الدولار يترنّح عند نهاية العام ويقترب من أسوأ خسارة سنوية منذ سنوات


يبدو أن الدولار الأمريكي يتجه لإسدال الستار على عام استثنائي من التقلبات، مع اقترابه من تسجيل أضعف أداء سنوي له منذ عام 2017، في ظل ضغوط متزايدة فرضتها توقعات الأسواق بشأن السياسة النقدية الأمريكية وتراجع الثقة في الأصول المقوّمة بالدولار. فقد واصل الدولار تراجعه في تعاملات منتصف الأسبوع، بينما يراهن المستثمرون على أن مجلس الاحتياطي الاتحادي بات يمتلك مساحة أوسع للمضي قدمًا في خفض أسعار الفائدة خلال العام المقبل، رغم صدور بيانات قوية للناتج المحلي الإجمالي لم تنجح في تغيير هذه التوقعات.
وانعكس هذا المشهد على تحركات العملات الرئيسية، حيث لامس اليورو والجنيه الإسترليني أعلى مستوياتهما في نحو ثلاثة أشهر قبل أن يستقرا نسبيًا، وسط هدوء نسبي في التداولات. وفي الوقت نفسه، انخفض مؤشر الدولار إلى أدنى مستوى له في شهرين ونصف الشهر مقابل سلة من العملات، مقتربًا من خسارة سنوية تقارب عشرة بالمائة، وهي خسارة تُعد الأكبر منذ عام 2017، مع تحذيرات من أن أي تراجع إضافي قبل نهاية العام قد يدفعه لتسجيل أسوأ أداء منذ عام 2003.
وجاء هذا الضعف بعد عام اتسم بالاضطراب، إذ تذبذبت العملة الأمريكية بفعل الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي أثارت في وقت سابق من العام أزمة ثقة في الأسواق، إلى جانب مخاوف متزايدة بشأن استقلالية الاحتياطي الاتحادي في ظل تنامي النفوذ السياسي عليه. في المقابل، حقق اليورو مكاسب قوية تجاوزت 14 بالمائة منذ بداية العام، ليكون على المسار الأفضل له منذ أكثر من عقدين، مدعومًا بقرار البنك المركزي الأوروبي الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير وتعديل توقعاته الاقتصادية نحو الأفضل.
ولم تقتصر التحركات الإيجابية على العملة الأوروبية، إذ سجّل الدولار الأسترالي والنيوزيلندي مكاسب لافتة، مع تنامي التوقعات بأن الخطوة المقبلة في سياستهما النقدية قد تكون رفع أسعار الفائدة، بينما ارتفع الجنيه الإسترليني بدوره بأكثر من ثمانية بالمائة هذا العام وسط ترقب لخفض محدود للفائدة من قبل بنك إنجلترا في 2026. أما الين الياباني، فظل محط أنظار المستثمرين، مع تزايد الترقب لتدخل محتمل من السلطات اليابانية لكبح تراجعه، في وقت واصل فيه الدولار انخفاضه أمام العملة اليابانية خلال الجلسات الأخيرة.