وزارة الصحة: جهود مكثفة لتشخيص وعلاج الكوليرا ومواجهة الموجة الثالثة من الإسهالات المائية


مهدي البحري

تمثل الرعاية الصحية الأولية خط الدفاع الأول في النظام الصحي، والجبهة الأمامية لمكافحة الأمراض والأوبئة والحد من انتشارها.

واكتسبت الرعاية الصحية الأولية الطابع الاجتماعي المعتمد على المبادرات المجتمعية والمتطوعات حيث كان لها دوراً كبيراً في الحد من انتشار الأمراض والأوبئة خلال الأعوام الماضية، التي ساهم العدوان في انتشارها بشكل أشد فتكا.

وكأن ما تسبب به العدوان من انهيار لمنظومة القطاع الصحي لم يكن كافياً، ليواصل جرائمه بمنع دخول الأجهزة التشخيصية والأدوية الحيوية وكواشف المختبرات والأمصال المضادة، بالإضافة إلى قطع غيار محطات معالجة الصرف الصحي، ما أدى إلى تفشي الكثير من الأمراض والأوبئة ومنها الكوليرا.

ولمواجهة الإسهالات المائية الحادة “الكوليرا” أعدت وزارة الصحة والبيئة خطة للسيطرة واحتواء الوباء بالتنسيق مع الجهات الحكومية الأخرى والشركاء، تركزت على تنفيذ مصفوفة من الإجراءات والتدخلات المتعلقة بتشخيص ومعالجة الحالات.

وحسب تقرير صادر عن وزارة الصحة والبيئة، فقد عملت الوزارة الصحة، ومنذ انتشار الموجه الثالثة للوباء، في أبريل 2025، على تنفيذ مصفوفة من الإجراءات والتدخلات الطارئة للكشف عن المصادر ومسببات الانتشار وتشخيص الحالات وتوفير الأدوية المنقذة للحياة.

وأوضح التقرير أن الوزارة عملت على معرفة أسباب تفشي الوباء ومعدل حالات الإصابة في أمانة العاصمة والمحافظات، والكشف عن مصادر ومسببات انتشار “الكوليرا” وإرسال فريق الاستجابة المركزي وفريق مختبرات الصحة العاصمة وفرق الاستجابة بالمحافظات والمديريات لجمع عينات من مصادر مياه الشرب المتنوعة..

وذكر أنه تم جمع196 عينة مياه، وكانت الإيجابية منها 38 عينة مؤكدة بالفحص الزراعي وكذا جمع 106 عينات من الخضروات، كانت الإيجابية منها 20 عينة خضروات متنوعة في المديريات والمحافظات.

وأكد التقرير أن وزارة الصحة والبيئة تعمل على مراقبة الوضع الوبائي للإسهالات المائية الحادة من خلال إصدار التقرير والتحليل اليومي للحالات على مستوى المحافظات والمديريات والمرافق الصحية، وإصدار التحديث الأسبوعي ومشاركة مع الجهات العليا في الدولة، بالإضافة إلى مشاركة النتائج الإيجابية لعينات المياه وعينات الخضروات والنتائج المخبرية الايجابية للحالات مع وزارتي الكهرباء والطاقة والمياه والزراعة والثروة السمكية والموارد المائية بغرض القيام بالتدخلات المطلوبة.

وفيما يخص الإجراءات المتخذة لمواجهة الوباء واحتوائه والحد من انتشاره والسيطرة عليه؛ بين التقرير أنه تم تشغيل مراكز متخصصة لمعالجة حالات الإسهالات المائية الحادة التي تعاني من علامات الجفاف الشديد وبدعم من الشركاء لعدد 20 مركزاً في المحافظات، فضلا عن تفعيل زوايا الإرواء لمعالجة الحالات التي لا يوجد لديها جفاف، أو يوجد لديها جفاف خفيف لعدد252 زاوية إرواء في المحافظات والمديريات.

ووفق التقرير عملت الوزارة على تدريب العاملين الصحيين في مراكز معالجة الإسهالات وزوايا الإرواء على إدارة حالة الكوليرا ومكافحة العدوى لعدد 192 شخصاً، وإعداد مصفوفة الأدوار والمسئوليات التي تحدد مسئولية كل جهة في إطار خطة السيطرة واحتواء الوباء، وإمداد مكاتب الصحة والبيئة بالمحافظات بعدد 300 كيتس (عتيدة كوليرا) يحتوي كل كيتس على المحاليل الوريدية ومحلول الإرواء والمضادات الحيوية لمعالجة الحالات حيث يعالج كل كيتس (100) مريض.

كما تم إمداد المحافظات بمحلول الرينجر لاكتيت لمعالجة الحالات التي تعاني من الجفاف الشديد لمنع حدوث المضاعفات ومنها الفشل الكلوي، لعدد 42 ألفاً و970 قربة، وكذا محلول الإرواء لمعالجة الحالات التي لا يوجد لديها جفاف أو تعاني من بعض الجفاف، لعدد 26 ألفاً و500 باكت حيث يحتوي كل باكت على 100 كيس محلول إرواء، فضلا عن إمداد المحافظات بالفحص السريع لتشخيص حالات الإسهالات المائية والتفريق بينها وبين الإسهالات الأخرى بعدد 74 ألفاً و690 فحصاً.

ومن الإجراءات التي اتخذتها وزارة الصحة حسب التقرير، توجيه مكاتب الصحة باستقبال كل حالات الإسهالات في المرافق الصحية وكذا تحريك فرق الاستجابة للمديريات والعزل للكشف عن مصادر ومسببات الإسهالات والتنسيق مع قيادة السلطة المحلية لتفعيل المكاتب التنفيذية بالمحافظات والخروج بخطة تدخلات مزمنة للسيطرة واحتواء الوباء بحسب مصفوفة الأدوار والمسئوليات، وإرسال فرق التقصي الوبائي من برنامج الوبائيات الحقلية للمديريات الأعلى تأثراً بالوباء للكشف عن مصادر ومسببات انتشار العدوى.

كذلك تم النزول الميداني لفرق الاستجابة من الوحدة المركزية والمحافظات والمديريات للتقصي الوبائي عن البلاغات الواردة والكشف عن مصادر ومسببات الانتشار حيث بلغ عدد النزولات ثمانية آلاف و357 نزولاً، وبلغ عدد الحالات التي تم النزول إليها ثمانية آلاف و484 حالة وعدد المخالطين الذي تمت زيارتهم 19 ألفاً و337 مخالطاً حيث بلغ إجمالي المستفيدين من الأدوية الموزعة من محلول الإرواء وحبوب الزنك وغيرها عشرة آلاف و85 مستفيداً.

كما تم النزول الميداني الطارئ للإشراف على مراكز معالجة الإسهالات وزوايا الإرواء بالمحافظات والمديريات لعدد 39 زيارة إشرافية الغرض منها متابعة الأداء في مراكز المعالجة والمرافق الصحية وتقييم الخدمة ومراجعة البيانات في السجلات ومراقبة الإمداد وتدريب الكادر أثناء الخدمة.

وتم أيضاً إجراء الفحص الفيزيائي والميكروبيولوجي لثمار المانجو للتأكد من خلوها من بكتيريات الكوليرا حيث أثبتت النتائج خلوها.

وفيما يخص التوعية والتثقيف الصحي للوقاية من الوباء والحد من العدوى، فقد عملت الوزارة على إعداد الرسائل النصية التوعوية حول طرق انتقال الإسهالات المائية الحادة وطرق الوقاية منها وتسليمها إلى وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات لنشرها عبر شبكات الهاتف المحمول المتاحة، وكذا إعداد الفلاشات والتنويهات التوعوية الإذاعية والتلفزيونية وتسليمها لوزارة الإعلام لبثها عبر القنوات التلفزيونية والإذاعات المحلية.

وأفاد التقرير بأنه تم إعداد الرسائل التوعوية بالتعاون مع المركز الوطني للإعلام الصحي والبيئي والبوسترات التوعوية لتوزيعها على المرافق الصحية بالمحافظات والمديريات واللوحات الإرشادية في شوارع أمانة العاصمة، وتنفيذ جلسات التوعية الصحية للمرضى والمخالطين وأفراد المجتمع من خلال فرق الاستجابة في العزل والقرى والمديريات لعدد 14 ألفاً و211 جلسة استفاد منها 111 ألفاً و162 شخصاً.

وتم توزيع الدليل الوطني لمكافحة الإسهالات المائية الحادة المحدّث في المحافظات والمرافق الصحية (نسخة ورقية وأخرى إلكترونية)، حيث يحتوي على الموجهات الأساسية للمكافحة وإدارة الحالة، والروابط الإلكترونية للفيديوهات والبوسترات التوعوية التي يمكن تحميلها والاستفادة منها بكل سهولة من خلال الرابط الإلكتروني.

ولفت التقرير إلى أن وزارة الصحة والبيئة، شاركت في إعداد الرسائل التوعوية ودشنت مع قيادة أمانة العاصمة وكمبادرة مجتمعية الأسبوع التوعوي لجمعية بني الحارث متعددة الأغراض الذي تم تنفيذه من خلال فرسان التنمية بهدف توعية المزارعين في منطقة بني الحارث بخطورة ري الخضروات من مياه الصرف الصحي التي ثبت تلوثها ببكتيريا الكوليرا وخطورة تناول هذه الخضروات ودورها في الإصابة بالإسهالات المائية الحادة.

وفيما يتعلق بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، أوضح التقرير، أنه تم تشكيل فريق إدارة الوباء مكون من وزارة الصحة والجهات ذات العلاقة ( المياه – الزراعة – الإعلام والاتصالات وغيرها) وكذا المنظمات الداعمة: الصحة العالمية واليونيسف وكتلتي الصحة والمياه، وعقد الفريق اجتماعات دورية لمناقشة مستجدات الوضع الوبائي وتدخلات الجهات والخطط المزمنة المطلوبة.

كما تم تشكيل غرفة الطوارئ العامة المركزية برئاسة نائب رئيس الوزراء وزير الإدارة والتنمية المحلية والريفية وتم عقد العديد من الاجتماعات الأسبوعية لمناقشة مستجدات الوضع الوبائي للإسهالات المائية الحادة “الكوليرا” واستعراض تقارير تدخلات الجهات ووضع جدول زمني بالإجراءات الواجب تنفيذها من قبل كل القطاعات.

وعملت الوزارة على إرسال المخاطبات للوزراء ومحافظي المحافظات بخصوص مخرجات محاضر اجتماعات غرفة العمليات العامة المركزية والتأكيد على تنفيذ توصيات الاجتماعات كلاً فيما يخصه في إطار خطة السيطرة واحتواء الوباء ومصفوفة الأدوار والمسئوليات.

وتتواصل الجهود والاستجابة السريعة والتنسيق بين مختلف القطاعات الصحية والخدمية لمكافحة الكوليرا والتي تعد نموذجاً للاستجابة الصحية المتكاملة، حيث جمعت بين التدخلات العاجلة مثل توفير الرعاية الصحية والإجراءات الوقائية بعيدة المدى كتحسين خدمات المياه والصرف الصحي، كما أن التركيز على التوعية المجتمعية حول سبل الوقاية، يعكس إدراك الجهات المعنية لدور المجتمع المحوري في الحد من انتشار العدوى.