معركة العقوبات بين واشنطن وصنعاء .. النفط وقود الصراع


يبدو أن المعتوه ترامب لم يتعلم الدرس بعد من معركة البحر الأحمر، حيث غرق كبرياء واشنطن في مواجهة الإرادة اليمنية. توهّم الرجل أن سلاح العقوبات الاقتصادية، بما أنه لا يطلق الرصاص ولا يُحدث انفجارات، سيمرّ بصمت دون أن يستفزّ الجيش اليمني، غير مدرك أن اليمني لا يقبل أن يُمسّ لا بمدفع ولا بعقوبة ولا حتى بقرار جائر يُصاغ في مكاتب واشنطن الباردة.

لقد فشلوا مرارًا في قراءة طبيعة هذا الشعب، فاليمن لا يعرف الخضوع، ويملك من البدائل والخيارات ما يمكنه من الاقتصاص من أي يد تمتد إلى سيادته أو رزقه أو دمائه. فاليمن حاضر في كل الميادين، وكما انتصر اليمن على حاملات الطائرات والبوارج والفرقاطات الأمريكية سينتصر حتماً في معركة العقوبات بعد أن تمكن من بسط السيطرة الكاملة على البحرين الأحمر والعربي، وباتت صواريخه تصل إلى المحيط الهندي جنوباً والبحر الأبيض المتوسط شمالاً.

في 20 يونيو و22 يوليو و11 سبتمبر من العام 2025، صعّدت الإدارة الأمريكية عبر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) وفرضت عقوبات على عشرات الشركات والأشخاص اليمنيين، بقرارات متعجرفة تفتقد إلى أي مسوّغ قانوني سوى منطق القوة. لكن اليمن لم يتأخر في الرد، إذ خرج مركز تنسيق العمليات الإنسانية (HOCC) ليقلب الطاولة بقرار تاريخي، أعلن فيه فرض عقوبات مضادة على 13 كيانًا أمريكيًا و9 شخصيات نافذة واثنين من الأصول البحرية.

 

لا صوت يعلو فوق سيادة اليمن

بمنتهى الوضوح، أكد بيان مركز تنسيق العمليات الإنسانية HOCC أن هذه الكيانات والشخصيات لم تعد مجرد أسماء على الورق، بل هي أذرع مباشرة لانتهاك القرار الدولي الخاص بحظر تصدير النفط الخام الأمريكي (PD-05-25-001) الذي دخل حيّز التنفيذ في 17 مايو 2025 لقيامهم بتسهيل عمليات تصدير النفط الخام الأمريكي من الموانئ الأمريكية بشكل مباشر أو عبر وسطاء، أي أنهم كانوا يُصدّرون ثروات بلادهم في الوقت الذي يفرضون فيه حصارًا على الشعوب الحرة ويمنعونها من تصدير أو استيراد النفط لتغطية احتياجاتها المحلية.

 

شركات أمريكا العملاقة في قبضة الردع اليمني

لم تُستثنَ أي من عمالقة النفط الأمريكية. شركات بحجم قارات، تسيطر على مفاصل الطاقة في العالم، تجد نفسها فجأة على قائمة عقوبات بلد محاصر ومعتدى عليه:

ExxonMobil Sales and Supply LLC، شركة أمريكية، مقرها هيوستن – تكساس، الولايات المتحدة الأمريكية، تابعة لشركةExxon Mobil Corporation، تتولى ربط الإنتاج المحلي بالأسواق العالمية، وتسويق وتوزيع إنتاج شركةExxon Mobil من النفط الخام الأمريكي والمنتجات المكررة عالميًا، قامت بتسهيل تصدير ملايين البراميل من النفط الخام الأمريكي عبر عدد كبير من الشحنات.
Chevron Trading LLC، شركة أمريكية، مقرها سان رامون – كاليفورنيا، تابعة لشركةChevron Corporation، تقوم بتداول وتسويق النفط الخام والغاز والمنتجات المكررة، حلقة الوصل بين إنتاجChevron والأسواق العالمية، قامت بتسهيل تصدير ملايين البراميل من النفط الخام الأمريكي عبر عدد كبير من الشحنات.
Enterprise Products Operating LLC، شركة أمريكية بارزة في قطاع الطاقة الوسيط، مقرها هيوستن – تكساس، تابعة لشركةEnterprise Products Partners LP، تعمل في نقل وتخزين وتسويق النفط الخام والمنتجات البترولية، قامت بتسهيل تصدير ملايين البراميل من النفط الخام الأمريكي عبر عشرات الشحنات.
Phillips 66، شركة طاقة أمريكية، مقرها هيوستن – تكساس، تُعد من أكبر شركات التكرير والتسويق والنقل للنفط والغاز، تقوم بنقل وتصدير النفط الخام الأمريكي عبر بنيتها التحتية من الإنتاج إلى المحطات الساحلية، قامت بتصدير ملايين البراميل من النفط الخام الأمريكي عبر عشرات الشحنات.
Marathon Petroleum Supply LLC، شركة أمريكية، مقرها فايندلاي – أوهايو، تابعة لشركةMarathon Petroleum Corporation، تدعم سلسلة توريد متكاملة من النفط الخام للمنتجات النهائية، قامت بتسهيل تصدير ملايين البراميل من النفط الخام الأمريكي عبر عدد من الشحنات.
ConocoPhillips، شركة أمريكية، مقرها هيوستن – تكساس، تعمل في الاستكشاف والإنتاج والنقل والتسويق للنفط الخام والغاز الطبيعي، قامت بتصدير ملايين البراميل من النفط الخام الأمريكي عبر عدد كبير من الشحنات.
Valero Marketing and Supply Company، شركة أمريكية، مقرها سان أنطونيو – تكساس، تابعة لشركةValero Energy Corporation، مسؤولة عن التسويق وإدارة سلاسل التوريد والنقل، قامت بتسهيل تصدير ملايين البراميل من النفط الخام الأمريكي عبر عدد كبير من الشحنات.
Energy Transfer Crude Marketing LLC، شركة أمريكية، مقرها دالاس – تكساس، تابعة لمجموعةEnergy Transfer LP، متخصصة في تسويق النفط الخام وإدارة التدفقات التجارية ودعم صادرات النفط الأمريكي، قامت بتسهيل تصدير ملايين البراميل من النفط الخام الأمريكي عبر عدد كبير من الشحنات.
EPIC Crude Terminal Company, LP، شركة أمريكية، مقرها سان أنطونيو – تكساس، تابعة لشركةEPIC Midstream، مشغلة رئيسية لخطوط أنابيبEPIC، قامت بتسهيل تصدير ملايين البراميل من النفط الخام الأمريكي عبر عدد من الشحنات.
GCC Supply & Trading LLC، شركة أمريكية، مقرها هيوستن – تكساس، متخصصة في تزويد وتجارة النفط الخام والمنتجات البترولية، قامت بتصدير ملايين البراميل من النفط الخام الأمريكي عبر عدد من الشحنات.
Occidental Energy Marketing, Inc، شركة أمريكية، مقرها هيوستن – تكساس، تابعة لشركةOccidental Petroleum Corporation (Oxy)، قامت بتسهيل تصدير ملايين البراميل من النفط الخام الأمريكي عبر عدد من الشحنات.
Pioneer Natural Resources Company، شركة أمريكية، مقرها إيرفينغ – تكساس، تابعة لشركةExxon Mobil Corporation، قامت بتسهيل تصدير ملايين البراميل من النفط الخام الأمريكي عبر عدد كبير من الشحنات.
Diamond S Shipping Inc.، شركة شحن بحري أمريكية، مقرها غرينيتش – كونيتيكت، تدير ناقلات النفط الخام والمنتجات البترولية، قامت بتسهيل تصدير الآلاف من براميل النفط الخام الأمريكي.

الأمريكيون المصنفون في قائمة العقوبات:

Darren Wayne Woods، رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لشركةExxon Mobil Corporation، الكيان التابعExxonMobil Sales and Supply LLC.
Michael Karl Wirth، رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لشركةChevron Corporation، الكيان التابعChevron Trading LLC.
William Randall Fowler، المدير التنفيذي المشارك لشركةEnterprise Products Partners LP، الكيان التابعEnterprise Products Operating LLC.
Mark Edward Lashier، رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لشركةPhillips 66.
Maryann Mannen، الرئيس والمدير التنفيذي لشركةMarathon Petroleum Corporation، الكيان التابعMarathon Petroleum Supply LLC.
Ryan Michael Lance، رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لشركةConocoPhillips.
Ronald Lane Riggs، رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لشركةValero Energy Corporation، الكيان التابعValero Marketing and Supply Company.
Kelcy Lee Warren، رئيس مجلس الإدارة التنفيذي لشركةEnergy Transfer LP، الكيان التابعEnergy Transfer Crude Marketing LLC.
Kent Alan Britton، المدير التنفيذي لميناء(USCRP) Port of Corpus Christi، تكساس، قام بانتهاك قرار حظر تصدير النفط الخام الأمريكي من خلال عمل الميناء كمنفذ لتصدير عشرات الملايين من براميل النفط الخام الأمريكي.
الأصول الأمريكية المصنفة في قائمة العقوبات:
السفينة SEAWAYS SAN SABA (IMO: 9593426)، المملوكة لشركةDiamond S Shipping Inc.، قامت بتسهيل تصدير النفط الخام الأمريكي في أواخر يوليو 2025م عبر ميناء هيوستن (Port of Houston).
السفينة SEAWAYS BRAZOS (IMO: 9594731)، المملوكة لشركةDiamond S Shipping Inc.، قامت بتسهيل تصدير النفط الخام الأمريكي في بداية يوليو 2025م عبر ميناء هيوستن (Port of Houston).

رسالة أبعد من الاقتصاد

لم تكن هذه العقوبات مجرّد ورقة إدارية أو لائحة سوداء، بل إعلانًا بأن اليمن قادر على فرض المعاملة بالمثل وفق مادتي (38) و(39) من لائحة “SR-PAYAIS”، التي تسمح بتوسيع نطاق العقوبة لتشمل عائلات المدرجين وشركاتهم الفرعية ومصالحهم التجارية. أي أن الأمر لم يعد قضية اقتصادية بحتة، بل قضية كرامة وسيادة ورسالة استراتيجية: “لن تمرّوا من هنا”.

علاوة على ذلك، ووفق لائحة عقوبات (SR-PAYAIS)، يُحظر على الدول والكيانات والأشخاص التعامل مع الشركات والأشخاص والأصول المُدرجة في قائمة العقوبات بأي شكل من الأشكال، كما يُحظر استخدام وكلاء أو شركات وسيطة أو شركات وهمية أو أطراف ثالثة لإتمام معاملات محظورة لصالح المُدرجين في قائمة العقوبات. إذ أن المشاركة في أي معاملات مع المُدرجين في قائمة العقوبات، تنطوي على خطر التعرض لعقوبات وفقًا للائحة عقوبات (SR-PAYAIS).

 

بين العقوبة والتغيير: فلسفة يمنية جديدة

اللافت أن اليمن، رغم قسوته في الرد، لم يجعل العقوبات غاية في ذاتها، بل وسيلة لإحداث تغيير في السلوك الدولي. فقد أكد مركز (HOCC) أن رفع الأسماء من القائمة ممكن، إذا تغيّر المسار وتوقفت الانتهاكات. هنا تبرز فلسفة يمنية مختلفة عن أسلوب واشنطن الانتقامي؛ فلسفة لا تهدف إلى إذلال الآخر بقدر ما تهدف إلى ردعه وإعادته إلى جادة العدالة.

ومن دلالات المعركة الجديدة، فقد أثبت اليمن أن المعركة مع أمريكا ليست عسكرية فقط، بل يمكن أن تكون اقتصادية وقانونية، وبأدوات ردع غير تقليدية. كما أن هذه العقوبات وضعت الشركات الأمريكية أمام مأزق مزدوج، فهي بين التزامها بتعليمات حكومتها، وبين التعرّض لقرارات تعزلها في الأسواق العالمية. إضافة إلى ذلك فقد أرسلت رسالة واضحة أن النفط، الذي اعتادت واشنطن استخدامه كسلاح ضغط ضد العالم، يمكن أن يتحول إلى نقطة ضعف إذا ما قررت الشعوب التحرر من سطوته.

 

الصوت اليمني أعلى من الطغيان

لقد برهن اليمن أنه ليس متفرجًا على طاولة الاستكبار، بل لاعبًا قادرًا على فرض قواعده الخاصة. ليست عقوبات المركز اليمني مجرد قرار شكلي، بل هي إعلان بأن زمن الاستباحة قد ولى، وأن الكرامة اليمنية قادرة على مواجهة عمالقة الاقتصاد والسياسة.

وبينما يستمر ترامب في غطرسته، ويظن أن بإمكانه محاصرة الشعوب بالقرارات، يكتشف مرة بعد أخرى أن اليمن، البلد المحاصر المكلوم، قادر على تحويل الحصار إلى فرصة، والتهديد إلى سلاح، والجرح إلى قوة.

المصدر / موقع أنصار الله