غزة تحت نيران “التهدئة”.. تصعيد مستمر يطيح بالاتفاق ويُغرق القطاع في دوامة القصف والبرد والجوع


تتحول “التهدئة” المعلنة في غزة إلى ستار دخاني يخفي وراءه تصعيداً واسعاً يعيشه القطاع في الميدان، حيث يواصل الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ ضرباته الجوية والمدفعية بلا توقف، في وقت لا يجد فيه أكثر من مليوني فلسطيني سوى الخيام والظلام لمواجهة برد الشتاء والجوع والحصار. وفي ظل صمت الوسطاء وغياب أي تحرك دولي، تبدو الخروق اليومية أقرب إلى خطة ممنهجة لإعادة تموضع الاحتلال تحت غطاء الاتفاق، لا التزاماً ببنوده.

منذ ساعات الصباح، أُعلن عن استشهاد سبعة فلسطينيين وإصابة عدد من المدنيين في سلسلة اعتداءات طالت مناطق عدة في القطاع، بدءاً من حي الزيتون جنوب شرقي غزة حيث استشهد مواطن برصاص قوات الاحتلال خارج “الخط الأصفر”، في خرق واضح لقواعد الاشتباك. وبعدها، جاء استهداف الطواقم الصحفية ليرفع عدد شهداء الإعلام إلى 233، إثر قصف طائرة مسيرة على وسط خان يونس استهدف مصوّراً صحفياً كان يوثّق آثار العدوان.

وتزامنت الهجمات مع قصف مدفعي كثيف على المناطق الشرقية لمدينة خان يونس، وآخر مشابه شرق حي التفاح أدى إلى إصابة أربعة مواطنين قرب مفترق السنافور، فيما نفذ الاحتلال عملية نسف شرق مدينة غزة في مؤشر على نية توسيع رقعة العمليات البرية. كما خلّف القصف على حي الزيتون مزيداً من الشهداء والجرحى، لتتواصل الاعتداءات حتى ساعات المساء مع ارتقاء شهيدين في حي التفاح شمال شرقي المدينة.

المشهد المتفجر يعيد التأكيد على أن الاحتلال يتعامل مع الاتفاق كمساحة للتمويه وإدارة النار من خلف ستارة سياسية، في وقت يواجه فيه الغزيون شتاءً قاسياً بلا مأوى حقيقي ولا غذاء ولا خدمات صحية، وسط حصار خانق يجعل من كل يوم معاناة مضاعفة. وبينما تستمر الهجمات دون رادع، تحذر الفصائل الفلسطينية من أن استمرار الخروق قد يدفع المنطقة إلى جولة جديدة من التصعيد السكاني والأمني، في ظل عجز دولي يوصف بأنه تواطؤ أكثر منه تقاعس.