تدمير المناهج.. الغزو الصهيوني الناعم لقلب الأُمَّــة
بقلم ـ عبدالملك العتاكي
من هنا، انطلقت أخبث معارك الصراع: “معركة الوعي”، التي تستهدف تغيير المناهج التعليمية وتجريف الهُوية الإسلامية من جذورها؛ لتحويل أجيالنا من مشاريع مجاهدين وفاتحين إلى كائنات مدجنة تقبل بالهوان وتصفق للجلاد.
يا أبناء أمتنا الإسلامية، يا أحرار هذا العالم..
إننا اليوم لا نواجه مُجَـرّدَ صراع عسكري في الميادين، بل نواجه “حربًا ناعمة” خبيثة تستهدف أقدس ما نملك؛ تستهدف “العقل والروح والوعي”.
إن العدوَّ الصهيوني والأمريكي، وبعد أن عجزت جحافلُه عن كسر إرادَة شعوبنا المقاومة، التفت بكل ثقله نحو عملية تزييف للوعي وتدجين للأجيال؛ بهَدفِ استئصال روح الجهاد والحرية من قلوب أبنائنا.
إن هذا المخطّطَ الصهيوني-الأمريكي لا يعملُ في الظلام، بل يفرض أجندتَه علانيةً تحت ستار “تطوير التعليم” وَ”نشر قيم التسامح”.
والحقيقة أن ما يحدُثَ هو عمليةُ “غسيل دماغ” جماعية؛ حَيثُ كشفت التقاريرُ الميدانية والمراجعات الدقيقة للمناهج في دول “الهرولة نحو التطبيع” عن كوارث تربوية.
لقد تم حذفُ آيات الجهاد التي تستنهض الهمم لمواجهة الطغيان، وشُطبت الأحاديث النبوية التي تفضح مكر اليهود وغدرهم، بل وصل الصلف إلى حذف سيرة القادة العظام الذين واجهوا المشروع اليهودي تاريخيًّا، مثل “فتح خيبر”، واستبدالها بنصوص باهتة تمجد “التعايش” مع محتلٍّ يغتصب الأرض وينتهك العرض كُـلّ يوم.
الهدفُ واضحٌ يا أُمَّـة الإسلام: صناعة إنسان “محايد” لا يغضبُ لتدنيس الأقصى، ولا يرى في الصهيوني عدوًّا، بل “جارًّا وصديقًا وشريكًا في السلام”.
وفي ظل هذا التيه، يبرُزُ تحذيرُ السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي (حفظه الله) ككَشَّاف ضوئي يفضحُ عتمةَ المؤامرة؛ ويؤكّـدُ دائمًا أن الأعداءَ يسعَون لضرب الأُمَّــة في أقدس ما تملِك: “انتماؤها الإيماني” وهُويتها الإيمانية، حَيثُ قال: «إن الأعداءَ يسعَون من خلال تغيير المناهج إلى ضرب الأُمَّــة في وعيها، وفي انتمائها، وفي فكرها، وفي ثقافتها، حتى يصلوا بالأجيال الصاعدة إلى أن تكون أجيالًا ممسوخة، لا تحمل قضية، ولا تمتلك عزة، ولا تعرفُ عدوًّا من صديق، بل تكون أدَاة بيد أعدائها لضرب نفسها».
هذه الحقيقة المُـــرَّة؛ فالإسلام الذي تريده أمريكا وكَيان الاحتلال هو “إسلام الطقوس الجوفاء”، إسلام يحجُّ فيه المرء ويصلي، لكنه يقف خلف حاكم “متصهين” يرى في الخروجِ عليه جريمة، وفي التولّي للصهاينة عبقرية سياسية.
إن خطورةَ ما يقوم به كيان الاحتلال الصهيوني كَبيرة جِـدًّا تكمُنُ في استبدالِ ثقافة الشهادة -التي هي سِرُّ قوة هذه الأُمَّــة- بثقافة “الحياة المذلة”.
إنهم يعلمون أن الشعوبَ التي تعشقُ الشهادةَ لا يمكن استعمارُها؛ لذا يعملون على تجريم المقاومة في الكتب المدرسية، ووصمها بـ”الإرهاب”، مع التأكيد على طاعة الحكام الذين ارتموا في أحضان “تل أبيب”، وتصوير هذا الانبطاح على أنه “حكمة شرعية” و”حقنًا للدماء”.
كيف نواجه هذا التحدي الوجودي؟
السلاح الوحيد والمطلق في هذه المعركة هو “الوعي القرآني”.
إن مواجهة المناهج الممسوخة تتطلب إيجاد “تعليم موازٍ” يبدأ من البيت والمجتمع.
يجب أن نعود إلى القرآن الكريم كمنهج حياة، لنستقي منه دروس العزة والولاء والبراء.
السلاح هو “التحصين الثقافي” للأطفال من خلال ربطهم بتاريخهم الحقيقي، وتعريفهم بالعدوّ على حقيقته التي ذكرها الله في كتابه، لا كما تعرضه شاشات القنوات المطبّعة.
أما دور الشعوب والمثقفين والصحفيين:
دورنا نحن الشعوب: أن نكون “خط الدفاع الأول” عن عقول أبنائنا.
لا تتركوا أطفالكم لقمة سائغة للمناهج الممسوخة؛ ازرعوا فيهم قصص الأنبياء مع غدر اليهود، واربطوا قلوبهم ببطولات كربلاء وفلسطين واليمن.
يجب أن نوجد البديل الثقافي الأصيل داخل كُـلّ بيت.
دور المثقفين والصحفيين: أنتم اليوم “شهود الحق” في زمن الزيف.
دوركم ليس نقل الخبر، بل “صناعة الوعي” وفضح كُـلّ تعديل أَو حذف في المناهج.
انشروا المقارنات بين ما كان وما أصبح، واكشفوا للناس كيف تُباع هُويتهم في غرف المفاوضات.
الصحفي الحر هو من يجعل من قلمه “مشرطًا” يفكك أكاذيب “التسامح الصهيوني”.
إن المعركة اليوم ليست بين طائرة وحجر، بل بين “وعي صلب” و”تضليل ناعم”.
فإذا نجحوا في مسخ المناهج، فقد استعمروا المستقبل قبل أن يبدأ.
لذا، فإن التمسك بالمنهج المحمدي الأصيل هو طوق النجاة الوحيد الذي سيجعل من كُـلّ محاولاتهم مُجَـرّد زبد يذهب جفاء، ليبقى في عقول أجيالنا ما ينفع الأُمَّــة ويحمي مقدساتها.
والوعي والهُوية الإيمانية هما بوابتنا الوحيدة للنصر.