ثورة الـ14 من أكتوبر.. ذاكرة التحرر ومصير الغزاة واحد

ثورة الـ14 من أكتوبر.. ذاكرة التحرر ومصير الغزاة واحد


تحلّ بعد يومين ذكرى الرابع عشر من أكتوبر، الثورة اليمنية الخالدة التي أسقطت الاحتلال البريطاني من جنوب الوطن، وأعادت للشعب اليمني كرامته وسيادته بعد أكثر من قرن من الهيمنة والاستعباد.

وفي هذه المناسبة المجيدة، يجدد اليمنيون العهد على مواصلة درب الحرية ومواجهة كل أشكال الاحتلال والوصاية، مؤكدين أن مصير الغزاة مهما تغيّرت وجوههم سيبقى واحدًا: الرحيل المذل والهزيمة الحتمية.

السيد القائد.. ثورة تُغَيَّب لتُحَيَّا من جديد

يقول السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي حفظه الله في أحد خطاباته بمناسبة الذكرى، إن تغييب ثورة الرابع عشر من أكتوبر من الذاكرة الوطنية لم يكن صدفة، بل مؤامرة ثقافية وسياسية ممنهجة تقف خلفها الأيادي الأجنبية وأدواتها في الداخل، عملت تلك القوى على صياغة ثقافة الناس بما يتناسب مع استراتيجياتها الاستعمارية، وحرفت الوعي الجمعي عن مسار الجهاد والتحرر، مستغلة ضعف الأنظمة التابعة التي رأت نفسها غير معنية بالثورة ومبادئها، لأنها صنيعة الأجنبي لا صنيعة الشعوب.

ويؤكد السيد القائد أن المناهج التعليمية كانت أداةً رئيسية لهذا التغييب، بينما تمجّد بريطانيا وأمريكا كنماذج للدول المتحضرة التي ينبغي الاقتداء بها، حتى آيات الجهاد ومفاهيم المقاومة تم حذفها تدريجيًا من المناهج الدينية، فيما أصبح النفوذ الأمريكي هو الموجّه الأول للسياسات والأجهزة الأمنية، يحدد من هو العدو ومن هو الصديق.

كما يشير السيد القائد إلى أن القوى السياسية تسابقت نحو التبعية والارتهان للخارج، بحثًا عن نصيب من السلطة لا عن مشروع تحرري يخدم الوطن، وهكذا تحولت الثورة من منارة تحرر إلى مجرد ذكرى شكلية، حتى جاء المسار القرآني والمشروع الإيماني ليعيد إليها وهجها الثوري وروحها المقاومة.

واليوم، ومع اقتراب ذكرى الرابع عشر من أكتوبر، يظل إرث الثورة حيًا في الوعي الوطني، يلهم الأجيال لمواجهة أي غزو أو عدوان جديد.

ثورة الوعي والسيادة

لم تكن ثورة الرابع عشر من أكتوبر مجرّد انتفاضة مسلّحة، بل كانت تحوّلًا وطنيًا شاملاً عبّر عن وعي الشعب اليمني وإيمانه العميق بحقّه في الاستقلال.

فمن جنوب الوطن انطلقت صرخة الحرية ضد الاستعمار البريطاني، لتتحوّل إلى حركة تحرر وطنية أنهت عقودًا من القهر والوصاية، وأعلنت ميلاد اليمن الحرّ المستقل في الثلاثين من نوفمبر 1967م.

كانت تلك الثورة ثمرة إيمانٍ عميق بعدالة القضية، وإصرارٍ شعبي على أن الإرادة الحرة أقوى من سطوة المستعمر، وأن الشعوب لا تُقهر مهما امتلك العدو من قوة وسلاح.

المحتلّ يتبدّل.. والمشروع نفسه

يعود المحتلّ بثيابٍ جديدة وأدواتٍ مختلفة، تقوده أمريكا وبريطانيا وتنفّذه الأنظمة العميلة في الرياض وأبو ظبي، مستهدفًا الموانئ والجزر والثروات اليمنية، في محاولة لإعادة عقارب التاريخ إلى الوراء.

لكنّ اليمني الذي أسقط الاستعمار بالأمس، هو ذاته الذي يواجه اليوم العدوان بنفس الروح والصلابةـ لقد تغيّر شكل الغزو، لكن المشروع هو ذاته: نهب الثروات والسيطرة على القرار الوطني وتمزيق الوطن.

ومهما طال زمن العدوان، فإن النهاية ستكون تكرارًا لمشهد الرابع عشر من أكتوبر، حين رحل المحتل البريطاني تحت ضربات الأحرار، مدحورًا مكسورًا.

دروس الثورة.. وبصيرة الأجيال

من ثورة الـ14 من أكتوبر تتعلم الأجيال أن التحرر لا يُمنح بل يُنتزع، وأن النصر لا يصنعه السلاح فقط، بل الإيمان والوعي والتماسك الشعبي، لقد سطّر اليمنيون في تلك المرحلة ملحمة فداءٍ ما تزال تلهم المقاومين في كل زمان، لتقول للأجيال:

“إن من يمتلك الوعي والبصيرة لا يمكن أن يُهزم أمام أي غزو أو عدوان.”

واليوم، يترجم اليمنيون تلك الدروس في ميادين المواجهة مع الأعداء، مؤكدين أن إرث الثورة باقٍ في كل جبهة وصوت وموقف حرّ.

اليمن.. مقبرة الغزاة عبر التاريخ

تاريخ اليمن شاهد على أن هذه الأرض عصيّة على الاحتلال، فكما هُزم العثمانيون والبريطانيون من قبل، يُهزم اليوم تحالف العدوان الذي ظنّ أن بإمكانه إخضاع هذا الشعب.

فاليمن كانت وستبقى مقبرة الغزاة، تبتلع كل معتدٍ وتطهر نفسها من كل دخيل، مهما كانت قوته أو تحالفاته.

وعد الأحرار.. لا وصاية بعد اليوم

الاحتفاء بذكرى الـ14 من أكتوبر ليس مجرد طقسٍ وطني، بل هو عهدٌ متجددٌ بالوفاء للشهداء والمجاهدين الذين خطّوا بدمائهم طريق الحرية، ورسالةٌ واضحة لكل قوى الاستكبار بأن اليمن لن يقبل بالوصاية بعد اليوم.

وكما ارتفعت راية الاستقلال في نوفمبر 1967م، فإن راية التحرير الشامل سترتفع قريبًا من جديد، معلنةً نهاية كل احتلال وعدوان، وبداية فجرٍ جديدٍ من الحرية والسيادة والكرامة.

 

المصدر موقع 21 سبتمبر الاخباري