4700 طن من الأسلحة تصل سوريا عبر السعودية والأردن وتركيا

441
أبرمت دول أوروبا الشرقية صفقة سرية لنقل أسلحة بقيمة أكثر من 1 مليار دولار خلال السنوات الأربع الماضية، حسب تحقيق تم إجراؤه.

وبحسب “الغارديان” يتم إرسال آلاف البنادق الهجومية، وقذائف مورتر وقاذفات صواريخ وأسلحة مضادة للدبابات ورشاشات ثقيلة، عبر خط جديد للتسليح، من البلقان على شبه الجزيرة العربية والدول الحدودية مع سوريا.
وأغلب الظن أن كثيراً من هذه الأسلحة تصل إلى سوريا مما يساعد في تأجيج الحرب المستمرة منذ 5 سنوات، وفقاً لشبكة البلقان للتحقيقات الصحفية ومشروع تقارير الفساد.
بيانات تصدير الأسلحة، تقارير الأمم المتحدة، تتبع الطائرات، وعقود أسلحة تم اكتشافها خلال تحقيقات استمرت عاماً، وتكشف كيف تم إرسال الذخائر من البوسنة، بلغاريا، كرواتيا، الجمهورية التشيكية، الجبل الأسود، وسلوفاكيا وصربيا رومانيا.
وتدين الجماعات الحقوقية إزالة السعودية من القائمة السوداء للأمم المتحدة.
ومنذ تصاعد النزاع السوري في 2012، وافقت الدول الثماني على إبرام صفقة أسلحة بـ 1 مليار يورو، مرسَلةً إلى المملكة العربية السعودية والأردن والإمارات وتركيا، وتعد هذه البلدان أسواق السلاح الرئيسية لسوريا واليمن.
في الماضي، لم يكن للمنطقة أي سجل لشراء الأسلحة من وسط وشرق أوروبا، لكن يبدو أن المشتريات تصاعدت بعد أكبر الصفقات المعتمدة في 2015.
وتم منح تراخيص تصدير الأسلحة، رغم مخاوف الخبراء داخل الحكومات، من أن تنتهي الأسلحة في أيدي المعارضة المسلحة في سوريا، ويمكن القول إن في ذلك خرق للاتفاقات الدلية للاتحاد الأوروبي.
تم التعرف على الأسلحة والذخيرة القادمة من أوروبا من خلال الفيديوهات والصور التي نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تستخدم الآن من قبل مليشيات “الجيش السوري الحر” المدعومة من الغرب، ولكنها أيضاً في أيدي مقاتلين من الجماعات الإسلامية مثل “أنصار الشام” وداعش، وجبهة النصرة التابعة للقاعدة، وفصائل تقاتل في صفوف الدولة السورية، والقوات في اليمن.
ورداً على نتائج التحقيق، علق كل من باتريك ويكلن، باحث مراقبة الأسلحة في منظمة العفو الدولية، وبود ليفاليرو، المسؤولون عن تقارير الأسلحة في البرلمان الأوروبي، قائلين بأنه على الأقل بعض تحويلات الأسلحة خرقت قوانين الاتحاد الأوروبي والقوانين الدولية على صادرات الأسلحة.
ويقول ويكلن: “تشير الدلائل نحو تحويل منهجي للأسلحة إلى الجماعات المسلحة المتهمة بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان.”
ويضيف: “وإذا كان هذا هو الحال، فإن التحويل غير قانوني بموجب القانون الدولي ويجب أن يتوقف على الفور.”

منشأ الطريق التجاري

تم فتح خط نقل الأسلحة في شتاء 2012، عندما حُملت عشرات طائرات الشحن بأسلحة وذخيرة يوغوسلافية تم شراؤها من قبل السعودية، غادرت الشحنة مدينة زغرب الكرواتية متجهة إلى الأردن، وبعد فترة وجيزة، ظهرت الأسلحة الكرواتية في سوريا.
ونفت الحكومة الكرواتية باستمرار أي علاقة لها بشحن الأسلحة إلى سوريا، ولكن روبيرت ستيفن فورد، سفير الولايات المتحدة الأميركية في سوريا بين عامي 2011-2014، قال إن زغرب أبرمت صفقة أسلحة مع السعودية عام 2012.
كانت هذه هي البداية فقط، حيث أن تجار الأسلحة في أوروبا الشرقية كانوا يتوسطون عمليات بيع الأسلحة والذخائر من بلدانهم في أوكرانيا وروسيا البيضاء، وحتى محاولات تأمين أسلحة سوفيتية مضادة للدبابات تم شراؤها من المملكة المتحدة.
وصرّح كل من شبكة بلقان للتحقيقات الصحفية ومشروع تقارير الفساد، أن صفقة أسلحة وذخائر بقيمة 806 مليون يورو، تمت الموافقة عليها من قبل بلدان أوروبا الشرقية إلى المملكة العربية السعودية، نقلاً عن تقارير الأمم المتحدة ومصادر حكومية أخرى.
يقول الباحثون، إن الأردن حصلت على تراخيص تصدير بقيمة 155 مليون يورو في هذه الفترة، في حين استحوذت الإمارات العربية المتحدة على تراخيص بقيمة 135 مليون يورو، وتركيا 87 مليون يورو، وبذلك يصبح المجموع 1.2 مليار يورو خلال السنوات الأربع الماضية.
وفي وثيقة سرية حصلت عليها الجهات المسؤولة عن التحقيق، كشف مسؤول كبير في وزارة الدفاع الصربية مخاوف من أن الشحنات التي تصل إلى المملكة العربية السعودية قد تصل إلى سوريا.
جيريمي بيني، الخبير في تسليح الشرق الأوسط – قال: “إن الجيوش العربية في السعودية والأردن والإمارات العربية المتحدة وتركيا، تستخدم الذخيرة وأسلحة المشاة الغربية، وبالتالي يبدو من المرجح أن شحنات كبيرة من هذه المواد التي تحصل عليها تلك البلدان، يتم توجيهها إلى حلفائهم في سوريا واليمن وليبيا.”
يتم إرسال الأسلحة عبر البحر والجو، ومن خلال تتبع حركة الطائرات والسفن، تمكن القائمون على التحقيق من متابعة تدفق الأسلحة في الوقت الحقيقي.
وساعد تحليل مفصل لجداول المطارات الزمنية، وبيانات تتبع الرحلات، ومراقبة الحركة الجوية، على تحديد ما يقارب 70 رحلة، من المرجح جداً أنها كانت تحمل أسلحة للصراعات في الشرق الأوسط في العام الماضي.
رحلات الشحن التي تم تحديدها، كانت محملة بالأسلحة من البلقان إلى الأردن والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
وبرزت كل من بلغراد وصوفيا و براتيسلافا، كمحاور رئيسية للنقل الجوي، وأكدت هيئة الطيران الصربية أن 49 رحلة جوية كانت تنقل أسلحة.
وتوفر إحصاءات الاتحاد الأوروبي مزيداً من الأدلة على حجم العملية، فهي تكشف أن طائرات من بلغاريا وسلوفاكيا كانت قد حملت آلاف الأطنان من بضائع مجهولة منذ صيف 2014، إلى القواعد نفسها في السعودية والإمارات.
ويتم نقل السلاح براً إلى الحدود السورية أو إسقاطه هناك من طائرات عسكرية، وبحسب فورد، فإن المملكة العربية السعودية لديها تجربة سابقة في إسقاط المواد بالطائرات لحلفائهم في اليمن، بما في ذلك بنادق صربية الصنع.
يقول فورد: “كل البلدان المعنية بمساعدة المعارضة المسلحة تحتفظ بسلطة اتخاذ القرار النهائي حول أي المجموعات المقاتلة في سوريا يجب أن يتلقى الدعم.”
واشترت واشنطن أيضاً الأسلحة من شرق أوروبا، وسلحت المعارضة السورية بكميات كبيرة من العتاد العسكري، في محاولة منها لمكافحة انتشار داعش.
في كانون الأول 2015، غادرت ثلاث سفن موانئ البحر الأسود في منطقة البلقان، تم تكليفها بنقل الشحنة من قبل الجيش الأميركي – قيادة العمليات الخاصة (سوكوم)، المسؤولة عن الإمدادات العسكرية السرية للأسلحة إلى سوريا.
ووفقاً لوثائق الشراء وبيانات تتّبع السفن، فإن 4700 طن من الأسلحة، بما في ذلك رشاشات ثقيلة وقاذفات صواريخ وأسلحة مضادة للدبابات، وكذلك الرصاص وقذائف الهاون والقنابل اليدوية والصواريخ وغيرها من المتفجرات، قد وصلت إلى منشآت عسكرية في الأردن وتركيا من قبل بلغاريا ورومانيا وغادرت آخر سفينة استأجرتها الولايات المتحدة بلغاريا في 21 حزيران، وكانت تقلّ نحو 1700 طن من نفس المواد إلى مكان مجهول في ميناء البحر الأحمر.
وفي تصريح خاص لقيادة العمليات الخاصة فإن الذخائر هي لدعم العمليات الخاصة والبعثات في كل أنحاء العالم.
ويقول ويكلن، المسؤول عن تقارير الأسلحة في البرلمان الأوروبي: “على كل هذه البلدان أن توقف إرسال الأسلحة إلى الشرق الأوسط، لأن ذلك من شانه أن يؤدي إلى ارتفاع نسبة العنف وخرق قوانين حقوق الإنسان الدولية.”

المصدر: شام تايمز