“دس السم بالعسل”.. كيف يعمل الإعلام الإسرائيلي الناطق بالعربية؟

يحرص الاحتلال الإسرائيلي على تقديم سردِه وروايةِ الأحداث والجرائم المختلفة التي يرتكبها ضد الشعب الفلسطيني من خلال وسائل ومنصات الإعلام المختلفة الناطقة باللغة العربية، وهي التي تسعى للتأثير على الجمهور الفلسطيني والعربي، حتى لو كان ذلك بشكل غير مباشر وعلى مدى طويل.

وتتنوع وسائل الإعلام الإسرائيلية الناطقة باللغة العربية ما بين هيئة البث الرسمية والقنوات التلفزيونية والمواقع الإلكترونية، إضافةً إلى منصات التواصل الاجتماعي المختلفة المدعوة من جهات مختلفة، سواء حكومية أو خاصة.

التلفزيون الإسرائيلي
قبل نحو 50 عامًا، ناقش الكنيست الإسرائيلي إمكانية إقامة محطة تلفزيونية عامة لا تنحصر مضامينها بالتربوية فقط، وقبل ذلك بسنوات، أي عام 1963، جرى نقاش مشابه رفضته أغلب الأحزاب بحجة أنه سيفتت المجتمع الإسرائيلي، إلا أنه في النهاية تم إقرار إقامة تلفزيون تعليمي، وبدأ البث عام 1966.

وبعد أربع سنوات، ارتفع عدد القنوات العربية التي يصل بثها إلى “إسرائيل”، وازداد عدد العرب الذين يعيشون تحت حكم الاحتلال الإسرائيلي بسبب النكسة عام 1967، وساهمت هذه المتغيرات في تبديل الموقف الإسرائيلي بالموافقة على البث التلفزيوني الموجَّه كدعاية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وداخل الأراضي المحتلة عام 1948.

وقال وزير “الهسبراة” (الدعاية الإسرائيلية) حينها يسرائيل جاليلي: “يجب التعجيل بإنشاء بث على منشآت التلفزيون التعليمي، هذا البث سيوجَّه بالأساس إلى المناطق التي احتلتها إسرائيل عام 1967، وإلى العرب داخل الخطّ الأخضر”.

وأوضح جاليلي أن التلفزيون الإسرائيلي “سيساعد في توحيد الشعب، وسيكون وسيلة فعالة لمكافحة البث الأجنبي والعدائي الذي يتعرّض له العديد من سكان البلاد، وبمساعدة البث التلفزيوني الجديد يمكن التوصّل إلى تفاهمات بين العرب وإسرائيل”، بحسب ما نقل تقرير سابق لموقع “العين السابعة”.

وأشار إلى أن “سوريا تبث لمدة خمس ساعات في اليوم، والعراق لمدة 14 ساعة، ومصر لمدة 24 ساعة، والأردن ستبدأ البث قريبًا. وعنصر العداء لإسرائيل في بث الدول العربية التلفزيوني كان قويًا طوال السنوات الماضية، وبالتأكيد لم يبدأ بعد حرب الأيام الستة (نكسة 1967). كما يجب التذكّر أن العرب في الداخل يشاهدون التلفاز بكثرة، إلى جانب ذلك هناك لواقط تلفاز في المقاهي العربية التي يحتشد حولها الآلاف، ويوجد حوالي 6000 جهاز تلفاز خاصّ في الضفة الغربية”.

ومنذ انطلاق البث الإذاعي الإسرائيلي الناطق بالعربية، وضعت “إسرائيل” أسسًا وتوجيهات واضحة لإعلامها الموجَّه للعرب، بدأت عندما كانت الإذاعة تابعة مباشرة لمكتب رئيس الوزراء. وقد نُظِّم البث العربي في إطار منفصل عن هيئة الإذاعة الإسرائيلية، وتم إنشاء لجنة توجيهية للإعلام العربي منذ عام 1956.

وكانت هذه اللجنة تجتمع في مكاتب حكومية واستوديوهات البث لمناقشة السياسات العامة والتوجهات السياسية الخاصة، واستمرت في عملها لعدة سنوات، حتى أصبح من الواضح أن الخطوط العامة التي وُضعت للبث استندت إلى ولاء عميق للأجهزة الأمنية.

ورغم انتقال تبعية البث الإذاعي من مكتب رئيس الوزراء إلى هيئة البث في منتصف الستينيات، استمرت هذه التوجهات دون تغيير.

ارتكزت السياسة الإعلامية على تقديم “إسرائيل” كدولة منيعة لا تُقهَر، وأن أي مقاومة ضدها ستنتهي بكارثة على العرب، مع التركيز على إبراز مزايا الدولة الإسرائيلية ونظام حكمها وتطورها المستمر، إلى جانب الدعم الذي تحظى به من اليهود حول العالم والمجتمع الدولي.

سعت “إسرائيل” إلى تسليط الضوء على التحسينات التي طرأت على حياة الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة عام 1948، مثل مشاريع البنية التحتية وتعبيد الطرق، ضمن خطاب يرسّخ فكرة اندماج الفلسطينيين في المجتمع الإسرائيلي في سياق “التعايش العربي اليهودي”.

وقدّمت “إسرائيل” نفسها أيضًا كدولة شرق أوسطية تقف ضد الاستعمار، ذات طابع محلي في نمط حياتها، وذات إنجازات بارزة، مع تضمين مستمر لفكرة “السعي إلى السلام” كهدف يخدم جميع شعوب المنطقة.