إدانة ثقيلة تهز المشهد السياسي في إسلام آباد… السجن 17 عاماً لعمران خان وزوجته في قضية فساد
دخلت الأزمة السياسية في باكستان منعطفاً جديداً، بعدما أصدرت محكمة خاصة في إسلام آباد حكماً بالسجن 17 عاماً بحق رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان وزوجته بشرى بيبي، في واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل منذ إطاحته من السلطة. الحكم، الذي صدر بعد سلسلة طويلة من الجلسات، أعاد إشعال الجدل حول استقلال القضاء وحدود الصراع السياسي في البلاد.
وبحسب ما أُعلن رسمياً، أدانت المحكمة خان وزوجته في قضية فساد تتعلق بالاستحواذ على مجوهرات ثمينة مقابل مبالغ رمزية، واعتبرت ذلك خيانة للأمانة ومخالفة صريحة لقوانين مكافحة الفساد. القاضي الخاص المركزي شاه روخ أرجوماند أصدر القرار بعد نحو 80 جلسة استماع عُقدت داخل سجن أديالا، حيث يقبع خان منذ فترة على ذمة قضايا متعددة.
وتضمن الحكم إنزال عقوبة بالسجن 10 سنوات مع الأشغال الشاقة بموجب قانون العقوبات الباكستاني، إضافة إلى سبع سنوات أخرى وفق قوانين مكافحة الفساد، إلى جانب فرض غرامات مالية باهظة بلغت 16.4 مليون روبية على كل من عمران خان وزوجته. غير أن هيئة الدفاع سارعت إلى الطعن في شرعية الإجراءات، إذ قال محامي العائلة رانا مدثر عمر إن الحكم صدر من دون الاستماع إلى مرافعات الدفاع، معتبراً أن ذلك يشكل انتهاكاً واضحاً لمبادئ المحاكمة العادلة.
في المقابل، رفض حزب حركة الإنصاف الباكستانية، الذي يتزعمه خان، القرار بشكل قاطع، واعتبره حلقة جديدة في سلسلة ملاحقات ذات دوافع سياسية. الحزب وصف المحاكمة بأنها “مغلقة وغير نزيهة”، مشيراً إلى أن عقد الجلسات داخل السجن يحوّلها إلى ما يشبه “محاكمة صورية”، على حد تعبيره، تهدف إلى إقصاء خان نهائياً عن المشهد السياسي.
عمران خان، الذي يبلغ 73 عاماً، ينفي جميع التهم الموجهة إليه، ويؤكد أن القضايا المرفوعة ضده ليست سوى أدوات سياسية لعرقلة مسيرته ومنعه من العودة إلى السلطة. ومنذ عام 2023، يقضي خان أحكاماً متعددة بالسجن في قضايا فساد وأخرى، في وقت يرى أنصاره أن ما يجري هو تصفية حسابات سياسية مع نجم الكريكيت السابق الذي تحول إلى أحد أبرز الوجوه السياسية في البلاد.
أما زوجته بشرى بيبي، فقد أُدينت هي الأخرى بتهم تتعلق بالرشوة وتقضي عقوبتها في السجن نفسه، وسط قيود صارمة تمنعهما من اللقاء، باستثناء مثولهما أمام المحكمة. ويعيد هذا الواقع إلى الأذهان مرحلة ما بعد إطاحة خان من رئاسة الوزراء في أبريل 2022، عقب تصويت بحجب الثقة في البرلمان، وهي المرحلة التي شهدت اضطرابات واسعة واشتباكات بين أنصاره وقوات الأمن في عدة مدن باكستانية.
ومع صدور هذا الحكم، يزداد المشهد السياسي في باكستان تعقيداً، في ظل انقسام حاد بين من يرى في القرار تطبيقاً للقانون، ومن يعتبره دليلاً جديداً على تسييس القضاء واستخدامه أداة لإعادة رسم موازين القوى في البلاد، ما ينذر بمزيد من التوتر وعدم الاستقرار في الفترة المقبلة.