حفنة فستق قبل النوم… عادة بسيطة تعيد ترتيب صحة الأمعاء وتكبح الالتهابات
في وقتٍ تتزايد فيه التحذيرات من آثار الوجبات الخفيفة المصنعة، يبرز الفستق الحلبي كخيار ليلي ذكي يجمع بين الطعم اللذيذ والفائدة الصحية، بعدما كشفت أبحاث حديثة عن دوره اللافت في دعم صحة الأمعاء وتقليل الالتهابات، خصوصاً عند تناوله في المساء بدلاً من الأغذية الغنية بالسكر أو الكربوهيدرات السريعة.
الفستق، الذي تحول في الأشهر الأخيرة إلى سلعة مطلوبة عالمياً مع تصاعد الإقبال على منتجات مثل “شوكولاتة دبي”، لا يكتسب شهرته من مذاقه فقط، بل من تركيبته الغذائية الغنية بالألياف والبوليفينولات ومضادات الأكسدة والبروتينات. هذه العناصر مجتمعة تشكل بيئة مثالية لازدهار البكتيريا النافعة في الأمعاء، وهي العامل الخفي الذي يؤثر في الهضم والمناعة وحتى الالتهابات المزمنة.
دراسة أجريت على 51 بالغاً، ونُشرت نتائجها في مجلة، أشارت إلى أن استبدال وجبة خفيفة مسائية غنية بالكربوهيدرات، مثل الخبز المحمص، بحفنة من الفستق الحلبي، يؤدي إلى تغييرات إيجابية في تركيبة بكتيريا الأمعاء، خصوصاً لدى الأشخاص الذين يعانون مرحلة ما قبل السكري. هذه التغييرات انعكست في زيادة البكتيريا المفيدة القادرة على إنتاج أحماض دهنية قصيرة السلسلة، مثل “البيوتيرات”، المعروفة بدورها في حماية بطانة الأمعاء وتقليل الالتهابات.
ولم تكن هذه النتائج معزولة، إذ أظهرت دراسة أخرى نُشرت عام 2023 في مجلة “Foods” أن الفستق الحلبي يتفوق على أنواع أخرى من المكسرات في تعزيز أعداد البكتيريا النافعة داخل الجهاز الهضمي. ويرى مختصون أن السر يكمن في محتواه العالي من الألياف، حيث توفر الحصة الصغيرة الواحدة قرابة ثلاثة غرامات من الألياف، وهي نسبة معتبرة من الاحتياج اليومي، إضافة إلى مركبات نباتية نشطة تعمل كغذاء مباشر للميكروبات الجيدة.
خبراء التغذية يلفتون إلى أن البوليفينولات ومضادات الأكسدة الموجودة في الفستق لا تعمل بمفردها، بل يتم استقلابها داخل الأمعاء بواسطة الميكروبيوم، ما يعزز نشاطه وتوازنه. كما أن الدهون الصحية والبروتينات تبطئ عملية الهضم، فتمنح الألياف وقتاً أطول للتخمر في القولون، وهو ما يزيد إنتاج المركبات المضادة للالتهاب.
اللافت أيضاً أن اختيار الفستق كوجبة ليلية يسهم في تقليل استهلاك السكر والملح، بعكس البسكويت ورقائق البطاطا، التي تحتوي غالباً على مواد مضافة قد تضر بتوازن الأمعاء. لذلك، يرى متخصصون أن إدخال حفنة من الفستق الحلبي في الروتين اليومي، سواء كوجبة خفيفة أو مكون في الأطباق، يعد خطوة بسيطة لكنها فعالة نحو جهاز هضمي أكثر صحة ومناعة أقوى.
في المحصلة، يبدو أن هذه الحبات الخضراء الصغيرة تحمل فائدة أكبر من حجمها، لتتحول من مجرد تسلية مسائية إلى عنصر داعم لصحة الأمعاء في زمن تتزايد فيه مشكلات الهضم والالتهاب.