إسبانيا ترفض التطبيع مع الجريمة.. سانشيز يؤكد استمرار حظر السلاح على الكيان الصهيوني رغم وقف إطلاق النار

إسبانيا ترفض التطبيع مع الجريمة.. سانشيز يؤكد استمرار حظر السلاح على الكيان الصهيوني رغم وقف إطلاق النار


في موقف أوروبي لافت يعكس حجم التحولات في الرأي العام العالمي تجاه العدوان الصهيوني على غزة، أعلن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، اليوم الثلاثاء، أن بلاده لن ترفع الحظر المفروض على توريد الأسلحة إلى كيان العدو الإسرائيلي، رغم الإعلان عن اتفاق وقفٍ لإطلاق النار في القطاع، مؤكداً أن “العدالة والسلام لا يُبنيان على حساب دماء الأبرياء”.

سانشيز: وقف النار لا يعني نهاية العدوان.. وسنواصل التزامنا الأخلاقي تجاه غزة

وفي مقابلة مع إذاعة Cadena SER الإسبانية، قال سانشيز بوضوح: “حظر توريد الأسلحة لا يزال ساري المفعول. لدينا الآن وقف لإطلاق النار، لكن لا يزال يتعين علينا بناء السلام. لقد أُتيحت فرصة، ويجب علينا من إسبانيا وأوروبا، وبطريقتنا الخاصة في النظر إلى العلاقات الدولية، وبمشاركة الأمم المتحدة، أن نرافق هذه العملية.”

تصريح سانشيز هذا، جاء تأكيدًا على أن مدريد ترفض أي عودة للتعامل العسكري أو التجاري مع كيان العدو الصهيوني ما دام الأخير يواصل جرائمه بحق الشعب الفلسطيني. وأوضح أن بلاده ترى أن وقف إطلاق النار “لا يساوي السلام الحقيقي”، وأن مهمة بناء الاستقرار يجب أن تتأسس على العدالة ووقف سياسة الحصار والتهجير التي يمارسها الكيان ضد غزة والضفة الغربية.


استعداد إسباني للمشاركة في حفظ السلام: خطوة نحو مسؤولية أوروبية مختلفة

وأضاف رئيس الوزراء أن حكومته مستعدة للنظر في إمكانية مشاركة القوات الإسبانية في بعثة دولية لحفظ السلام في الأراضي الفلسطينية، إذا تمت الموافقة عليها من قبل الأمم المتحدة.
وأكد أن جهود بناء السلام يجب ألا تقتصر على قطاع غزة، بل تشمل الضفة الغربية أيضًا، حيث يتواصل الاستيطان وممارسات الاحتلال العدوانية.
وأشار سانشيز إلى أن أوروبا مطالبة اليوم بالتحرك الفعلي وليس الاكتفاء بالشعارات، داعيًا إلى دور أممي وأوروبي يضمن حقوق الشعب الفلسطيني ويوقف الإفلات من العقاب الذي يتمتع به الكيان الصهيوني منذ عقود.


مدريد تتمسك بقرارها: لا سلاح ليدٍ تلطخت بدماء الفلسطينيين

وكانت الحكومة الإسبانية قد أقرّت، في 8 أكتوبر من العام الجاري، مرسومًا يقضي بفرض حظر شامل على تصدير الأسلحة والمعدات العسكرية إلى “إسرائيل”، عقب تصاعد العدوان على قطاع غزة وما خلّفه من مجازر ودمار واسع استهدف المدنيين والبنى التحتية.
ويأتي تأكيد سانشيز اليوم استمرار هذا القرار رغم وقف إطلاق النار، ليجدد الموقف الإسباني الثابت في رفض التورط بأي شكل في دعم آلة القتل الصهيونية، انسجامًا مع ما وصفه مراقبون بـ”التحول الأخلاقي في السياسة الخارجية الإسبانية”.


قراءة في الموقف الإسباني: صحوة أوروبية أم بداية مسار جديد؟

يرى مراقبون أن موقف مدريد يحمل دلالات سياسية وإنسانية عميقة، كونه أول إعلان رسمي من دولة أوروبية كبيرة يؤكد أن وقف إطلاق النار لا يشرعن عودة العلاقات العسكرية مع الكيان الصهيوني.
ففي الوقت الذي تسارع فيه بعض الدول الغربية إلى إعادة تطبيع العلاقات أو التخفيف من لهجتها تجاه الاحتلال، تصرّ إسبانيا على الموقف الأخلاقي الرافض لتسليح الجلاد، وتطالب بمحاسبته على جرائمه قبل أي حديث عن التسويات السياسية.

ويشير محللون إلى أن هذا الموقف يعكس ضغطًا متزايدًا من الشارع الإسباني والأوروبي المتعاطف مع فلسطين، والذي شهد تظاهرات واسعة خلال الأشهر الماضية تنديدًا بالعدوان الصهيوني والمجازر التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من المدنيين في غزة.


دلالات أوسع: انكسار الهيمنة الصهيونية على القرار الغربي

قرار إسبانيا، بحسب محللين دوليين، لا يمثل فقط موقفًا أخلاقيًا، بل تعبيرًا عن بداية تآكل النفوذ الصهيوني داخل أوروبا الغربية، التي باتت تشهد أصواتًا سياسية وشعبية ترفض استمرار الدعم الأعمى لـ”إسرائيل”.
ويؤكد هؤلاء أن الحظر الإسباني على تصدير الأسلحة يحمل أبعادًا استراتيجية تتجاوز حدود مدريد، إذ يفتح الباب أمام دول أخرى لاتخاذ مواقف مماثلة، خصوصًا مع تزايد المطالب الشعبية في فرنسا وأيرلندا وبلجيكا باتخاذ إجراءات مماثلة ضد كيان الاحتلال.


مدريد ترفع راية الضمير الإنساني

يؤكد تصريح سانشيز أن إسبانيا اختارت أن تكون في صف العدالة لا في صف الجريمة، لتقول للعالم إن وقف النار لا يُلغي مسؤولية المحتل عن جرائمه، ولا يعيد له شرعية فقدها أمام الإنسانية.
وفي زمن تتماهى فيه كثير من الحكومات الغربية مع آلة العدوان الأميركي ـ الصهيوني، يبرز الصوت الإسباني كموقف مشرف ومتماسك، يذكّر بأن العالم لا يزال يملك من يقف إلى جانب المظلومين في غزة وفلسطين، لا إلى جانب القتلة والمجرمين.

موقع 21 سبتمبر الاخباري.