جمعة رجب عيد الإيمان والهوية

بقلم الشيخ: عبدالحافظ البتامي*

تعد جمعة رجب من كل عام مناسبة دينية سنوية مباركة ومهمة تتجدد على شعبنا اليمني وتذكره بمسؤولياته ومواقفه التي سطرها التاريخ منذ صدر الإسلام في أنصع صفحاته المشرقة والمضيئة ولا تزال حتى اليوم،  باعتبارها من أبرز المحطات الخالدة ونقلة التغيير، التي اعتنق فيها شعبنا دين الإسلام طواعا وعن قناعة ورغبة وعشق.

انطلاقة قبائل اليمن واستجابتهم لرسول الله كانت مميزة، بما عبر عنه الرسول صلى عليه وآله بقوله «الإيمان يمان والحكمة يمانية» وشرفهم بهذا الوسام على غيرهم من جند الإسلام وأنصاره.

ولذا فإن شعبنا يولي هذه الذكرى في أول جمعة من شهر رجب الحرام باحتفالات رسمية واجتماعية فريدة تُعرف بـ “جمعة رجب”، والتي ترتقي في مكانتها إلى مصاف الأعياد في الوجدان الشعبي، ويغتبرها تجسيد حي لـ “الهوية الإيمانية” المتجذرة، وتأكيد على عمق ارتباطه بالرسالة المحمدية وتفاخرهم بها،  كمحطة تحول مفصلية وبداية لتاريخهم الإسلامي ودخولهم في دين الله أفواجا، استجابة لدعوة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، التي حملها إليهم مبعوثه الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام عليه السلام، ومنة إلهية عظيمة ميزتهم عن غيرهم من الشعوب، مما جعلهم يتخذون هذا اليوم عيداً سنوياً للتعبير عن الشكر والامتنان.

تتجسد مظاهر الاحتفال في طقوس اجتماعية ودينية مميزة، فتبدأ الاستعدادات بتنظيف البيوت وتجهيزها، وتبرز أهمية صلة الأرحام من خلال الزيارات العائلية المتبادلة والتجمعات، كما تشهد الساحات والميادين خروج الأطفال والمحتفلين في أجواء من البهجة والأهازيج، معبرين عن فرحتهم بهذه الذكرى المباركة.

جمعة رجب يعتبرها شعبنا موقف وهوية، كما أنها تذكير بأن القبيلة اليمنية كانت ولاتزال حاملة للقيم ناصرة للحق ووفية للعهد، وفي هذا اليوم يتجدد العهد على الثبات والتمسك بالمبادى ورفض الخضوع للباطل، وصوت القبيلة يتجلى في إيمانها وعظمة مواقفعا حين تقف مع الحق بلال تردد، وتوصل رسالة في هذه المناسبة الدينية بأن الإيمان موقف لا يتزحزح والهوية حاضرة لا تنكسر،  والقبيلة اليمنية ثابته على العهد لله ورسوله ولأعلام الهدى من أهل بيت رسول الله صلوات الله عليه وآله.

ولذا فإن جمعة رجب تبقى رمزاً خالداً لـ إيمان اليمنيين الذي كان سبّاقاً، ومناسبة لتجديد العهد والتمسك بالقيم الدينية الأصيلة، وتأكيداً على أن اليمن هو “أصل العرب ومهد الإيمان ونفس الرحمن”.

*شيخ ضمان بمديرية حبور ظليمة محافظة عمران.