القبائل اليمنية بين الرهان السياسي والصمود الوطني .. دروس التاريخ وتجربة القيادة الحكيمة
القبائل اليمنية بين الرهان السياسي والصمود الوطني .. دروس التاريخ وتجربة القيادة الحكيمة
لطالما شكّلت القبائل اليمنية عمادًا أساسيًا في النسيج الاجتماعي والسياسي والعسكري لليمن، فهي ليست مجرد تجمعات اجتماعية، بل كيان له جذور إيمانية عميقة وارتباط وثيق بالهوية اليمنية. أدرك رئيس النظام البائد ’’عفاش’’، أهمية القبائل كرافد استراتيجي للقوات المسلحة والسلطة السياسية، فراهِن على ولائها لتعزيز موقعه، غير أن الأحداث التي شهدتها فتنة ديسمبر كشفت هشاشة هذا الرهان، وأظهرت أن الولاء القبلي لا يُشترى ولا يُستغل، بل يُكسب بالصدق والنزاهة والاحترام للقيم الوطنية.
تقرير / طارق الحمامي
الرهان على الولاء القبلي
عفاش حاول أن يبني استراتيجية تعتمد على الولاء القبلي لضمان الدعم السياسي والعسكري، من خلال ارتباطه ببعض مشائخ القبائل الذين كانوا يدينون له بالولاء، لكنه تجاهل حقيقة أساسية، أن الولاء القبلي ليس للأفراد، بل للقيم الوطنية والمبادئ الإيمانية الراسخة، عندما اكتشفت القبائل أن تضحيات أبنائها تُستغل لتحقيق مصالح شخصية ’’لعفاش’’ أو لإرضاء قوى إقليمية، انقلب موقفها رفضًا صريحًا، مؤكدين أن دماء أبنائها ليست سلعة سياسية.
خيانة الثقة والتلاعب بالدماء
أدى استغلال التضحيات القبلية في مواجهة تحالف العدوان، لأهداف سياسية شخصية، إلى انهيار العلاقة بين عفاش والقبائل. القبائل اليمنية لم تتسامح مع ما اعتبره عفاش في تضحيات ودماء أبناء القبائل أنها نتيجة حرب عبثية، وكان في تصريحه ذاك يحاول إرضاء السعودية والإمارات ليعيد إنتاج نفسه من جديد، وهذا ما كشف عدم نزاهته في التعامل مع القبائل، وأدى إلى رفضها نصرة من فقد مصداقيته وأساء استخدام ولائها التاريخي للوطن.
الثوابت الوطنية للقبائل
القبائل اليمنية تلتزم بهويتها الوطنية وقيمها الدينية، وترفض الوصاية والتبعية للخارج. تاريخها مليء بالمواقف التي أظهرت قدرتها على حماية أرضها وكرامتها دون أي مساومة. أي قيادة تتجاوز هذه الثوابت تواجه رفضًا، كما حدث مع فتنة ديسمبر. الولاء القبلي الحقيقي يرتبط بالمبادئ الوطنية، وليس بالمصالح الشخصية أو المكاسب السياسية الضيقة.
التحولات السياسية والرفض القبلي
فتنة ديسمبر شكلت اختبارًا حقيقيًا للقبائل، وأكدت أن رفضهم لعفاش لم يكن سياسيًا بحتًا، بل موقفًا أخلاقيًا ووطنيًا، هذا الموقف يعكس وعي القبائل العميق لمسؤولياتها تجاه الوطن وشعبه، ويظهر أن الولاء الحقيقي هو لله ثم للوطن والقيم الإيمانية الراسخة، لا للأشخاص أو المصالح العابرة.
القبائل كدرع وطني
اليوم، تثبت القبائل أنها درع اليمن الحقيقية، وركيزة أساسية للجيش في مواجهة العدوان، والتضحيات التي تقدمها في ميادين الصمود الوطني تجسد الالتزام بالدين والوطن والكرامة، وتوضح أن الولاء القبلي لا يُشترى، بل يُكسب بالصدق والمصداقية والتوافق مع المبادئ الوطنية.
السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي .. نموذج القيادة الحكيمة
على النقيض من التجارب السابقة، قدم السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي حفظه الله ، نموذجًا راقيًا في التعامل مع القبائل اليمنية، فقد قام على أساس الاحترام العميق للجذور الإيمانية والمواقف التاريخية للقبائل، واعتبرها شريكًا استراتيجيًا في الدفاع عن الوطن وليس مجرد أداة سياسية.
تميز السيد القائد في تعامله مع القبائل بـالشفافية والالتزام بالقيم الوطنية، ومراعاة خصوصيات القبائل الاجتماعية والدينية ، وتثبيت الفيم وربطها بالثوابت والهوية اليمنية والإيمانية، فقد حرص القائد على التشاور مع القيادات القبلية واحترام مرجعياتها في اتخاذ القرارات، ما أكسبه ثقة ولاء القبائل دون اللجوء للاستغلال السياسي، النتائج كانت واضحة، تحالف وطني مستدام، قائم على الاحترام المتبادل والمصداقية، مع تعزيز قدرة القبائل على الصمود والمشاركة بفعالية في مواجهة العدوان، دون المساس باستقلاليتها أو كرامتها.
دروس سياسية
تجربة العلاقة بين عفاش والقبائل، ومقابلها نموذج السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، تقدّم درسًا سياسيًا وأخلاقيًا في آن واحد، أن الولاء القبلي يُكسب بالصدق والنزاهة والاحترام للقيم التاريخية والإيمانية، وليس بالمراهنات السياسية أو المكاسب الشخصية، والارتهان للوصاية الخارجية .
ختاماً
القبائل اليمنية ليست مجرد قوة اجتماعية أو عسكرية، بل هي كيان له جذور أصيلة وقيم ثابتة، التجارب السابقة أظهرت هشاشة الاستغلال السياسي للولاء القبلي، بينما تجربة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله، أبرزت قوة الاحترام والمصداقية في بناء علاقة مبنية على الثقة المستدامة مع القبائل، التي جسدت أرقى أنواع العلاقة بين قائد رباني وشعب أصيل قدم أعظم صور الولاء والتسلبم .
والتضحيات المستمرة للقبائل اليوم تؤكد أنها درع اليمن وجيشه الحقيقي، وأن الولاء الحقيقي هو لله ولإعلام الهدى من أولياءه ولتراب هذا الوطن الذي سقته كل تلك الدماء الطاهرة من الشهداء العظماء .
يمانيون.