طوفان القبائل اليمنية .. استنفارٌ يصنع معادلة الردع في في وجه العدو
بقلم: عبدالحكيم عامر
يشهد اليمن اليوم واحدة من أوسع موجات التعبئة الشعبية والقبلية، تتقدم القبائل اليمنية اليوم إلى واجهة المشهد بوصفها قوة حضارية ومجتمعية لا يمكن تجاوزها، تحركها قيم العزة والغيرة الإيمانية والانتماء العميق للأمة، وتدفعها مسؤوليتها التاريخية تجاه فلسطين وما تتعرض له من إبادة وحرب كونية، ما يجري اليوم في الساحة اليمنية هو طوفان شعبي واسع يؤسس لمرحلة جديدة من الوعي السياسي والصلابة الوطنية، ويحمل في جوهره رسالة قوية للعدو الصهيوأمريكي مفادها:
أن اليمن، بكل مكوناته، قد قرر مواجهة المشروع الاستعماري من جذوره، شعبًا وقيادة وقبائل.
تأتي موجة الاستنفار القبلي في اليمن كامتدادًا طبيعيًا لارتفاع منسوب الوعي الشعبي بخطورة المرحلة، وتزايد الإدراك الجمعي بأن المشروع الصهيوأمريكي يستهدف اليمن كما يستهدف فلسطين، لما يمثله من قوة متنامية وإرادة مستقلة، ولهذا باتت مواقف النفير العام خيارًا ثابتًا لا تراجع عنه، وضرورة يفرضها حجم التحديات الأمنية والسياسية والعسكرية التي تتعاظم كل يوم، وإن تحرك القبائل اليوم هو استكمال لمسار تحرري طويل، يتقدم خطوة بعد خطوة نحو بناء معادلة يمنية صلبة في مواجهة المشروع الصهيوأمريكي.
تشهد المحافظات اليمنية سلسلة من الفعاليات القبلية الواسعة، أصبح المشهد واحدًا:
ساحاتٌ تمتلئ، نكفٌ يعلو، حشودٌ تتجمع، وولاءٌ يتجدد للمعركة الكبرى… معركة الدفاع عن كرامة الأمة وحريتها، نكفٌ يعلو، مواكب تتوافد، ساحات تمتلئ، ورايات ترفرف على وقع هتافات الغضب والجهاد والمقاومة، تظهر ملامح الهوية اليمنية الأصيلة التي تربط الكرامة بالسلاح، والشرف بالموقف، والغيرة بالنفير، وما يميز هذا التحرك أنه موحد الهدف وواضح البوصلة نصرةفلسطين وغزة أولًا… والتصدي للعدو الإسرائيلي وأدواته في المنطقة ثانيًا، التفويض الشعبي المطلق للسيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي “حفظه الله” ثالثًا، وإعلان عملي بأن اليمن يقاتل بموقف واحد، ورؤية واحدة، وبوصلة لا تنحرف عن فلسطين، وهذا يؤكد إن القبيلة اليمنية لا زالت صمام أمان في وجه الطغيان تقف اليوم كجدار يمني صلب، لا يمكن شراؤه بالمال، ولا سحقه بالقوة، ولا اختراقه بالدعاية.
إن تحركات القبائل اليمنية اليوم تربك العدو سياسيًا وعسكرياً، بل أربكت أدواته ومحركاته الاستخبارية والإعلامية، فقد راهنت بعض القوى الإقليمية والدولية على إمكانية زعزعة النسيج الاجتماعي اليمني، أو خلق شرخ بين القبائل والقيادة، أو إحياء شبكات العملاء التي أُسقطت شعبيًا منذ سنوات.
فكان ما حدث صادمًا للعدو وأدواتة، لان القبائل تحركت بوعي، بوحدة، بثبات، وهكذا، سقطت رهانات الأعداء كلها: فشل مخطط تفكيك الجبهة الداخلية، فشل مشروع الرهان على المرتزقة، فشل التحريض الإعلامي، فشل محاولات شراء الولاءات، وفشل الرهان على تراجع موقف اليمن تجاه فلسطين.
ما يجري اليوم من نهوض وإستنفار قبلي واسع هو إعلان تاريخي بأن اليمن قرر الوقوف في خط الدفاع الأول عن الأمة، وأنه يتقدم اليوم الصفوف لا من باب الحماسة، بل من باب المسؤولية الدينية والإنسانية والاستراتيجية.
ولذلك، فإن النفير القبلي هو رسالة: للأمة العربية والإسلامية أن اليمن لم يغيّر موقفه ولن يساوم، وللعدو: أن اليمن ليس ساحة فارغة، بل بات اليمن اليوم رقمًا صعبًا في معادلة المنطقة، لا يمكن تجاوزه أو عزله أو إسقاطه، وللعالم: أن اليمن، رغم الحصار، أقوى مما تظنه القوى الكبرى، وأن مشروع الهيمنة الصهيوأمريكي لن يمر، وأن راية الجهاد والمقاومة لن تسقط، وأن اليمن سيظل قلعة صامدة أمام كل محاولات التركيع.
وبهذا فقد كشفت القبائل اليمنية وبطريقة عملية، أن اليمن دولة لا تُدار من الخارج، ولا تتحرك استجابة لضغوط، وأن القرار الشعبي فيها قرارٌ مستقلٌ ينبع من صنعاء ومن هويتها الإيمانية والإخلاقية.
إن طوفان القبائل اليمنية اليوم هو تحول استراتيجي كبير في بنية المجتمع اليمني وموقعه في الصراع الإقليمي، وإنه إعادة صياغة لقوة الوعي الشعبي، وتثبيت لنهج المقاومة، وترسيخ لوحدة القبيلة والدولة والجيش والإعلام، في مشهد واحد يثبت أن اليمن مهما اشتد الحصار عصيّ على الانكسار.
اليوم، يقف اليمن قبائل وشعبًا وقيادة في صدارة معركة الأمة، لا ينتظر دعمًا ولا يخشى تهديدًا، لأن قراره نابع من إيمانه وهويته، ولأن قبائله التي تهبّ اليوم كنهرٍ جارٍ، تصنع معادلة لا يفهمها إلا من عرف معنى الكرامة اليمنية، وأن اليمن، بكل مكوناته، قد قرر مواجهة المشروع الاستعماري من جذوره، شعبًا وقيادة وقبائل.