ضربة موجعة لثُلاثي الشر
عبدالمؤمن محمد جحاف
في إنجاز أمني نوعي جديد يُضاف إلى سجل وزارة الداخلية اليمنية الحافل بالإنجازات، أعلنت الوزارة عن عملية أمنية نوعية «ومكر أولئك هو يبور» بإلقاء القبض على خلية تجسس معقدة الارتباط والاستخدام، تعمل لصالح الاستخبارات الأمريكية والموساد الإسرائيلي والمخابرات السعودية، وتدار من داخل غرفة عمليات مشتركة في الأراضي السعودية. وأكدت الوزارة أن هذا الإنجاز تحقق بفضل الله تعالى وتوفيقه وعونه، ثم بجهود الأجهزة الأمنية ويقظة المواطنين الشرفاء الذين أسهموا بوعيهم في كشف عناصر الخيانة قبل تنفيذ مخططاتهم الإجرامية.
الخلية ليست سوى امتدادٍ لعمل استخباراتي ممنهج يستهدف اليمن منذ سنوات، لكنها تميزت عن سابقاتها بتطور أساليبها التقنية والتنظيمية. فشبكة التجسس هذه تمثل مرحلة متقدمة من المشروع الاستخباراتي الذي يقوده العدو الأمريكي والإسرائيلي وأدواته الإقليمية، في محاولة لضرب الجبهة الداخلية اليمنية والتأثير على الموقف المبدئي للبلد في مواجهة العدوان ومساندة الشعب الفلسطيني.
وبالتالي نجد أن تطور عمل هذه الشبكات يعود إلى سببين رئيسيين:
الأول هو الفشل الذريع الذي مُني به العدو خلال الفترات الماضية أمام يقظة الأجهزة الأمنية اليمنية التي أفشلت عشرات المخططات التجسسية.
أما السبب الثاني فهو تصاعد الاستهداف وتزايد اهتمام العدو باليمن بعد موقفه الواضح في إسناد غزة وفلسطين خلال العدوان الصهيوني، حيث بات اليمن في صدارة أولويات الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية نتيجة مواقفه المبدئية ودوره الإقليمي المتنامي في محور المقاومة.
وبالتالي أن الخيانة لا يمكن تبريرها بأي شكل من الأشكال، وأن ضعف الوازع الديني هو الدافع الحقيقي وراء السقوط في مستنقع العمالة.
أيضا ما يسوقه بعض الخونة من ذرائع اقتصادية، «الظروف المعيشية أو انقطاع الرواتب لا يمكن أن تكون مبررًا لبيع الوطن وخيانة الدين والأمة»، فالقضية في جوهرها أخلاقية وإيمانية وليست معيشية.
وبالتالي، إن الاعترافات كشفت عن تكاملٍ واضح بين أجهزة الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية والسعودية، ضمن غرفة عمليات مشتركة على الأراضي السعودية، تتولى إدارة عمليات التجسس وجمع المعلومات.
وقد عملت هذه الغرفة على استقطاب ضعاف النفوس وتجنيدهم، وتزويدهم بأجهزة وتقنيات متطورة للرصد والتصوير، في إطار هدفٍ واحد يتمثل في خدمة المشروع الصهيوني الأمريكي وإيقاف اليمن عن نصرة غزة وفلسطين.
ختاماً.. هكذا تتجلى حقيقة المعركة التي يخوضها اليمن اليوم؛ ليست معركة سلاحٍ فقط، بل صراع وعي بين أمةٍ تعرف عدوها وبين قوى تسعى لتشويه وعيها وتفكيك صفها.
وإذا كان العدو قد أنفق المليارات لتجنيد ضعاف النفوس وتوجيههم نحو تدمير وطنهم، فإن اليمنيين ــ قيادةً وشعبًا ــ أثبتوا أن البصيرة هي السلاح الأمتن في وجه كل حروب الاختراق والخداع.
في النهاية، ما حدث ليس مجرد إنجاز أمني فحسب ، بل رسالة استراتيجية للعالم بأسره: أن اليمن يقف بثبات في مواجهة المشروع الصهيوني الأمريكي بكل أدواته، وأنه كلما تنوعت أساليب العدو، ازداد وعي اليمنيين صلابة، وإيمانهم بعدالة معركتهم عمقًا.