إلی أين ستذهب جائحة كورونا بالعالم ؟

 

الجوف نت

تقرير

العالم يراقب أين ستحط الرحال به بعد جائحة كورونا التي عصفت به إلی زاوية ربما لم يكن ليرضی أن يتجه إليها .

نهاية الطغيان الأمريكي علی كل النواحي السياسية والإقتصادية قد بات واقعا بعد أن ظهر في الأفق أنه آيل للسقوط وزائل لا محالة .

منذ نهاية الحرب العالمية الثانية مرورا بالحرب الباردة وسباق التسلح إختفت تلك القوی التي كانت قد أفرزتها الحرب العالمية الثانية ليس كقوی وإنما إختفت قيمها وتلاشت في قيم الولايات المتحدة الأمريكية ، وأصبحت تابعة لها بطريقة أو بأخری ، وحتی الإتحاد السوفيتي الحارس القديم لقيم الشوعية واليسار عموما تفكك وساير القيم الأمريكية ولم يعد إلا ما تبقی من الدم بعد الذبح في عروق الإتحاد الروسي وريث الإتحاد السوفيتي ، ولم يعد لديه النفس المقاوم للإمبريالية الأمريكية إلا في حدود حماية مصالحه فقط ، ولم تعد تعنية البلدان والمجتمعات الأخری وأمنها واستقرارها وحريتها لا من قريب ولا من بعيد بعد أن أوصلت أمريكا المشاكل والصراعات إلی عقر دار روسيا نفسها ولم تسلم من تدخلات واشنطن علی كل المستويات .

إذن نحن مع حرب مصالح من نوع جديد وبالذات مع بكين الصاعدة للتو إلی المربع الأول في قمة هرم العالم ، أمريكا وفي بداية إنكماشها الإقتصادي الذي فرضته جائحة كورونا قلصت من تواجدها علی الأقل في منطقة الشرق الأوسط ، وخففت من نبرة استعداء سكان المنطقة وهو ما يوحي بأن وراء الأكمة سر لا يعلمه إلا الله وحده وإدارة أمريكا نفسها ، وسيظهر عما قريب خاصة بعد أن ظهرت علامات أو قراءات أولية لذلك الإنكفاء علی الذات .

الصين بلد غامض أمام العالم لكنه كان قبل عدة عقود منفتح جدا علی الثقافة الغربية وبالذات أمريكا واستطاع كبلد أن يطور ذاته ويرفع من شأنه كبلد صناعي في المقام الأول ، وهو ما يطفو علی السطح في الوقت الحاضر أما من ناحية القيم والأخلاق والثقافة فلم يظهر شيئ حتی الآن عدا ما يقوله أعداء الصين وهو ليس حجة ولا قيمة له .

نحن العرب كالطرشان وسط الزفة وننتظر فقط ولا نستطيع أن نحرك ساكنا ، فالصراع الجديد هو في التكنولوجيا وحرب النجوم وإن كان المهزوم هو أمريكا ومن معها فإن المتوقع من حكوماتنا الرشيدة هو التمسك بواشنطن إلی آخر لحظة رغم أنها تحاول من الآن التخلص من عبئها بكل وسيلة .

يمكن للعرب أن يكون لهم ثقل في العالم الجديد بما يملكونه من ثروات وإمكانيات هائلة وإيجاد نوع من الندية مع الكبار ولو بحدوده الدنيا إن كنا واعين ونخرج من ثقل تركة المائة عام الأخيرة بحلول منطقية لكل مشاكلنا العالقة منذ مئات السنين ونستغل فترة الصراع الأمريكي الصيني لتطوير منظومة عربية وإسلامية لها قوة التأثير في العالم المستقبلي ، ونتجاوز الرجعية بكل جوانبها السيئة التي أثقلت كواهلنا منذ مائة عام ، إنها فرصة لرفض كل الإتفاقيات التي قسمتنا وألحقتنا بالغرب المستعمر ودمرت كياننا العربي والإسلامي الواحد .

يمكن أن نحتل عدة مقاعد في مجلس الأمن وأن نصدر أحكامنا علی كل المشاكل العالمية وأن نقول للصح صح وللخطأ خطأ بدل أن يستفرد بنا أعداءنا .

الخوف علی مستقبل العرب ليس من الخارج أيا كان ، لكن الخوف من عدم وجود الرغبة لدينا في الإنعتاق والحرية بعد التبعية العمياء للغرب والعبودية له طيلة مائة عام مضت .

الوقت مناسب للعرب أن يرفضوا مابقي من التوجه الأمريكي في المنطقة سواءا تمثل ذلك في أشخاص أو في أفكار ويوحدوا جهودهم وقدراتهم وإمكاناتهم التي تفوق قدرات الصين وأمريكا مجتمعة ، وأن يبرزوا كقوة أولی في مختلف المجالات وأن يحيدوا نقاط الصراع وخلق الأزمات المصطنعة ، وأن لا يخافوا من الظهور بمظهر المعتد بنفسه وثقافته ودينه وقيمه حتی تسهل مهمتهم في المستقبل عند جميع الأمم التي هم موكولين بحماية العدل والقسط بينهم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، المسلمون ملزمون بهذا فهم الأمة الوحيدة التي تقوم منهجيتها علی العدل وهم الأمة القادرة علی تنفيذ ذلك واقعيا بدل انتظار العدالة من الشرق او الغرب الفاقد لأصولها والمفتقر إليها ذاتيا .