صرخة ضمير في مقبرة الضمائر

I-write-my-heart-on-a-paper-writing-34664951-1600-1200

بقلم أ/أحمد مرغم

(صرخة ضمير في مقبرة الضمائر) ******************** في مكان ما يموت الناس وتسيل الدماء وتخلوا الشوارع وينتشر الرعب وفي مكان غير بعيد عن دائرة الموت أحرار محتشدون يصرخون ضد العدوان الهمجي الغاشم ينشدون الكرامة والحرية والاستقلال لوطنهم المكلوم . وفي بقية الأرجاء يأكل الناس غير مبالين لما يجري يعملون وكأن شيئاً لم يحدث يتسوقون ويمارسون حياتهم الطبيعية يتقابلون ولكن ليس للتشاور حول القضية التي تطورت حتى أضحت تحصد الأرواح يتحدثون ولكن بعيداً عن ما تشهده الساحة من أحداث يتشاجرون ولكن ليس بسبب تباين آرائهم في طرق التصدي للعدوان بل بسبب خلافات عادية ليس لها صلة بما يحدث يفتحون أبواباً ولكن ليس لأيواء جرحى أو إغاثة ملهوف يغلقون أبواباً ولكن ليس سخطاً على العدوان ولا رفضاً له يجتمعون ولكن ليس للنظر فيما يجري ولا تداركاً له يمشون ولكن ليس بإتجاه ساحات الوغى والكرامة يقعدون ولكن ليس للتأمل حول ما يجري يغضبون ولكن ليس تعبيراً على رفض الغارات السعودية التي تدمر بيوتنا ومدننا وقرانا يضحكون ولكن ليس استبشاراً بنصر مبين وغدِ أفضل ولا سخرية من فضائح العدو الأعرابي المتخلف المثير للسخرية والضحك بالله عليكم ما هؤلاء ؟!! وهنا إنسان يحمل في قلبه رحمة وفي عقله أمل يتألم لما يجري يشعر بفداحة الموت وألم الجراح وبشاعة الخوف والرعب ويفهم أسرار المواجهة وأسبابها يقترب من دائرة الموت حتى وصل صوت الرصاص إلى أذنيه ثم يبتعد ويعود من حيث آتى وقلبه مملوءاَ بالأسى والحزن وعقله مضطرب وحائر يظهر حزنه وخوفه على ملامح وجهه لم يستطع اخفاء ذلك متوجساً من الموت مظهراً قدراً كبيراً من الحيطة والحذر يلتفت يمنة ويسرة لا يفتح فمه إلا للضرورة ابتعد عن الخطر استرجع قليلاً من أنفاسه وأسترد شيئاً من الإطمئنان عبر الشوارع والساحات والأسواق يبطئ في مشيه قليلاً يرمي بنظراته الحائرة الخائفة وجوه الناس تارة وتستقر عينيه على ناس آخرين تارة أخرى يتأمل في وجوههم عله يجد من يشاركه الإحساس لينفس عن قلبه ولو قليلاً ولكنه لم يطمئن أن أحداً سيسره ذلك ظل يمشي بهدوء ويتمعن في أحوال الناس يفتح أذنيه عله يسمع حديثاَ عما يجيش في خاطره ولكنه لم يسمع مايريد أن يسمعه يواصل سيره ويزداد سخطه يرى جماعات تتحادث فيما بينها ترتفع الأصوات والضحكات يقترب منها ولكنه لم يجد الحديث المهم بل يتبادلون النكات السخيفة استمر في سيره وعاد يحدث نفسه لماذا اختلفت عن الجميع؟ لماذا هؤلاء سعداء وأنا حزين ؟! أريد أن أكون مثلهم لماذا أشغل نفسي ؟ إما أن يكونوا مثلي أو أكون مثلهم وصرخ بصوت عالي : يا عالم أريد علاجاً ينسيني هويتي يا خبراء أريد مصلاً يفقدني عقلي يامبرمجين أريد شيئاً يمسح ذاكرتي يا إبليس أرجوك امسخني يا ظلام ر ياجهل خذني يانفس قوديني يا شهوة وجهيني يا سذاجة علميني ياعقل حل عني يادين اتركني يامبدأ لا تتعبني ياعلم ابعد عني . نعم أنا الضمير المقبور داخل صدوركم أنا الانسان المقتول داخل أفئدتكم أناديكم بأن تقضوا علي فلا استطيع أن اتحمل أكثر من هذا العذاب والوحشة أو تعودوا الي ونستأنف الحياة اللائقة ببني آدم وحواء . أ/ أحمد مرغم