مطار عدن .. بوابة السفر التي تحولت إلى فخّ للمسافرين
لم يعد مطار عدن الدولي مجرد بوابة عبور إلى العالم بالنسبة لليمنيين، بل أصبح لدى كثيرين مرادفاً للخوف والترقّب، فبين جدرانه ونقاط تفتيشه، تتوارى حكايات عشرات المسافرين الذين تحوّلت رحلاتهم إلى كوابيس من الاعتقال والإخفاء القسري على أيدي مليشيات مدعومة من دول تحالف العدوان، في مشهد يعكس مدى الفوضى الأمنية والانفلات الذي يعيشه الجنوب المحتل، وخصوصاً محافظة عدن.
يتناول هذا التقرير ما يجري داخل مطار عدن المحتلّ، حيث تشير شهادات وتقارير حقوقية إلى أن المطار لم يعد مجرد مرفق مدني، بل تحول إلى فخٍ للمسافرين الذين يُعتقل بعضهم فور وصولهم أو مغادرتهم، استناداً إلى الهوية أو الانتماء المناطقي.
يُظهر التقرير كيف تُمارس هذه الاعتقالات من قبل ميليشيات مدعومة من تحالف العدوان ، في إطار ما يصفه مراقبون بأنه مخطط ممنهج لضرب الاستقرار في عدن وإشعال الأوضاع مجدداً.
على مدار السنوات الماضية، ظل مطار عدن شريان الحياة الوحيد لليمنيين بعد توقف معظم مطارات البلاد بسبب العدوان والحصار. غير أن هذا الشريان بدأ يتحول إلى منطقة خطر.
تؤكد شهادات من أسر محتجزين أن أبناءهم اعتُقلوا مباشرة عند بوابة المطار، بعد عودتهم من رحلات علاجية أو عمل، دون أي تهم واضحة.
وتكشف تقارير صادرة عن منظمات محلية ودولية أن عمليات الاعتقالات تتم بشكل انتقائي، حيث يُستهدف القادمون من مناطق شمالية أو من محافظات بعينها، في انتهاك صريح لحق التنقل الذي تكفله القوانين المحلية والاتفاقيات الدولية.
الاعتقال يبدأ عند ختم الجواز
بحسب وثائق صادرة عن منظمة حقوقية، اعتُقل سبعة مواطنين في 27 مارس من العام الماضي فور وصولهم إلى مطار عدن، ثم نُقلوا إلى سجن بير أحمد سيئ السمعة، دون محاكمة أو السماح لعائلاتهم بالتواصل معهم.
تقول إحدى الأسر إن نجلها اختفى بعد مكالمة قصيرة من المطار، ثم تبيّن لاحقاً أنه محتجز منذ أشهر في سجن تشرف عليه قوات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، الممولة من الامارات .
منظمة دولية وثّقت أوضاعاً مروّعة داخل مراكز الاحتجاز في عدن، ووصفتها بأنها أماكن مكتظة ومليئة بالانتهاكات، يُحتجز فيها الناس بلا تهم واضحة أو محاكمات، وتشير المنظمة إلى أن هذه المراكز تدار من قبل مليشيات لا صلة لها بأي جانب أمني رسمي وتتلقى توجيهاتها من حهات خارجية
مطار مدني .. تحت قبضة الميليشيات
يقول مراقبون إن السيطرة الفعلية على المطار انتقلت إلى تشكيلات مسلحة تُعرف بقوات الحزام الأمني وأمن عدن، وهي مجموعات موالية للمجلس الانتقالي الجنوبي الممولة إماراتياً، هذه القوات، بحسب تقارير الأمم المتحدة، تدير شبكة من السجون غير الرسمية أبرزها سجن بير أحمد، حيث يُنقل العديد من المعتقلين الذين يُقبض عليهم في المطار أو في نقاط التفتيش المحيطة به.
وتفيد المعلومات بأن عدد المحتجزين هناك تجاوز 800 شخص، بعضهم لم يُعرض على أي جهة قضائية منذ سنوات ولم يواجهوا بأي تهمة حتى الآن.
اعتقالات على الهوية
تبدو دوافع الاعتقال، كما تشير المعطيات، سياسية ومناطقية أكثر منها أمنية، إذ يُستهدف القادمون من محافظات الشمال، أو من الذين يشتبه بانتمائهم إلى جهات لا تتماشى مع نفوذ الميليشيات المسيطرة الخاضعة لسلطة الاحتلال، وكثير منهم لم يكن ذنبه إلا أنه أراد السفر إلى الخارج للعلاج بعظهم مات في السجن
ويرى محللون أن هذه الممارسات تأتي ضمن مخطط أوسع لإعادة رسم الخارطة الديموغرافية والسياسية في الجنوب، وإرسال رسالة مفادها أن المطار، بوصفه رمزا للسيادة، لم يعد تحت سلطة الدولة اليمنية، بل أصبح بوابة خاضعة للحسابات الإقليمية.
موقع يمانيون.