21 سبتمبر.. من إسقاط الوصاية إلى نصرة غزة وصياغة ملاحم العزة


حين انبلج فجر 21 سبتمبر 2014، لم يكن مجرد إشراقة يومٍ جديد، بل انبثاق زمن مختلف، وزلزال تاريخي أعاد تعريف معنى الحرية والسيادة في بلدٍ حاولت الوصاية إخضاعه طويلًا.

أحد عشر عامًا مضت، وإذا بثورة 21 سبتمبر تتحول من حدث محلي لإسقاط الوصاية والتبعية، إلى منارة عربية وإسلامية تلهم الشعوب وتربك الطغاة، وتكتب فصولًا جديدة من تاريخ المواجهة مع الاستكبار.

اليوم، ونحن نضيء شعلة العيد الحادي عشر للثورة المجيدة، يقف اليمن شامخًا لا بوصفه بلدًا صمد في وجه تحالف العدوان فحسب، بل كرأس حربة الأمة في معركة غزة، في البحر والبر، في الميدان والسياسة، في الساحات والميادين.

ثورة 21 سبتمبر.. ولادة اليمن الجديد

لم تأتِ ثورة 21 سبتمبر من فراغ، بل من واقع مثقل بالفساد والوصاية والتبعية. كان اليمن يعيش على هامش قراره الوطني، أسير إملاءات السفراء، ومقسمًا بمشاريع التفتيت والهيمنة. جاءت الثورة لتقول الكلمة الفصل: لا وصاية بعد اليوم، لا عمالة ولا تبعية.

بهذه الروح، أسقط اليمنيون نظام الوصاية وأسّسوا لمرحلة جديدة قوامها الاستقلال والسيادة، واضعين أولى لبنات اليمن الجديد: جيش وطني مستقل، قرار سياسي حر، واقتصاد يسعى للتحرر من قيود الهيمنة.

الإنجازات: من بناء القوة إلى كسر الهيمنة

  • بناء جيش وطني

أعادت الثورة الاعتبار للجيش اليمني، الذي كان مفككًا ومسلوب الإرادة. واليوم باتت القوات المسلحة اليمنية واحدة من أبرز الجيوش في المنطقة من حيث التطوير الذاتي، والقدرات الصاروخية والبحرية، التي أرعبت العدو الصهيوني وكسرت الهيمنة الأمريكية في البحر الأحمر.

  • اقتصاد الصمود

رغم الحصار والعدوان، برهنت ثورة 21 سبتمبر أن الإرادة تصنع البدائل. مشاريع الاكتفاء، دعم الزراعة، حماية الثروات، والتحرر من الهيمنة النفطية كلها خطوات وضعت اللبنات الأولى لاقتصاد مقاوم، يُبنى على العزة لا على الاستجداء.

  • الانتماء لقضايا الأمة

لم تتوقف الثورة عند حدود اليمن، بل وسّعت دوائرها لتضع فلسطين في قلب معركتها. لقد تحولت الثورة من مشروع وطني إلى مشروع أممي، يرى أن حرية اليمن لا تنفصل عن حرية غزة، وأن مواجهة الاستكبار معركة واحدة من صعدة إلى جنين.

اليمن وغزة.. الشعار يتحول إلى فعل

  • الموقف الشعبي

في زمن صمتت فيه العواصم العربية وهرولت إلى التطبيع، كان اليمنيون يملأون الساحات بالملايين، يهتفون “الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل”، ويربطون معركتهم الداخلية بمعركة الأمة الكبرى. مشهد الملايين في صنعاء وصعدة والحديدة، وهو يتكرر أسبوعًا بعد أسبوع، صار ظاهرة عربية فريدة لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلًا.

  • الموقف العسكري

لم يكن الهتاف وحده، بل الفعل الميداني.. القوات المسلحة اليمنية دشّنت مرحلة جديدة في الصراع مع الكيان الصهيوني: حصار بحري خانق، ضربات صاروخية نوعية، عمليات أربكت الأساطيل الأمريكية، وصولًا إلى صواريخ بالستية وفرط صوتية تطال عمق كيان العدو.

هذه العمليات لم تدعم غزة فقط، بل كسرت أسطورة الردع الصهيوني، وأثبتت أن اليمن أضحى قوة إقليمية تحسب لها كل الحسابات.

  • الموقف السياسي

بفضل ثورة الـ21 من سبتمبر المجيدة، صار لليمن قرار مستقل لا يخضع لسفارات واشنطن ولا لإملاءات الرياض وأبوظبي. اليوم، يُسمع صوت صنعاء في المحافل الدولية بوصفها ممثلة لإرادة أمة لا لشهوات نظام.. الموقف السياسي اليمني الواضح والثابت تجاه فلسطين، كشف عورات الأنظمة الأخرى، وأعاد تعريف معنى العروبة والإسلام.

اليمن في مواجهة ثلاثي الشر: أمريكا وبريطانيا وإسرائيل

لأول مرة في تاريخ المنطقة، تواجه دولة عربية الأساطيل الأمريكية مباشرة، وتفرض عليها معادلات جديدة.. من البحر الأحمر إلى خليج عدن، ومن العمق الفلسطيني المحتل إلى أقاصي البحر المتوسط والمحيط الهندي، صار اليمن حاضرًا كلاعب إقليمي يُربك مخططات الاستعمار.

لقد فشلت أمريكا وبريطانيا في حماية سفن الكيان، وفشلت في تركيع اليمن رغم حرب وحصار استمر لعقد. والنتيجة: شعب أكثر قوة، وثورة أكثر رسوخًا، ومعادلة جديدة تجعل من صنعاء عاصمة محور مقاومة لا يمكن تجاوزه.

ثورة تصنع المستقبل

ثورة 21 سبتمبر ليست مجرد حدث نحتفي به، بل عهد متجدد يتجسد اليوم في نصرة غزة وكسر الهيمنة الأمريكية.. إنها الثورة التي أثبتت أن الشعوب إذا امتلكت إرادتها قادرة على قلب الموازين، وأن اليمن الذي كان يُنظر إليه كمجرد ساحة صراع، أصبح اليوم رأس الحربة في معركة الأمة.

إنها ثورة الروح، ثورة الكرامة، ثورة السيادة التي غيّرت وجه التاريخ، وستظل تُلهم الأحرار حتى يتحقق النصر الأكبر: تحرير فلسطين وكل أرض عربية وإسلامية من دنس الصهاينة والمستكبرين.


موقع 21 سبتمبر الاخباري