بعثة الوصي عليه السلام إلى اليمن .. من التبليغ إلى التأسيس الإلهي للمشروع القرآني
كانت اليمن ولا تزال منطقة استراتيجية مهمة، نظراً لموقعها الجغرافي، وتاريخها العريق، وقد حفها الله تعالى بالنعم وأهلها بعنايته لتكون حاملة الراية لنصر دين الله سبحانه وتعالى فاستحقوا أن يكونوا خير من نصر الدين وخير من نصروا نبيه صلوات الله عليه وآله ، والإمام علي عليه السلام وآل البيت عليهم السلام على مدار التاريخ، ومن هنا، جاءت خصوصية بعثة النبي صلوات الله عليه وآله للإمام علي عليه السلام كجزء من خطة نبوية استراتيجية لترسيخ الدعوة الإسلامية وبناء الولاء للرسالة النبوية، بينما كانت البعثات السابقة الى اليمن تمهيداً للبعث الأعظم في تاريخ الإسلام ، بعثة الإمام علي عليه السلام الخاصة والمختلفة في الهدف والطريقة والدلالات، لتكون خطوة محورية في تاريخ الدعوة الإسلامية.
تقرير / طارق الحمامي
قبل بعثة الإمام علي عليه السلام، أرسل النبي صلوات الله عليه وآله وسلم ، معاذ بن جبل ، وكانت بعثته دعوية عامة ركزت على مهمة محدودة تمحورت حول شرح أحكام الدين وإبلاغ القبائل بالرسالة ، لكنها لم تركز على المهمة التي أراد الله سبحانه وتعالى أن يهيئ اليمن لها والتي اختار لها قائداً عظيماً لحملها هو وصي رسول الله صلوات الله عليه وآله ، وهي مهمة توفرت فيها ركائز المشروع القرآني
بعثة الإمام علي عليه السلام .. خصوصيتها ودلالاتها
بعثة الإمام علي عليه السلام كانت حدثاً نوعياً واستثنائياً، ولها خصوصيات ودلالات كبيرة، فلم تكن بعثة عامة، بل سرية في بدايتها، مما يشير إلى أنها مهمة إلهية استراتيجية وليست مجرد دبلوماسية أو دعوة عابرة، أكدت أن الهدف كان تهيئة الإمام علي عليه السلام واليمنيين لمهمة أكبر تتعلق بمستقبل الرسالة الإسلامية ، والإمام علي عليه السلام لم يمثل نفسه فقط، بل كان يمثل شخص الرسول صلوات الله عليه وآله والمشروع القرآني بأكمله، وحضوره الفعلي جعل من اليمن حاضنة حقيقية للرسالة الإسلامية، تربط الولاء بالرسول صلوات الله عليه وآله وبأهل البيت عليهم السلام مباشرة،
كما أن بناء ثالث مسجد في الإسلام، بأمر النبي صلوات الله عليه وآله، في اليمن يمثل رمزاً لاستمرارية الاسلام والمشروع القرآني وربط اليمنيين بأهل البيت عليهم السلام، فأصبح المسجد حاضنة روحية واجتماعية، يجمع بين العبادة والولاء والارتباط بالمنهج القرآني ونهج آل البيت عليهم السلام .
الهدف الإلهي الاستراتيجي للبعثة
بعثة الإمام علي عليه السلام كانت جزءاً من تهيئة إلهية شاملة لتثبيت قلعة النصرة للإسلام والولاء والارتباط بأهل البيت عليهم السلام، وكان الهدف هو تهيئة اليمن واليمنيين نفسياً وروحياً وعملياً لتكون حاضنة قوية للمشروع الإسلامي، ومستعدة لتحمل مسؤولية الرسالة في المستقبل، هذه البعثة مهدت لمستقبل الصراع مع أهل الكتاب، ولضمان ولاء مستدام للنهج القرآني.
خصوصية الإمام علي عليه السلام بوصفه وصي رسول الله صلوات الله عليه وآله ومكانته العظيمة
بعثة الإمام علي عليه السلام لا يمكن فهمها إلا من خلال مكانته بوصفه وصي رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم، وحامل علمه وأحكامه، ولم يُرسل الإمام علي عليه السلام إلا وفق أمر إلهي محدد، صادر عن النبي صلى الله عليه وآله، وتحت رعاية وتوجيه إلهي، مما يؤكد أن المهمة كانت إعداداً إلهياً إستراتيجياً، تمهيداً لدور اليمن واليمنيين التاريخي، فالإمام علي عليه السلام جاء ليهيئ اليمن واليمنيين ليكونوا خير إسناد، وخير من نصر الدين، وخير من حمل الرسالة الإسلامية على نهج النبي وآل بيته الأطهار، لضمان استمرارية المشروع الإسلامي، فكان الإمام علي عليه السلام كان الركيزة الحية للمشروع القرآني، يمثل الرسالة شخصياً وروحياً وسياسياً، ويجعل من اليمنيين حاضنة متصلة بالرسالة النبوية مباشرة.
فأصبح اليمنيين نموذجاً للولاء والدعم للرسالة الإسلامية، وحاضنة لتطبيق القيم القرآنية على أرض الواقع، وكل خطوة في بعثته كانت أمراً إلهياً مدروساً لبناء حاضنة متينة ومستعدة للمسؤولية.
ختاماً
بعثة الإمام علي عليه السلام إلى اليمن كانت حدثاً تاريخياً نوعياً واستراتيجياً، وتختلف عن بعثة من سبقه في عدة أمور أهمها أنها لم تكن مجرد بعثة دعوية، بل تمثيل حي للرسول صلوات الله عليه وآله، والمشروع القرآني، وقد وضعت أسس الارتباط بهذا المشروع العظيم وربطت اليمنيين بالقرآن والنهج النبوي الرسالي، كما شكلت حاضنة استراتيجية مستعدة لتحمل المسؤولية والصراع مع قوى الطاغوت، وكل خطوة فيها كانت أمراً إلهياً مدروساً لتثبيت المشروع القرآني تاريخياً وروحياً واجتماعياً في اليمن.
بهذا، أصبحت بعثة الإمام علي عليه السلام نقطة محورية في تاريخ الإسلام، تُظهر العلاقة الوثيقة بين القيادة الإلهية، والولاية، وتجعل اليمن حاضنة صلبة للمشروع القرآني والارتباط بالرسول وآل البيت عليهم السلام.
يمانيون.