أنظمة عاجزة وأُمة تنتظر يقظتها


جميل المقرمي

كاتب يمني

كل يوم يُثبت كيان الاحتلال أنهُ يتعامل مع الأجواء العربية والإسلامية وكأنَّه مجرَّدُ فضاء مفتوح، يضرب متى تشاء، ويغتال من تريد بلا حساب ولا رادع.

بالأمس اغتالت الشهيد إسماعيل هنية في قلب طهران، فاشتعلت الساحة بالتصريحات والتساؤلات عن الرد الإيراني، وجاء الرد بالفعل بأكثر من مِئتَي صاروخ على قلب الكيان. لكن اليوم تكرّر المشهد في الدوحة، حيث قصفت الطائرات الإسرائيلية اجتماع قادة حماس، وسط صمتٍ مدوٍّ من كُـلّ الأنظمة التي ملأت الدنيا ضجيجًا حين كان الحديث عن إيران.

المفارقة أن الضربة وقعت في قطر، الدولة التي أنفقت المليارات على قاعدة العديد الأمريكية لحمايتها. لكن واشنطن لم تكتفِ بالصمت، بل أعلنت أنها كانت على علمٍ مسبقٍ بالعملية، وكأنها تمنح العدوّ صكَّ براءةٍ رسمي، بل شراكة مباشرة.

أما القاعدة التركية التي تضم آلاف الجنود، فقد مرّت الطائرات الإسرائيلية من فوقها مرور الكرام بلا اعتراض ولا تحريك ساكن.

الأدهى من ذلك أن أنظمة كانت تزايد بالأمس على إيران، اختفت اليوم أصواتها كأنها لم تكن. صمتٌ يفضح زيف الشعارات ويكشف عورة هذه الأنظمة التي لم يعد وجودها سوى غطاءٍ للتطبيع والخضوع والارتهان للخارج.

إن الشعوب العربية والإسلامية مطالَبة اليوم بعدم الركون لهذه الأنظمة العميلة، بل بالتحرّك الجاد لإسقاطها واستعادة القرار من براثن التبعية. فالأمة التي تملك تاريخًا من البطولة والجهاد لا يجوز أن تتحول إلى ملعبٍ لطائرات إسرائيل، أو رهينة لقرار البيت الأبيض.

السيناريوهات العسكرية لتلك الغارة تكشف حجم التواطؤ:

– طائرات إسرائيلية تقطع آلاف الكيلومترات بلا اعتراض من أنظمة الدفاع الجوي العربية.

– احتمالية انطلاقها من قواعد “صديقة” في المنطقة.

– تزودها بالوقود في أجواء عربية بتنسيق أمريكي معلن.

كل ذلك يعني أن ما جرى ليس عدوانًا إسرائيليًّا خالصًا، بل عدوانٌ مشترك شاركت فيه أنظمة عربية بالسكوت على الأقل، وبالتسهيل على الأرجح.

اليوم السؤال ليس: أين إيران؟ ولا: ما هو موقف قطر؟

السؤال الحقيقي: أين الأُمَّــة؟

إلى متى تبقى الملايين عاجزة، تنتظر من هذه الأنظمة العميلة أن تردَّ أو أن تحمي؟

الحق لا يسقط إلا حين تسقطه النفوس، والباطل لا ينهزم إلا حين تقرّر الشعوب أن تقول كلمتها.

لقد آن الأوان أن تستعيد الأُمَّــة زمام المبادرة، وأن تخرج من حالة الخضوع، لتعود قوة عزيزة منيعة، تردع العدوّ وتضع حدًا لطيشه، بدلًا عن أن تتحول عواصمها إلى مسارح مجانية لجرائمه.