تزييف الوعي: كيف يحوّل العدو الأمريكي الإسرائيلي الصراع السياسي إلى صراع مناطقي؟

تزييف الوعي: كيف يحوّل العدو الأمريكي الإسرائيلي الصراع السياسي إلى صراع مناطقي؟


إن الصراع الذي يخوضه أبناء الشعب اليمني اليوم ليس صراعاً مذهبياً بين طوائف، ولا نزاعاً مناطقياً بين شمال وجنوب، بل هو صراع وجودي وسياسي بامتياز، يدور حول السيادة الوطنية والاستقلال الحقيقي في مواجهة مشروع الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية وأدواته المحلية والإقليم،. يدرك هذا العدو أن وحدة الشعب اليمني هي الحصن المنيع، ولذلك كان سلاحه الأقذر هو تزييف الوعي، وتحويل هذا الصراع السياسي الواضح إلى نزاع داخلي مشوه ومفتت، باستخدام أدوات الطائفية والمناطقية .

فضح استراتيجية “فرق تسد”
ليست سياسة “فرق تسد” مجرد شعار، بل هي استراتيجية قديمة متجددة، استخدمها الاحتلال البريطاني في جنوب اليمن لتمزيق البلاد إلى إمارات ومشيخات، وهي اليوم تُستخدم بذات الروح الاستعمارية من قبل العدو الأمريكي الإسرائيلي.

وسعيه لتوظيف الطائفية بهدف تحويل الصراع من مواجهة العدو الخارجي إلى اقتتال داخلي، وتشويه مشروع المقاومة بصبغة مذهبية، وتعبئة جماعات مناوئة بخطاب طائفي لخدمة الأجندة السياسية للعدوان، إضافة إلى ذلك توظيف المناطقية بهدف إحياء النعرات الجغرافية والجهوية، وتعميق الانقسام بين أبناء الوطن الواحد، لضمان بقاء اليمن ضعيفاً وممزقاً يسهل السيطرة على أجزائه، أضف إلى ذلك تجنيده للعملاء واستخدامهم كأدوات داخلية (مرتزقة وعملاء) لترويج الخطاب الطائفي والمناطقي، وإظهار العدوان على البلد كأنه اقتتال (يمني – يمني).

تصحيح النظرة الخاطئة: أمريكا ليست قادمة للتطوير
إن أخطر ما في تزييف الوعي هو ترويج العدو لفكرة أنه “صديق” أو “مُخلّص” أو “قادم للتطوير”، بينما الواقع يؤكد أن الوجود الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة لم يجلب سوى الدمار والتبعية.
الحقيقة التي يجب أن ترسخ في الوعي هي أن أمريكا لا تأتي إلا لخدمة مصالحها، وهي مصالح تتلخص في السيطرة على الممرات المائية لضمان أمن الملاحة الإسرائيلية والتحكم في باب المندب والبحر الأحمر، بالإضافة إلى نهب الثروات والسيطرة على النفط والغاز والموارد الطبيعية في المناطق المحتلة بل والبلد كله إن ترك له المجال، كذلك كبح أي مكون يهدد مصالح أمريكا والاحتلال الإسرائيلي وهو ماظهر جليا في تدخلها المباشر ضد اليمن خلال إسناده لغزة.
إن سجل أمريكا في اليمن والمنطقة مليء بالتخريب والتدمير كما أنها تتخذ الحصار الاقتصادي السلاح الأقوى لتجويع الشعب وإخضاعه، وليس أداة للتطوير أضف إلى ذلك دعمها المباشر لثمان سنوات من قبل تحالف العدوان بزعامة السعودية، وليس خفيا الدعم اللوجستي والاستخباراتي والسياسي الذي قدمته أمريكا للعدوان على اليمن .

كما أن العدوان الأمريكي الإسرائيلي السعودي لم يقتصر على التدمير والقتل والحصار الاقتصادي بل امتد ليجند جواسيس على مختلف الأصعدة والتي اكتشفتها الأجهزة الأمنية في مرت عدة وآخرها ما أعلنته في 8 نوفمبر الجاري وكانت اعترافات الجواسيس واضحة .

لذا من الواجب أن ندرك أن العدو لا يمكن أن يكون صديقاً، وأن من يرفع راية العداء والاحتلال لا يمكن أن يحمل راية الدعم والمساعدة والبناء، إن التطوير والبناء لا يأتيان إلا بجهد وطني خالص، بعد طرد المحتل واستعادة السيادة.

 

تعزيز الوعي والبصيرة: سلاح الشعب اليمني
إن مواجهة تزييف الوعي تبدأ من الوعي ذاته، يجب على كل يمني أن يدرك أن العدو يحاول جاهداً أن يجعله يقاتل أخاه بدلاً من أن يقاتل عدوه الحقيقي.
إن الهدف الأسمى للشعب اليمني هو التحرر الكامل من الوصاية الخارجية، وتحقيق الاستقلال الاقتصادي والسياسي، هذا الهدف لا يمكن تحقيقه إلا بوحدة الصف ونبذ كل دعوات التفرقة الطائفية والمناطقية، والتمسك بالمشروع القرآني الذي هو المنهج الوحيد والقادر على تحصين الوعي ضد سموم الطائفية والمناطقية، لأنه يركز على الأخوة الإيمانية والعداء لأعداء الأمة، ويدعو إلى الجهاد في سبيل الله وليس في سبيل المذهب أو المنطقة .
كما أنه من المهم إدراك إن كل دعوة تخرج عن سياق مواجهة العدوان الخارجي، وتتجه نحو إثارة النعرات الداخلية، ومن المؤسف أن العدو حقق الكثير من ذلك من خلال تجنيده لعملاء عدة في الساحل والمحافظات الجنوبية والشرقية إلا قلة من الغيورين الرافضين للتدخلات الأجنبية واحتلال البلد.

  الوعي هو الانتصار
إن الانتصار العسكري والاقتصادي والثقافي لا يكتمل إلا بـالانتصار في معركة الوعي، يجب أن نكون على يقظة دائمة من محاولات العدو لـ”تزييف الوعي” وتحويل بوصلة العداء، إن البصيرة التي يمتلكها الشعب اليمني، المستمدة من هويته الإيمانية، هي الضمانة الحقيقية لإفشال كل مخططات “فرق تسد”، والمضي قدماً نحو بناء الدولة اليمنية المستقلة والموحدة.

 

 

يمني برس.