الإيمان يمان.. شهادة نبوية تتجسد في زمن التخاذل والنفاق


تقرير /محسن علي

يُعد الحديث النبوي الشريف “الإيمان يمان والحكمة يمانية” أحد المفاهيم الأساسية التي يقوم عليها المشروع القرآني في اليمن، يمضي فيه الشعب اليمني بكل فخر وشموخ, وينظرون إليه كبرنامج عمل ودليل في زمن كشف الحقائق ,ووسام شرف نبوي ميزهم به الرسول الأكرم محمد صلوات الله عليه وآله على خصوصية الدور الذي يجب أن يضطلعوا به في كل مرحلة من مراحل الصراع مع قوى الباطل منذ صدر الإسلام وحتى اليوم, ونص مبارك يحمل في طياته رسالة حضارية وروحية عميقة عن دور الشعب اليمني في  نصر الإسلام و الأمة الإسلامية.

وفي السياق أولى السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي “يحفظه الله” والشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي “رضوان الله عليه” هذا النص النبوي أهمية قصوى، حيث استخدماه لتعريف الشعب اليمني بأصالته ومنطلق أساسي لتعزيز الهوية الإيمانية والتحشيد لمواجهة المشروع الصهيو-أمريكي.

 

تحليل الدلالة.. الإيمان في مقابل النفاق

يركز الشهيد القائد والسيد القائد على أن الحديث النبوي جاء في سياق مقارنة بين أهل اليمن وغيرهم، وخاصة أهل نجد، حيث وردت أحاديث تصف أهل نجد بأنهم “منبت قرن الشيطان” وكذلك دعوة النبي “اللهم بارك في يمننا وشامنا”.

 

معنى كلمة “الإيمان” في السياق القرآني والنبوي

كلمة “الإيمان” في اللغة العربية تعني التصديق والاعتقاد الجازم, لكن في السياق الإسلامي، تحمل الكلمة معنى أعمق وأشمل, فالإيمان ليس مجرد تصديق عقلي، بل هو حالة روحية شاملة تشمل الاعتقاد والعمل والسلوك, والقرآن الكريم يربط الإيمان بالعمل الصالح في آيات كثيرة: “إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات” لذلك عندما يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم “الإيمان يمان”، فإنه لا يقصد أن الإيمان موجود فقط في اليمن، بل يقصد أن أعظم تجليات الإيمان وأنقاها وأصفاها موجودة في اليمن وستظل ينبوع متدفق, واليمنيين هم حاملو الإيمان الحقيقي، الذي يجمع بين التصديق والعمل والسلوك, ولذلك فقد قال الشهيد القائد في إحدى محاضراته دروس من هدي القرآن” أنه لا يوجد في الإسلام إيمان لمجرد الإعتقاد, وإنما إيمان يبعث على العمل, والإيمان مواقف” وهذا التعريف يتطابق تماما مع التعريف الذي ورد عن الإمام عليه عليه السلام حيث قال “ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي وإنما ما وقر في القلب وصدقه العمل”.

 

دلالة كلمة “يمان” وسياقها الجغرافي والحضاري

كلمة “يمان” تشير إلى الجهة اليمنى، وفي السياق الجغرافي تشير إلى منطقة الجزيرة العربية التي تقع جنوب الحجاز, لكن في السياق النبوي، تحمل الكلمة دلالات أعمق من مجرد الموقع الجغرافي, فاليمن في الحديث النبوي ليست مجرد منطقة جغرافية، بل هي رمز حضاري وروحي, ولذا فإن فاختيار كلمة “يمان” بالذات له دلالة عميقة,في العربية، “اليمين” تعني الخير والبركة والقوة, كما أن الكلمة مشتقة من “اليمن” التي تعني البركة,فعندما يقول النبي “الإيمان يمان”، فإنه يقول: الإيمان هو البركة، الإيمان هو الخير، الإيمان هو القوة, واليمن هي أرض البركة والخير والقوة ولقد قالها صلوات الله عليه وآله بوضوح ” من هنا نفس الرحمن, وأشار إلى جهة اليمن.

ولذا فإن الحديث يؤكد على أن الإيمان بكل أبعاده – سواء كان إيمانًا عمليًا أو معرفيًا أو حضاريًا – مرتبط بشكل وثيق بالشعب اليمني وأرض اليمن, كل رواية تركز على جانب معين من جوانب الإيمان، لكنها جميعًا تصب في معنى واحد: أن اليمن هو منبع الإيمان والحكمة والعلم والفقه, وبذلك يشير رسول الله للأمة أن من يريد الإيمان الصافي الخالي من الشوائب فلينظر إلى اليمن .

 

الإيمان يمان..الخصوصية والمكانة

يوضح الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي,  أن وصف “الإيمان يمان” ليس مجرد إشارة إلى الموقع الجغرافي، بل هو إشارة إلى الاستعداد الفطري والعمق الروحي الذي يحمله أهل اليمن, ويربط الشهيد القائد بين هذا الحديث وبين سرعة استجابة اليمنيين لدعوة الإسلام على يد الإمام علي (ع) في جمعة رجب، مؤكداً أن الإيمان متجذر فيهم , في الوقت الذي يشدد السيد القائد على أن هذا الوصف النبوي هو “تزكية إلهية” للشعب اليمني، ويجب أن يكون دافعاً لهم ليكونوا في مستوى هذه الشهادة, ويرى أن الإيمان هنا يعني “الصدق في الولاء لله ورسوله والإمام علي وأعلام الهدى ” و”الثبات على الموقف الحق” في زمن الفتن , ويعد النص النبوي “محفز روحي” للتعبئة، وأن الشعب الذي وصفه النبي بالإيمان لا يليق به أن يتخاذل أو يستسلم للمحتل .

 

 الحكمة يمانية.. البصيرة في زمن الضلال

يفسر قائد الثورة السيد القائد عبدالملك الحوثي بأن “الحكمة اليمانية” على أنها “البصيرة والوعي” الذي يمكّن اليمنيين من التمييز بين الحق والباطل، وبين الصديق والعدو، في ظل التضليل الإعلامي والسياسي والتيه الفكري’ ويربطها بـ “المنهج القرآني” الذي يتبناه الشعب اليمني، والذي هو مصدر الحكمة الحقيقية , ويعرف الشهيد القائد رضوان الله عليه بأن الحكمة هي: وضع الشيء في موضعه,والقدرة على اتخاذ الموقف الصحيح” في الوقت المناسب، وهي ما جعل اليمنيين يرفضون الخضوع للمشاريع الخارجية ويتمسكون باستقلالهم وقرارهم السيادي وقبل ذلك تمكسهم بالثقلين كونهما وسيلة النجاة للأمة, فحين أطلقت أمريكا حملتها لاحتلال الدول العربية والإسلامية منذ العام 2002 تحت مزاعم محاربة الإرهاب , واجه الشهيد القائد هذا المشروع الإجرامي بالوعي والبصيرة ورفع شعار الصرخة في وجه المستكبرين, وفي حديثه حول هذا الموضوع دعا أبناء الشعب اليمني لرفع الصرخة في كل جمعة وكل اجتماع.. وقال : إنها هي الحكمة.

 

الدلالة العملية.. الإيمان في خندق الجهاد

يربط السيد القائد والشهيد القائد الحديث الشريف بالدور العملي والجهادي لليمنيين، مؤكدين أن الإيمان الحقيقي لا يكون إلا بالعمل والموقف , فالنسبة للجانب العملي في نظرتيهما الثاقبة من عمق القرآن يريان أن الإيمان يمان يعني أن اليمنيين هم “أهل النصرة” و”أهل العزيمة”، وأنهم يجب أن يكونوا في طليعة من يواجه الطغاة والمستكبرين، وأن تخاذل الآخرين لا يعفيهم من مسؤوليتهم الإيمانية , ويشددان على أن صمود اليمنيين في وجه العدوان والحصار هو التجسيد العملي لـ “الإيمان يمان”، وأن هذا الثبات هو ما يميزهم عن المتخاذلين الذين باعوا دينهم بدنياهم .

كما يربطان معاني الإيمان يمان بـ “الولاء لله ولرسوله والإمام علي وأعلام الهدى والبراءة من أعدائهم”، ويريان أيضا أن التولي لأمريكا وإسرائيل ومن شاكلتهم من أولياء الشيطان في هذه المرحلة ,هو نقيض الإيمان الذي وصف به النبي صلوات الله عليه وآله أهل اليمن ,كما يؤكدان أن الموقف اليمني في نصرة فلسطين وغزة هو “دليل قاطع” على صدق هذا الإيمان، وأن هذا الموقف هو الذي يحدد مصداقية الانتماء للإسلام , ويعتبران أن التعبئة العامة والنفير لمواجهة العدو هو “متطلب إيماني”، وأن من تخلف عن الجهاد فقد تخلف عن مقتضيات “الإيمان يمان” .

 

الأهمية في زمن التخاذل

يؤكد السيد القائد أن أهمية الحديث النبوي تضاعفت في المرحلة الراهنة، حيث أصبح اليمن هو “حامل لواء الإيمان” في مواجهة المشروع الصهيو-أمريكي, ففي نصرة فلسطين يرى السيد القائد أن الموقف اليمني تجاه فلسطين هو “الامتحان الأكبر” لصدق “الإيمان يمان”, ففي الوقت الذي تخاذلت فيه الأنظمة العربية، أثبت اليمنيون أن إيمانهم هو إيمان عملي وجهادي، وأنهم لا يخشون في الله لومة لائم , وبالنسبة لتحصين الهوية فيعتبر الحديث تحصين للهوية من الذوبان في المشاريع التغريبية التي تستهدف الأمة، وأن هذا الوصف النبوي يمنح الشعب اليمني “الثقة بالله” و”الافتخار بهذا الإيمان” في مواجهة الطواغيت وقوى الاستكبار والإجرام العالمي ,أما على مستوى النموذج والقدوة فيشدد على أن اليمن أصبح “نموذجاً حياً” لتجسيد الإيمان في الموقف والعمل، وأن هذا النموذج هو ما يجب أن تحتذي به الشعوب الإسلامية الأخرى للخروج من حالة الضعف والتبعية .

 

الإيمان يمان.. مسؤولية تاريخية متجددة

إن قراءة السيد القائد والشهيد القائد لحديث “الإيمان يمان” تتجاوز حدود التاريخ إلى صميم الواقع، محولةً إياه من مجرد فضيلة إلى مسؤولية تاريخية متجددة, إنه دعوة دائمة لليمنيين ليكونوا في مستوى هذه الشهادة النبوية ووسام الشرف النبوي الفاخر ، وأن يظلوا أهل الإيمان والحكمة والمواقف في زمن النفاق والضلال، وأن يواصلوا دورهم الريادي في نصرة قضايا الأمة ومواجهة المشروع الصهيو-أمريكي.

 

 

يمانيون.