اليمن من الإسناد إلى التأثير.. عامان من الفعل الثوري يصنعان توازن الردع مع العدو الصهيوني

صنعاء التي كسرت الصمت وحوّلت البحر إلى جبهة نصرة لغزة


منذ اللحظة الأولى لعدوان الإبادة الصهيوني على غزة، لم يقف اليمن موقف المتفرّج، ولم يكتفِ بالشجب ولا بالإدانة كما فعل الآخرون، بل قرّر أن يختبر صدق الشعارات بالفعل، وأن يترجم مواقفه الإيمانية والقومية إلى معركة إسناد حقيقية تتجاوز الحدود والجغرافيا.
عامان من الزمن، كانت فيهما صنعاء تخوض حرباً مفتوحة ضد العدو الأمريكي–الصهيوني في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، لتتحوّل من جبهة إسناد إلى محور تأثير استراتيجي غيّر معادلات الحرب في فلسطين والمنطقة.

من القول إلى الفعل: اليمن يكتب فصلاً جديداً في معنى الانتصار

قلّ من يتجاوز المسافة بين القول والفعل في زمن الخذلان، لكن اليمن فعلها، وصاغ فعله بمداد الصدق والإيمان.
منذ انطلاق “طوفان الأقصى”، أعلن اليمنيون أن نصرتهم ليست موقفاً عاطفياً، بل واجباً دينياً وقراراً سيادياً، فتحوّل الإسناد إلى فعل مؤثر يُترجم في البحر والجو وعلى امتداد الجغرافيا.
لقد أثبت اليمن عملياً أن الصراع مع الكيان الصهيوني ليس مسؤولية الفلسطينيين وحدهم، بل قضية أمة، وأن التحرّك الميداني هو الاختبار الحقيقي للإيمان بالقضية.


البحر الأحمر يتحوّل إلى جبهة سيادية يمنية

أدركت صنعاء مبكراً أن جغرافيتها الاستراتيجية ليست عبئاً بل سلاحاً.. فمن خلال موقعها على باب المندب والبحر الأحمر، فرضت اليمن سيادتها الكاملة على خطوط الملاحة، وأغلقت ممرات السفن الصهيونية والمتعاملة معها، لتتحوّل تلك المياه إلى جبهة نضالية مفتوحة بقرار سيادي.
توقّف ميناء “إيلات” عن العمل بشكل كامل، وتحوّلت خطوط الملاحة العالمية إلى رأس الرجاء الصالح، فارتفعت التكاليف وتضاعفت خسائر العدو.
لقد أثبتت التجربة أن اليمن لا يمارس التضامن بالشعارات، بل بالقرارات التي تغيّر الجغرافيا والمعادلة الاقتصادية للعدو.


الحصار البحري اليمني.. ضربة اقتصادية في قلب الكيان

أكثر من (76) سفينة استُهدفت بشكل مباشر، بينها (25) سفينة إسرائيلية، من أبرزها “جلاكسي ليدر” التي سيطرت عليها القوات البحرية اليمنية في نوفمبر 2023م وسحبتها إلى ميناء الحديدة.
أُغلقت الممرات، وشُلّ ميناء “أم الرشراش”، وبدأ العدّ التنازلي لانهيار الشريان التجاري للعدو، لتتحوّل عملية الإسناد اليمنية إلى حصار اقتصادي خانق فشل العدو في تجاوزه حتى اليوم.
تحالف الغرب بأسره لحماية الملاحة الصهيونية، لكن اليمن أصرّ على موقفه: “من يتواطأ مع الإبادة في غزة، لن يعبر بحرنا بسلام”.


تشتّت الجهد الغربي وارتباك التحالف الأمريكي

في مقابل هذا الفعل الاستراتيجي، اضطرت أمريكا وبريطانيا إلى تحويل جزء كبير من قواتهما البحرية إلى البحر الأحمر، للدفاع عن السفن الإسرائيلية بدلاً من دعم العدوان على غزة، ما أحدث تشتيتاً واضحاً للجهد الغربي وأربك منظومات السيطرة الأمريكية.
ورغم مئات الغارات ومحاولات الاستهداف، فشل العدوان الأمريكي البريطاني في تحقيق أي من أهدافه، بينما ظلّت العمليات اليمنية تتصاعد كمّاً ونوعاً، حتى أجبرت واشنطن على استجداء صنعاء لخفض التصعيد مقابل السماح بمرور السفن الأمريكية فقط.


اليمن يصنع معجزة الردع بقدراته الذاتية

خلال عامين، قدّم اليمن أنموذجاً مدهشاً في التطوير العسكري الذاتي رغم الحصار.. فقد كشفت العمليات عن صواريخ فرط صوتية ومجنّحة وطائرات مسيّرة بعيدة المدى وصلت إلى عمق فلسطين المحتلة، من “تل أبيب” إلى “حيفا” و”بئر السبع” و”ديمونا”، وسط فشل ذريع لكل منظومات الدفاع الأمريكية والإسرائيلية من “باتريوت” إلى “القبة الحديدية”.
بلغ مجموع عمليات الإسناد أكثر من (1835) عملية ما بين صاروخية وبحرية وجوية، استخدمت فيها أنواع جديدة مثل “فلسطين 2” الفرط صوتي و”يافا” المسيّرة، لتُعلن ولادة توازن ردع جديد في المنطقة.


الزلزال العسكري والارتباك الداخلي في كيان العدو

ارتفعت صافرات الإنذار في “تل أبيب” و”يافا” و”إيلات”، وارتجف الكيان أمام واقعٍ جديد: أن شعباً محاصراً استطاع أن يخترق دفاعاته ويقصف عمقه.
لم يكن الأمر مادياً فقط، بل زلزالاً نفسياً وسياسياً واقتصادياً ضرب أسطورة “الأمن الصهيوني”، وولّد داخل الكيان حالة ذعرٍ عام، وانهيار في الثقة بين المجتمع والقيادة السياسية والعسكرية.
الضربات اليمنية قلبت معادلات الردع ودفعت المحللين الصهاينة للاعتراف بأن زمن التفوق الإسرائيلي انتهى.


الموقف الشعبي اليمني.. السند الذي لا ينكسر

ما كان لجبهة الإسناد أن تصمد لولا الحاضنة الشعبية الإيمانية التي جسدها الملايين في مسيرات أسبوعية، تجدد العهد لفلسطين وتبارك صمود غزة.
لقد شكّل هذا الموقف الشعبي الزخم الروحي والسياسي للقرار العسكري، وعبّر عن وحدة الشعب والقيادة في مواجهة المشروع الصهيو–أمريكي.
تحوّلت الساحات اليمنية إلى جبهة وعيٍ وصمودٍ موازيةٍ لجبهة القتال، تربط بين البندقية والهتاف، وبين الموقف والكلمة والرصاصة.


غزة واليمن.. وحدة الدم والمصير

ليست هذه العلاقة بين صنعاء وغزة طارئة أو تكتيكية؛ إنها تحالف روحي وعقائدي تجلّى في الميدان.
لقد أدرك اليمنيون أن مصير القدس يمر من صنعاء، وأن تحرير فلسطين يبدأ من كسر الهيمنة الأمريكية في البحر الأحمر.
عامان من الفعل، كتبا بالدم والكرامة أن الأمة لا تزال حيّة، وأن من آمن بالقضية لا يُهزم مهما اشتد الحصار.


اليمن.. سيف الأمة وضميرها الحي

اليوم، يقف اليمن على ضفاف البحر الأحمر شامخاً، يحمل راية العزة ويقول للعالم: إننا لا نُقاتل دفاعاً عن جغرافيا، بل عن مبدأ وكرامة وهوية.
حوّل البحر إلى ساحة سيادة، والسماء إلى ميدان ردعٍ حرّ، ورفع صوته ليُسمع من “تل أبيب” إلى واشنطن: “من صنعاء خرج القرار.. ومن غزة جاء الصدى: نحن لا ننكسر.”

موقع 21 سبتمبر الاخباري.