخبراء من أنّ ما يجري في غزة لم يعد مجرد عدوان عسكري، بل مشروع إبادةٍ شامل يستهدف الإنسان والأرض والبنية المجتمعية، تمهيدًا لتغيير ديمغرافي وسياسي يخدم المخطط الصهيوني الأمريكي في المنطقة.
فبينما يدفن الفلسطينيون جثامين أحبّتهم، ويبحثون عن بقية المفقودين تحت الركام، يستمرّ الاحتلال في حرمانهم من الماء والدواء والكهرباء والمأوى، لتتحول غزة إلى جرحٍ مفتوحٍ على صمت العالم، وإلى شاهدٍ حيّ على سقوط القيم الإنسانية والعدالة الدولية.
محرقة القرن تُدار بغطاء أمريكي
إنّ ما تشهده غزة اليوم هو استمرارٌ لسياسة القتل البطيء التي يمارسها العدو الصهيوني بدعمٍ أمريكيٍ مباشر، بعد أن فشل في تحقيق أهدافه الميدانية رغم حربٍ دامت عامين.
فوقف إطلاق النار لم يكن سوى خدعةٍ إعلامية لتبييض وجه الاحتلال أمام العالم، بينما تستمر الإبادة في الخفاء، ويُدفن آلاف الفلسطينيين تحت الركام في صمتٍ عالميٍ مريب.
وبينما يواصل الأحرار في اليمن ومحور المقاومة رفع الصوت عاليًا ضد هذه الجرائم، يثبت الشعب الفلسطيني من جديد أنه أمةٌ لا تموت، وأن الدم المظلوم أقوى من سيف الطغيان.
موقع 21 سبتمبر الاخباري.