حضرموت تغرق في الظلام النفطي: الصراع المسلّح يشلّ الإنتاج والتكرير ويهدد بكارثة اقتصادية
في تطور خطير يعكس حجم الانفجار الأمني الذي تضجّ به حضرموت منذ أيام، أعلنت شركة “بترومسيلة” النفطية وقفًا كاملًا لعمليات الإنتاج والتكرير في أهم قطاعاتها النفطية، في خطوة غير مسبوقة تهدد بضربة مباشرة للاقتصاد اليمني ولشبكات الطاقة في المحافظة.
ففي بيان صدر اليوم الاثنين، أكدت الشركة أنها أوقفت العمل كليًا في قطاع (14) منذ السبت الماضي، إلى جانب توقف الإنتاج في قطاع (10)، ما يعني عمليًا انقطاع إمدادات الغاز المشغّلة للمحطتين الغازيتين في الوادي، وبدء عمليات الإطفاء التدريجي لمنشآت الطاقة، بما فيها محطة كهرباء وادي حضرموت الغازية بقدرة 75 ميجاوات.
القرار، وإن بدا فنيًا، إلا أن خلفيته السياسية والعسكرية لا تخطئها العين؛ فالشركة شددت على أن استمرار المواجهات المسلحة بين الفصائل الموالية للإمارات و”حلف قبائل حضرموت” المدعوم سعوديًا خلق بيئة تهدد سلامة العاملين والمنشآت، بل وتحمل مخاطر انفجارات كارثية نتيجة وجود المواد النفطية والغازية المخزنة في محيط الاشتباكات.
تحذيرات شركة بترومسيلة لم تأتِ من فراغ، فقد سبقها تحذير صريح من “حلف قبائل حضرموت” الذي حمّل الفصائل الإماراتية مسؤولية أي هجوم على منشآت النفط، مؤكدًا أن ضرب هذه المنشآت قد يؤدي إلى “دمار كبير” وكارثة وطنية يصعب احتواؤها.
الاشتباكات التي شهدتها الهضبة خلال اليومين الماضيين رسمت صورة أوضح للصراع الدائر؛ إذ أفشل الحلف القبلي أمس الأحد محاولة جديدة لفصائل الانتقالي لاستعادة مواقعها بعد خسارتها أمام قوات الحلف يوم السبت الماضي. وفي ظل السباق المحتدم بين الرياض وأبوظبي للسيطرة على مناطق الإنتاج، بات أي تحرك عسكري غير محسوب كفيلًا بإشعال حريق أكبر من قدرة أي طرف على إطفائه.
إيقاف النفط في حضرموت لا يعني مجرد تجميد للإنتاج، بل يفتح بابًا واسعًا لأزمة كهرباء في الوادي، وتراجع شديد في الإيرادات، وتعطل أحد أهم شرايين الاقتصاد اليمني، في لحظة هي أصلًا واحدة من أكثر اللحظات هشاشة في تاريخ البلاد.
