مأزق نتنياهو في اليمن وغزة.. عمليات نوعية لردع العدو


تقرير | أحمد داود

 

لا يريد المجرم نتنياهو الإقرار بالهزيمة والانكسار في غزة، ومع ذلك يواصل إشهار تهديداته المعتادة بسحق حماس والمقاومة، متباهياً باغتيال القادة وتدمير الأبراج السكنية، والزعم بأن القادم سيكون أقسى على سكان القطاع.

يخاطب المجرم نتنياهو سكان غزة بلغة استعلائية: “أقول لكم استمعوا إلي جيداً: لقد حذرناكم، فغادروا المدينة الآن”.

لغة التعالي هذه لم تكن لتحدث لولا الدعم الأمريكي اللامحدود لكيان العدو الإسرائيلي، والاشتراك في جرائم الإبادة الجماعية والحصار والتجويع والتعطيش لسكان القطاع في واحدة من أسوأ المآسي الإنسانية في التاريخ المعاصر، ومطالب المغادرة ليست جديدة على الغزاويين، فهم على وعي كبير بمخطط التهجير القسري لهم، ومع ذلك يسطرون أروع الأمثلة في الصبر والصمود والثبات، لأنهم يدركون أن خروجهم من غزة يعني عدم العودة إليها من جديد.

ويهدد القادة العسكريون لجيش العدو الإسرائيلي بتدمير المزيد من الأبراج السكنية في قطاع غزة، فالمجرم كاتس -الذي يشغل منصب ما يسمى بوزير الدفاع في حكومة المجرم نتنياهو- يطلق تحذيراته بالقول: “إن علينا تحرير المحتجزين، وعلى حماس أن تلقي السلاح أو أن غزة ستدمر وستبادون، وسيواصل الجيش خطته لتوسيع العملية والحسم في غزة”.

وتأتي تهديدات نتنياهو وكاتس في سياق الحرب النفسية، فقطاع غزة شبه مدمر، والعدو الإسرائيلي يقصفه على مدى ما يقارب عامين، وجيش العدو يحاول -بكل إمكاناته المتطورة- التوغل في القطاع، لكنه يواجه مقاومة لا مثيل لها في الكون، والجنود الصهاينة يتم حصدهم في الكمائن والعمليات النوعية، وطالما عجز العدو عن تحقيق تقدم في الأرض، فما الذي يمكن أن تصنعه الطائرات والقنابل الحارقة؟

وتؤكد هذه التهديدات “النارية” بأن العدو الإسرائيلي لا يريد الذهاب نحو صفقة لتبادل الأسرى وإنهاء الحرب، كما تروج لذلك الولايات المتحدة الأمريكية، وتزعم بأن حماس هي المعيق أمام هذه الحلول والمقترحات. لكن الحقيقة المغيبة عن الكثيرين أن أمريكا تحاول “حشر حماس والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة في الزاوية الضيقة، والدفع بهم نحو التوقيع على وثيقة استسلام” كما يقول القيادي في حركة حماس باسم نعيم، الذي يوضح أن الأفكار الأمريكية تتحدث عن تسليم الأسرى جميعاً في اليوم الأول، والانسحاب من غزة مرهون بتشكيل حكومة يرضى عنها العدو الإسرائيلي، إضافة إلى نزع سلاح المقاومة دون الحديث عن إعادة الإعمار.

وبنظرة فاحصة لهذه الأفكار، فإن المقاومة الفلسطينية لا يمكن أن تقبل بأفكار كهذه تدعو إلى الاستسلام، وأنه لا خيار أمامها سوى القتال حتى النصر أو الشهادة، فالقبول بالمقترح الأمريكي يعني رفع الراية البيضاء، وتقديم رقاب المقاومة على المذبح الصهيوني بدم بارد، وهو ما لا يمكن قبوله من قبل المجاهدين الأحرار.

عمليات نوعية

وإذا كانت المقاومة الفلسطينية تتعرض لضغط كبير من قبل الأمريكيين والصهاينة، فإنها لا تزال تملك الكثير من الأوراق للمواجهة وإيلام الخصم، منها التنكيل بالجنود الغزاة الصهاينة في غزة، ومضاعفة الخسائر، وتحويل قطاع غزة أو الأماكن التي يسعى العدو إلى احتلالها إلى حقل ألغام للتنكيل بالجنود المحتلين.

وإضافة إلى ذلك، فإن العمليات لن تتوقف على حدود غزة، فامتداداتها ستصل إلى كل مغتصبات العدو في فلسطين المحتلة، وتعد عملية القدس واحدة من أبرزها التي أوصلت رسالة إلى المجرم نتنياهو بأن القتل سيقابله قتل، والدمار سيقابله دمار، وأن الانتصار في هذه المعركة غير وارد.

ولعل ما يؤلم المقاومة في غزة هو الخضوع والصمت العربي المطبق، وتآمر حكام الخليج ومصر عليها، إضافة إلى الانخراط غير المسبوق لحلف الناتو والولايات المتحدة الأمريكية في مساندة جيش العدو الإسرائيلي، ولهذا لا يمتلك المقاومون المجاهدون سوى الثبات والعزيمة والإصرار على البقاء، وهم بهذه المعنويات العالية يكسرون غرور الاستكبار، ويفشلون كل مخططاته.

اليمن شوكة أخرى في حلق نتنياهو

وأمام كل هذه المتغيرات تبرز الجبهة اليمنية كأحد الكوابيس التي تقلق العدو الإسرائيلي والمغتصبين، فاليمنيون لم يتوقفوا عن مساندة غزة، ومتمسكون بهذا المبدأ الديني والأخلاقي، ولا تخيفهم التهديدات أو العمليات العدوانية، ومسارهم متصاعد بوتيرة تشكل كابوساً للعدو.

وخلال اليومين الماضيين، نفذت القوات المسلحة اليمنية عمليات نوعية في عمق كيان العدو، وبرز سلاح الطيران المسير كأهم الأدوات الضاغطة على العدو لإيقاف جرائمه وحصاره على قطاع غزة، حيث نجحت طائرة مسيرة في استهداف مطار [رامون] في النقب المحتل، في مشاهد سببت الخوف والهلع للصهاينة، وأوصلت رسالة بأن اليمنيين مثلما نجحوا في فرض الحصار البحري الخانق على ميناء أم الرشراش في المدينة التي يطلق عليها العدو تسمية “ايلات”، فإنهم قادرون كذلك على تعطيل حركة المطارات الجوية، وفرض حصار جوي على الكيان المؤقت.

وتثبت العمليات اليمنية بأنها أكثر وجعاً وإيلاماً على الصهاينة، فعلى الرغم من محاولة الأعداء تحجيمها والتقليل من أضرارها، إلا أن الضربات النوعية تجبر العدو على الاعتراف بها وعدم الانكار، كما حدث في رامون، حينما تداول المغتصبون مشاهد للعملية.

وتؤكد القوات المسلحة اليمنية أن هذه العمليات تأتي في إطار الإسناد لغزة، ولسكانها الذين يتعرضون لحرب إبادة جماعية وحصار لا مثيل له في التاريخ المعاصر، مع احتفاظها بحق الرد على جرائم العدو الصهيوني على بلادنا، وجريمة اغتيال رئيس حكومة التغيير والبناء وعدد من الوزراء خلال اجتماع لهم بصنعاء.

والخلاصة للمشهد أن المخطط الصهيوني الكبير المتمثل في ما يطلقه باستمرار المجرم نتنياهو “إسرائيل الكبرى” يصطدم بعزيمة وثبات وبأس المقاومين في قطاع غزة، والذين يقفون حجر عثرة أمام محاولة العدو الصهيوني للعبور إلى المنطقة، في حين أن اليمن هو السند القوي للمقاومة الفلسطينية، والمشروع الذي يخشاه الصهاينة ويحسبون له ألف حساب.