الحديدة تتزين احتفاءً بذكرى المولد النبوي الشريف


تقرير/يحيى كرد

ارتدت محافظة الحديدة حُلّة خضراء يانعة استعداداً لاستقبال ذكرى المولد النبوي الشريف للعام 1447هـ، حيث ازدانت شوارعها وأحياؤها بالأضواء واللافتات التي تعكس الفرح والبهجة بقدوم هذه المناسبة العطرة. مشاهد الزينة لم تقتصر على الشوارع الرئيسية فقط، بل امتدت إلى الأزقة الداخلية، وحتى واجهات المباني السكنية والتجارية، ما أضفى أجواء روحانية تبعث السكينة في النفوس وتوحد المشاعر حول حب النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم.

حراك رسمي وشعبي واسع

شهدت مدينة الحديدة خلال الأيام الماضية حراكاً غير مسبوق على المستويين الشعبي والرسمي، حيث بادرت المؤسسات والمكاتب  الحكومية بتنظيم فعاليات احتفالية، في الوقت الذي تسابق فيه الأهالي لتزيين بيوتهم وشوارعهم. هذه الأجواء جسدت حالة من التلاحم المجتمعي الفريدة التي ميزت الحديدة في مثل هذه المناسبات، وجعلت منها مدينة نابضة بالحياة والإيمان. المشهد العام يوحي بوعي جماعي عميق بأهمية المناسبة ومكانتها في قلوب اليمنيين.

أضواء خضراء تكسو المباني

المباني الحكومية والمؤسسات التعليمية والمستشفيات، إضافة إلى الجامعات، اكتست بالأضواء الخضراء التي تعكس رمزية الارتباط بالرسول الأعظم، بينما ارتفعت الأعلام واللافتات المضيئة لتشكل لوحات فنية على امتداد الطرقات. الليل في الحديدة لم يعد كعادته، فقد تحول إلى لوحة مضيئة بألوان الفرح والإيمان، تروي قصة ارتباط الشعب برسوله الكريم عبر مظهر بصري يأسر القلوب ويشد الأبصار.

جداريات وعبارات إيمانية

لم يقتصر التزيين على الأضواء، بل امتلأت جدران الأسواق والأحياء الشعبية بجداريات فنية، رسمها شباب موهوبون جسدوا فيها القيم النبوية ومعاني الرحمة والتسامح. كما علّقت لافتات تحمل عبارات إيمانية مثل “محمد رسول الله” و”لبيك يا رسول الله”، ما أضفى على الأحياء طابعاً روحياً متفرداً. هذه الجداريات لم تكن مجرد ألوان على الجدران، بل رسائل حيّة تعبّر عن مكانة النبي في قلوب اليمنيين وتجسد حبهم العميق له.

أمسيات خطابية وثقافية

تواصلت الفعاليات الثقافية والخطابية في مختلف المؤسسات والهيئات والمراكز، حيث امتلأت القاعات بالحضور الذين استمعوا لمحاضرات عن سيرة النبي العطرة. الكلمات التي ألقيت استعرضت دروساً إنسانية خالدة، وأكدت أن الاقتداء بالرسول يمثل طريق الأمة للخروج من أزماتها. الحضور كان متنوعاً، شمل مسؤولين وأكاديميين ومثقفين وطلبة، ما عكس حالة من التفاعل الواسع مع هذه الأمسيات التي تحولت إلى فضاءات جامعة للوعي والمعرفة.

استحضار الدروس النبوية

المتحدثون في تلك الأمسيات ركزوا على الدروس التي يمكن أن تستلهمها الأمة من حياة الرسول الكريم، بدءاً من قيم الصدق والأمانة والعدل، وصولاً إلى مبادئ الرحمة والتكافل. الحاضرون وجدوا أنفسهم أمام فرصة حقيقية للتأمل في سيرة قائد غير مجرى التاريخ الإنساني بأخلاقه وعدله، وهو ما جعل الكلمات تلقى صدى كبيرا في نفوس الحاضرين الذين أكدوا أن الاقتداء بالرسول ليس مجرد شعار، بل ضرورة حياتية ومجتمعية.

مبادرات شعبية للتكافل

المبادرات الشعبية لم تتأخر عن المشاركة، إذ بادرت أسر وشباب ومؤسسات مجتمعية للتجهيز والاستعداد لتنظيم حملات توزيع مساعدات غذائية على الأسر الفقيرة والمحتاجة. موائد الإفطار  سيتم إقامتها  في عدد من الأحياء لتجسيد قيم الإيثار والتكافل التي دعا إليها الإسلام. مثل هذه المبادرات أعادت إلى الأذهان صورة المجتمع اليمني المتماسك الذي يواجه تحدياته بالصبر والتكافل، مؤكدة أن ذكرى المولد النبوي تتحول دائماً إلى مناسبة لتعزيز الروابط الاجتماعية.

مشاركة المدارس والجامعات

المدارس والجامعات بدورها أحيت المناسبة عبر فعاليات طلابية متنوعة شملت إذاعات صباحية ومسابقات ثقافية وأمسيات إنشادية. الطلاب عبروا عن حبهم للنبي الكريم من خلال أناشيد وقصائد ورسومات فنية جسدت القيم المحمدية. في بعض الجامعات تستعد  لنظم فعاليات و معارض طلابية تشكل  لوحات ومجسمات عن السيرة النبوية،

دور بارز للمرأة

المرأة اليمنية حضرت بقوة في الفعاليات، إذ نظمت الفعاليات  والدروس الدينية داخل المؤسسات النسوية والمدارس والمراكز المجتمعية. التي  ركزت على إبراز القيم التربوية للنبي الكريم ودور المرأة في غرسها في نفوس الأبناء. كما يستعد   النسائي للمشاركة في  المبادرات الخيرية من خلال إعداد وجبات جماعية وتوزيعها على المحتاجين، ما أظهر دورهن الحيوي في ترسيخ قيم الرحمة والعطاء داخل المجتمع.

فرحة الأطفال

الأطفال، ببراءتهم وعفويتهم، أحد أبرز ملامح الاحتفالات، إذ يستعد الكثير منهم لارتداء الملابس التقليدية، الجدبدة وحمل الأعلام الخضراء، و المشاركة في الاحتفال عبر الأناشيد في المدارس والساحات. المعبرة عن حب الرسول وتعظيم مكانته. هذا الحضور الطفولي سيضفى أجواءً خاصة على الفعاليات، وجعل منها لحظة جامعة بين الماضي والحاضر والمستقبل.

إسهام الأحياء السكنية

الأهالي في الأحياء لم يكتفوا بالمشاهدة، بل شاركوا بفعالية في تجهيز شوارعهم وإضاءة منازلهم، فيما تعاون الشباب في تعليق الأعلام وتزيين الأزقة. مشهد الأحياء وهي متحدة على قلب واحد، يعكس عمق التلاحم المجتمعي حول المناسبة، ويؤكد أن هذه الذكرى أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الهوية الروحية والاجتماعية لسكان الحديدة.

المساجد منارات إيمانية

المساجد تحولت إلى مراكز إشعاع إيماني، حيث أقيمت فيها حلقات ذكر ومدائح نبوية، وازدحمت بالمصلين الذين حضروا للاستماع إلى الخطباء وهم يذكرون بسيرة النبي ودوره العظيم. الأجواء الروحانية التي عمت المساجد منحت الناس شعورا بالطمأنينة والسلام، وجعلت المناسبة تتجاوز كونها احتفالاً بصرياً إلى حالة إيمانية عميقة.

إعلام حاضر بقوة

وسائل الإعلام المحلية كانت في قلب المشهد، حيث خصصت مساحات واسعة لبث تقارير وبرامج عن المناسبة. الصور والمشاهد التي نقلتها الكاميرات من الشوارع والساحات أظهرت حجم التفاعل الشعبي الكبير. الإعلام يلعب دورا بارزا في نقل رسالة الحديدة إلى الداخل والخارج، مؤكداً أن المناسبة تحظى باهتمام استثنائي.

تفاعل الريف مع المناسبة

القرى والعزل في أرياف الحديدة لم تكن بعيدة عن أجواء الاحتفال، إذ شهدت هي الأخرى تزييناً بسيطاً لكنه مليء بالمعاني. الأهالي هناك نظموا فعاليات متواضعة عبر حلقات ذكر وأمسيات شعرية وإناشدية ، أثبتت أن المناسبة حاضرة في الوجدان الشعبي بمختلف مستوياته.

الزينة تمتد حتى 12 ربيع الأول
الاحتفالات والأنشطة لن تتوقف عند أيام محددة، بل ستستمر حتى ليلة الثاني عشر من ربيع الأول، حيث تبلغ ذروتها عبر مهرجانات وأمسيات كبرى يتوقع أن تشهد حضوراً واسعاً من مختلف المديريات. هذا الامتداد الزمني يعكس حرص الجميع على إحياء الذكرى بما يليق بمكانتها.

رسالة إيمانية للعالم

المظاهر التي تشهدها الحديدة لم تكن مجرد زينة أو فعاليات ثقافية، بل رسالة إيمانية للعالم أجمع، تؤكد أن الشعب اليمني متمسك بهويته الإيمانية ومبادئ نبيه الكريم. هذه الرسالة الموجهة للخارج تحمل في طياتها صورة حضارية عن اليمنيين الذين يواجهون التحديات بقوة إيمانهم وتعلقهم بسيرتهم النبوية.

إحياء يجسد الهوية اليمنية

الاحتفالات في الحديدة جسدت الهوية الإيمانية العميقة لليمنيين، وأكدت أن هذه المناسبة تمثل نقطة التقاء جامعة تتجاوز الخلافات وتوحد القلوب حول رسول الرحمة. إنها لحظة تؤكد أن حب النبي ليس مجرد شعور عابر، بل هو نهج حياة يتمسك به الشعب ويورثه للأجيال القادمة.

. محافظ الحديدة فعاليات شاملة

و أكد محافظ الحديدة عبدالله عبده عطيفي، أن فعاليات الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف تتواصل في عموم مديريات المحافظة وفق برامج وخطط مدروسة، بما يليق بعظمة المناسبة ومكانتها في قلوب أبناء اليمن.

وأوضح عطيفي أن التنسيق يجري على أعلى المستويات بين السلطات المحلية والمكاتب التنفيذية والجهات الخدمية لضمان إنجاح الفعاليات وإظهار الحديدة بحلة تليق بالمناسبة العطرة.

وأشار إلى أن برنامج الفعاليات يتضمن مظاهر الزينة وأمسيات وفعاليات وأنشطة ثقافية وتوعوية وإنشادية، وندوات وبرامج احسان وغيرها، بحيث تشمل مختلف المديريات والأرياف وتمتد حتى ليلة الثاني عشر من ربيع الأول.

ولفت المحافظ إلى أن المشاركة الشعبية الواسعة تؤكد عمق العلاقة الروحية بين أبناء الحديدة ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وتجسد قيم الوفاء والمحبة والالتزام بنهجه الكريم.

واعتبر مظاهر الفرح والبهجة التي تشهدها المحافظة تمثل رسالة إيمانية وروحية للعالم، تعكس تمسك اليمنيين بسيرة نبيهم واستعدادهم الدائم لإحياء هذه الذكرى العطرة بما يليق بمكانتها وقدسيتها.