من ثمار ثورة 21 سبتمبر.. عامان من مجانية علاج الفقراء والمساكين في المستشفى الجمهوري بتمويل هيئة الزكاة

من ثمار ثورة 21 سبتمبر.. عامان من مجانية علاج الفقراء والمساكين في المستشفى الجمهوري بتمويل هيئة الزكاة


من رحم ثورة 21 سبتمبر التي وضعت الإنسان في قلب مشروعها الوطني، وكسرت قيود الوصاية والتبعية، انبثقت مبادرات خدمية وإنسانية جعلت من الدولة اليمنية الحديثة دولةً في خدمة المواطن لا عليه.. ومن أبرز تجليات هذا التحول التاريخي، المشروع الإنساني الرائد الذي أطلقه فخامة المشير الركن مهدي المشاط، والمتمثل في مجانية الخدمات الطبية في هيئة المستشفى الجمهوري بصنعاء، بتمويل وإشراف كريم من الهيئة العامة للزكاة، كأحد أعظم المشاريع التي أعادت للطب روحه وللدولة معناها.
فبعد عامين من هذا القرار الإنساني التاريخي، يقف اليمنيون أمام تجربةٍ فريدة تُترجم جوهر ثورة 21 سبتمبر، وتؤكد أن هذه الثورة لم تكن مجرد حدث سياسي، بل كانت ثورة لبناء الإنسان واستعادة كرامته وحقه في الحياة الكريمة.

قرار إنساني بحجم ثورة

حين أعلن الرئيس مهدي المشاط، في سبتمبر 2023، مجانية الخدمات الطبية للفقراء والمحتاجين في المستشفى الجمهوري، لم يكن ذلك قرارًا إداريًا عابرًا، بل خطوة ثورية في جوهرها، تجسّد رؤية الدولة الوطنية الجديدة التي انبثقت من روح 21 سبتمبر. لقد كان القرار تعبيرًا عن قيادةٍ تسمع نبض الشعب، وتعيش آلامه، وتدرك أن السيادة الحقيقية لا تُبنى فقط بالمدافع والصواريخ، بل أيضًا برفع المعاناة عن كاهل الفقير.
ومنذ لحظة الإعلان، تحوّل المستشفى الجمهوري إلى واحة إنسانية تستقبل آلاف المرضى من مختلف المحافظات، حتى من المناطق الواقعة تحت الاحتلال، ليجدوا في صنعاء الدولة التي تعالجهم بكرامة لا بفاتورة.

هيئة الزكاة.. ذراع الثورة في خدمة الإنسان

جاءت الهيئة العامة للزكاة، بقيادة الشيخ شمسان أبو نشطان، لتجسّد التطبيق العملي لركن الإسلام الثالث في أبهى معانيه. فبميزانيةٍ شهريةٍ تقارب 400 مليون ريال، وبإجمالي أربعة مليارات و800 مليون ريال سنويًا، تحوّلت الزكاة من أرقامٍ في الدفاتر إلى شفاءٍ على أسِرّة المرضى.
خلال عامين فقط، قدّم المستشفى الجمهوري أكثر من 5.3 ملايين خدمة طبية مجانية، استفاد منها 521 ألف مريض من الفقراء والمساكين، بتكلفة إجمالية تجاوزت 15 مليار ريال. وهذه الأرقام ليست مجرد إحصاءات، بل هي وجوهُ أملٍ وابتساماتُ شفاءٍ وحكاياتُ إنسانية تُروى كل يوم داخل أروقة المستشفى.

الطب يعود إلى أصله الإنساني

لم يعد العلاج في صنعاء حلمًا مستحيلًا كما كان في زمن الوصاية، بل أصبح حقًا مكفولًا لكل محتاج. آلاف العمليات الجراحية، مئات الآلاف من الفحوصات بالأشعة والتحاليل، مئات الحالات من الرقود والمعاينة اليومية، كلّها تُجرى دون مقابل.
وفي كل غرفةٍ من غرف المستشفى الجمهوري، تختصر قصةٌ حقيقية معاني الثورة: أبٌ من حضرموت أنقذ طفله من الموت بعد أن عجز عن تكلفة عمليةٍ في مناطق الاحتلال؛ امرأة من الضالع خرجت من غرفة العمليات دون أن تدفع ريالًا واحدًا؛ شيخٌ من إب وجد في صنعاء ما افتقده في مدينته: طبيبًا يرحّب به قبل أن يسأله عن المال.
هكذا عادت الطبابة في يمن 21 سبتمبر إلى معناها النبيل، وصار الطب رسالةً ورحمة، لا تجارةً وابتزازًا.

إدارة وطنية ورؤية إنسانية

بقيادة الدكتور محمد جحاف، رئيس هيئة المستشفى الجمهوري، تحوّلت الهيئة إلى نموذجٍ وطنيٍّ يحتذى به في الأداء والكفاءة. فقد توسّعت الخدمات لتشمل تخصصاتٍ نوعية جديدة، وأدخلت أنظمة رقمية حديثة، وتمّت توسعة السعة السريرية، ليصبح المستشفى مركزًا متكاملاً للرعاية الطبية المتطورة، رغم ظروف العدوان والحصار ونقص الإمدادات.
وفي المقابل، أثبتت هيئة الزكاة أنها ليست جهة مالية فحسب، بل مؤسسة دولةٍ تؤمن بأن الزكاة وسيلة بناءٍ وعدالةٍ اجتماعية، وليست مجرد صدقةٍ عابرة. لقد غيّرت الهيئة المفهوم العام للفريضة، فأصبحت الزكاة في يمن الثورة مشروعًا حضاريًا لتكافل المجتمع واستقلال قراره الاقتصادي والإنساني.

من مبادرة إنسانية إلى نهج وطني شامل

في الفعالية التي أقيمت بمناسبة مرور عامين على المشروع، أكّد وزير الصحة والبيئة الدكتور علي شيبان، أن التجربة أثبتت جدارتها وأنها ستُعمم على المستشفيات الحكومية في المحافظات، مشيرًا إلى التحضير لإنشاء مركزٍ لزراعة الكبد في المستشفى الجمهوري كنقلة نوعية جديدة.
بدوره، أوضح وزير الخدمة المدنية الدكتور خالد الحوالي أن المشروع يجسد جوهر ثورة 21 سبتمبر التي نقلت مؤسسات الدولة من موقع الجباية إلى موقع الرعاية، وجعلت من هيئة الزكاة نموذجًا حيًا للدولة التي تحكمها الرحمة لا المصالح.
أما رئيس هيئة الزكاة الشيخ شمسان أبو نشطان فأكد أن الزكاة اليوم تمس حياة الناس بشكل مباشر، من دعم المرضى والعمليات الجراحية إلى تمويل مشاريع كبرى مثل زراعة الكلى ودعامة الحياة، مشيرًا إلى أن الهيئة تستعد لإطلاق مشروع جديد بالتعاون مع شركات الأدوية لتخصيص نسبة من منتجاتها لصالح الفقراء والمحتاجين.

ثورة 21سبتمبر.. من تحرير القرار إلى بناء الإنسان

لم يكن هذا المشروع سوى واحدة من ثمار الثورة التي أعادت لليمن قراره المستقل، وحرّرت إرادته من الوصاية. فبفضل ثورة 21 سبتمبر وقيادتها الحكيمة، باتت الدولة قادرة على اتخاذ قرارات إنسانية خالصة، تعبّر عن وجدان الشعب وتلامس احتياجاته.
لقد أعادت الثورة تعريف معنى الدولة نفسها، فصارت دولة الرعاية لا الجباية، ودولة العدالة لا التبعية، ودولة الإنسان لا الاستبداد.
إن ما تحقق في المستشفى الجمهوري هو ثمرة نضالٍ ودماءٍ وتضحياتٍ قدّمتها ثورة 21 سبتمبر من أجل أن يعيش المواطن بكرامة، ويُعالج دون إذلال، ويثق أن دولته معه لا عليه.

نهجٍ جديد في إدارة الدولة

عامان من مجانية الطب في المستشفى الجمهوري لم يكونا مجرد تجربةٍ ناجحة، بل ميلادًا لنهجٍ جديد في إدارة الدولة اليمنية، حيث تتكامل القيادة الثورية، وهيئة الزكاة، والكوادر الطبية في صناعة نموذجٍ وطنيٍّ يُحتذى به.
إنها قصة انتصارٍ آخر لثورة 21 سبتمبر، التي لم تكتفِ بتحرير القرار السياسي، بل امتدت لتبني الإنسان وتعيد للطب روحه، وللدولة معناها، وللفقير حقه في الحياة الكريمة.
ومن رحم هذه الثورة، يولد كل يوم مشروع حياة، يُثبت أن يمن 21 سبتمبر يسير بثباتٍ نحو المستقبل، دولةً حرةً مستقلةً تُنفق من مالها الطاهر على أبناء شعبها، وتكتب بيدها معادلة السيادة والرحمة معًا.

موقع 21 سبتمبر الاخباري.