اتفاق مسقط: التفاوض مع رأس العدوان مباشرة

بقلم/ محمد أحمد الوريث

 
ظهر جون كيري في مسقط أخيراً كممثل مباشر لتحالف العدوان على اليمن، لا يوجد أي مواربة أو شك في ذلك بعد اليوم، فوزير الخارجية الأمريكي لم يحضر في مسقط كوسيط أو مندوب أممي، وإنما حضر بصفته مندوب رباعية العدوان على اليمن (أمريكا – بريطانيا-السعودية –الإمارات) والضامن على هذا الطرف وامتداداته الداخلية من أدوات الارتزاق والعمالة، في حين كانت الشقيقة عمان مشكورة هي الراعي والضامن لهذا الاتفاق وأشرف وزير الشؤون الخارجية العماني السيد يوسف بن علوي على كل تفاصيل الاتفاق.
وكما تقتضي المسؤولية الوطنية كان الوفد الوطني في موقع المبادرة لتحقيق سلام عادل وشامل يضمن سيادة واستقلال الشعب اليمني، ورغم التاريخ الأسود وغير المشرف لتحالف العدوان في النكث بالاتفاقات وخرق تفاهمات وقف إطلاق النار، إلا أن الوفد الوطني بشقيه الأساسيين (أنصار الله – المؤتمر) كانوا حاضرين لسد كل الذرائع أمام العدو للاستمرار في عدوانه وحصاره الغاشم وبحق شعب حضاري وعريق كشعبنا اليمني البطل.
ولم تكن لتحضر أمريكا بهذا الشكل المباشر والسافر في أي تدابير ذات علاقة بالعدوان إلا كنتيجة حتمية لانتصار الشعب اليمني وصموده وعلى رأس قائمة الصمود والشرف أبطالنا المرابطون من أبناء الجيش واللجان الشعبية.
ولم يكن ليحدث اتفاق بهذا المستوى من الندية والتوازي بين اليمنيين وعدوهم الرئيسي في واشنطن لولا تضحيات وصمود هذا الشعب البطل، لينسف بذلك كل ذرائع وادعاءات العدوان الذي أعلن من واشنطن وحظي بالدعم والتسليح والرعاية والاشراف طول مدته من أمريكا ويمكن استنتاج هذا من تصريحات وزير خارجية المنافقين في الرياض والذي عبر عن عدم معرفته أو المرتزقة في الرياض بأي شيء بخصوص الاتفاق بصفتهم طرفا تابعا وذليلا لا قرار له أو رأي أو أهمية لدى الأمريكي.
وإذا التزم الأمريكي كرأس حربة للعدوان بمضامين اتفاق مسقط فستكون هذه سابقة في تاريخ طويل حافل بالمكر والخداع والتلاعب في منطقة الجزيرة العربية ولكن إن صح هذا فسيتحتم تلقائياً على الالتزام الأمريكي التزام الأدوات الأمريكية الأخرى. حيث أن عناصر العدوان الإقليمية كالنظام السعودي والإماراتي أو حتى مرتزقة الداخل، كتأكيد إضافي لم تكن إلا أدوات رخيصة لتنفيذ المشروع الأمريكي بإملاء مذل دون شراكة وانما عبودية وتبعية مفرطة. مع التأكيد بأن هذه الأطراف ستتحمل المسؤولية الأخلاقية والمادية الفادحة المترتبة على عدوانهم الممتد طوال 18 عشر شهراً أمام المجتمع اليمني والقضاء العادل محلياً ودولياً.
اتفاق مسقط لم يأت بجديد والمطلوب الرئيسي من هذا الاتفاق إلزام الأطراف التي لم تلتزم سابقاً بتنفيذ ما يخصها من اتفاق وقف إطلاق النار الشامل الموقع بتاريخ 10 ابريل من العام الجاري برعاية الأمم المتحدة وتشكيل حكومة وفاق وطني يكون مقرها العاصمة صنعاء وفي هذا السياق يستوجب هذا الحدث الإشارة إلى نقطتين رئيسيتين.
الأولى: الحضور المشرف والندي للوفد الوطني المفاوض والذي أدار عملية التفاوض السياسي طوال أشهر العدوان بحنكة وجدارة قل نظيرها ليفضح ويعري كل مبررات العدوان حد اضطرار أمريكا للحضور المباشر ممثلة بوزير خارجيتها بصفتهم العدو الرئيسي والمخطط والمشرف والناظم لهذا العدوان وما كان هذا ليتم لولا التفاهم العميق والعمل الحثيث والشعور العالي بالمسؤولية الوطنية الذي اتسم به فريقنا المفاوض والمكونات الوطنية الممثلة فيه وعلى رأسها مكون أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام والذين تساموا على كل الترهات والخلافات السطحية في سبيل تحقيق هدف نبيل يقضي بوقف العدوان ورفع الحصار عن اليمن وتحقيق استقلال وسيادة الشعب اليمني على كامل أراضيه.
أما النقطة الثانية فهي ضرورة رفع حالة التعبئة والحس الأمني واستمرار رفد الجبهات بالرجال والمال والعتاد ودعم الاقتصاد الوطني وإبقاء كل الأصابع على الزناد في أقصى درجات الجهوزية، لأننا أمام عدو يحترف الكذب والغدر والتضليل ولنا تجارب سابقة معه في هذا المضمار وعليه يجب أن يبقى الشعب اليمني في حالة الحذر واليقظة كما وجه قائد الثورة في خطاب سابق له هذا العام.
وبالتأكيد ما كانت لتتحقق هذه الإنجازات السياسية الهامة والنوعية وما كان ليحدث هذا الحراك السياسي الدولي لولا الانتصار الساطع والاستبسال الخارق على المستوى العسكري والأمني والفضل بعد الله عز وجل في هذا لأبطال الجيش واللجان الشعبية ومن خلفهم شعب قوامه 25 مليون إنسان جسدوا أسمى آيات الصبر والتضحية والفداء لتحصل اليمن على موقعها اللائق في سلم الدول الاستراتيجية الفاعلة في الجزيرة العربية والشرق الأوسط والعالم ككل.
كما مثل الدور البارز والمحوري لوفدنا الوطني المفاوض ولمكوناتنا الوطنية الصلبة والمترابطة ولرجالنا المغاوير في الجبهات الداخلية والحدودية والجبهة الأمنية والاقتصادية والسياسية عامل هدم لكل مؤامرات العدو ليخرج هكذا اتفاق ندي ومشرف إن صدق العدوان وصدقت نواياه تجاه تحقيق السلام العادل.
وللشقيقة عمان كل المحبة والعرفان من شعب طحنته الحرب وجوعه الحصار لدورها الإيجابي والبناء، ولن ينسى لها اليمنيون هذا الجميل، ولتبقى اصابعنا على الزناد ترقباً إن صدق العدو هذه المرة وإن لم يصدق فما زلنا في الجبهات وعلى أعلى درجات الجهوزية والثبات لنذيقهم من بأس اليمني حتى يلفظ العدوان على اليمن أنفاسه الأخيرة مهزوماً مدحوراً.