قراءة في عوامل ومراحل صمود اليمنيين خلال عام من العدوان ( تقرير)

 lvl220150603082447
كتب/ محمد الباشا
في الثانية بعد منتصف ليل الخميس المشؤوم 26 مارس 2015م أيقظت اليمنيين غاراتٌ شنّها طيرانُ دول التحالف في عُـدْوَان سافر الوجه، بعد أن كان يتزّيا الاغتيالات وتصفية الشخصيات والتفجيرات ونسف المساجد والطرقات.. هذه المرة أتى صاحبُ المشروع بشخصه ليستهدفَ الـيَـمَـنَ أرضاً وإنْسَـاناً وحضارةً، وقد وصلت الاحصائياتُ التقديريةُ من أَرْوَاح البشر منذ بدأ العُـدْوَان إلَـى أَكْثَـر من خمسةٍ وعشرين ألف نسمة بين شهيد وجريح، أَغلبهم من النساء والأَطْفَال، وعمدَ إلَـى تدمير آلاف المنازل وهدْمها على ساكنيها، وكذلك هدم كُلّ مقومات الحياة من مدارسَ، ومصانعَ ومستشفياتٍ، ومساجدَ، ومتاحفَ، وحدائقَ، وجسورٍ، وطرقات، وموانئ، ومخازن غذائية ومنشآت حكومية، وغير حكومية، ومعالمَ دينية، وفرض حصار بري وبحري وجوي شامل استهدف الماءَ والغذاء والدواء وكل المواد الأَسَـاسية الخدمية وفي مقدمتها النفط. عُـدْوَانٌ في صورةٍ وحشيةٍ لم يشهد له التأريخُ مثيلاً.. ويكفي دليلاً أن عددَ الغارات الجوية التي تم تنفيذُها على الـيَـمَـن وما تزال بلغت حسبَ اعترافاتهم إلَـى (أَكْثَـر من ستين ألفَ غارة)، متجاوزةً ما تم تنفيذُه في الحرب العالمية الثانية بنسبة أَكْثَـر من 30%، مستخدماً فيها كُلّ أَنْوَاع الأسلحة المحرّمة دولياً ومنها العنقودية والانشطارية وقنابل الدخان الخانق، ليجعلوا من اليمن حقلَ تجارب لأسلحتهم حديثة الصنع. ويرى مراقبون أن تحالُفَ العدوان كان يعتقدُ أن الشَّـعْـبَ الـيَـمَـني سيستسلمُ في الشهر الأول أَوْ الثاني أَوْ ربما في الأُسْبُـوْع الأول أَوْ الثاني من العُـدْوَان، لكن الشعب اليمني سجل صموداً أُسْطُورياً تجلى، وما يزال، يوماً بعد يوم، ربما هو الأعظم في تأريخه، والذي أذهل العالَمَ بوقوفِه ومواجهتِه لأَكْبَـر تحالف عُـدْوَاني اجمعت فيه أَكْثَـرُ من ثلاثين دولة، وشاركت فيه عشرُ دول عربية بقيادة النظام السعودي وبدعم ومشارَكة إسْرائيْل وأَمريكا. عوامل الصمود ثمة أسباب جَمَّة تقفُ وراء صمود الـيَـمَـنيين، ويمكن إيجازُها في التالي: أولاً: قوةُ الارتباط بالله سبحانه وتعالى والوقوف إلَـى جانب الحق الذي سيخدمه حتى الباطل إن تحرّك أهل الحق، وخصوصاً مع الاصطفاف الذي أفرزته وفضحته المرحلة بعد أن وقفت تلك الأَنْظمَة المعتدية والتي تدّعي الإسْلَام إلَـى جانب الشيطان الأَكْبَـر الذي اتخذتها يداً لقتل الشَّـعْـب الـيَـمَـني. ثانياً: الإيمان بالقضية وعدالتها، والدور الفعلي للشعوب؛ كونها الضحية، فدورُ الشعوب ضروريٌّ ومهمٌّ وفاعلٌ ومجدٍ والشعوبُ هي معنية بأن تتحرك لمواجهة الأخطار التي تعاني منها، فهي الأَسَـاس وهي من تمنح الحكومات الشرعية أَيْـضاً وهي من تستطيع أن تنتزعَها منها، وبالتالي لا تمتلك الحكومات الحق أَوْ الصلاحية في تبني مواقفَ تجاه قضايا كبيرة خطيرة نتيجتها في نهاية المطاف بيع وطن أَوْ التضحية بسيادة أمة وكرامة شعب، وهدر دمائه، وَجلب الغزاة إلَـى داخله تحت أية مسميات، أَوْ تطلب أي تدخل عُـدْوَاني لإخضاع إرَادَة الشعوب الثورية. وهذا ما أدركه الشَّـعْـب الـيَـمَـني وعلى أَسَـاسه تحرك وسيواصل جهادَه جيلاً بعد جيل حتى لآلاف السنين، كما قال قائد الثورة، الأربعاء 23 ديسمبر 2015م، 12 ربيع الأول 1437هـ، في خطابه بذكرى المولد النبوي الشريف 1437هـ. ثالثاً: تماسُك الجيش واللجان الشَّـعْـبية والمجتمع القبَلي في الجبهات الداخلية وتوحيد الصفوف، وهذا في حد ذاته، أَكْبَـر انتصار. رابعاً: وجود القيادة الحكيمة لإدارة المعركة، واستعدادها لمعركة طويلة الأمَد ضمن خيارات استراتيجية مرتّبة ومدروسة استنزفت العدو طيلة العام الأول عدوان حتى انهار اقتصاده وكل وسائله ولم تبقَ له إلّا وسيلة السلاح الجوي الذي يعتبرُ سلاح الجُبْنَاء، والسلاح القاتل للإنْسَـانية. مراحل الصمود اًولاً: صمودُ ما قبل الرد على الرغم من قساوةِ ووحشيةِ العُـدْوَان الذي شُنَّ على أَبْنَـاء الشَّـعْـب الـيَـمَـني منذ اليوم الأول بتكالب خليجي، وتحالف عربي ودعم أَمريكي وإسْرائيْلي وصمْت دولي، وَاستهدافه المدنيين العُزّل منذ الضربة الأولى، وارتكابه أَبْشَـع المجازر بحقهم، وَاستهداف كُلِّ مناحي الحياة والنيل من قُوة عيش المواطن وحصاره حتى من أبسط الخدمات الأَسَـاسية، وذلك من أجل إرْكَاع الشَّـعْـب الـيَـمَـني وإضعافه واستسلامه. إلّا أن النتيجة كانت عكسيةً وأذهلت الجميعَ وفاجأتهم بما فيهم قوى العُـدْوَان وأَدَوَاتها ومن يقف خلفها. فقد أثبت الشَّـعْـبُ الـيَـمَـني ممثلاً بقيادة الثورة صمودَه، وثباته، وقوته، وعزيمته، وحكمته في التعاطي مع المرحلة رغم صعوبتها، وحاولوا طيلةَ هذه الفترة ولمدة أَرْبَعين يوماً أن يتحاشوا كثيراً لما يحدث واتخذوا قرارَ عدم التعجل في الردّ ليس من باب الضعف وإنما لإعطاء النظامِ السعودي الفُـرْصةَ الكافيةَ التي يفكّر فيها، لعله يتراجَعُ عن عُـدْوَانه غير المبرر عن انتهاكه لسيادة بلد، وإدْخَال المنطقة في صراع وحروب، لعله يصل إلَـى مرحلة الرشد والتعقل، ويدرك خطورة المؤامرة التي زَجّوا به فيها، وأنه عبارةٌ عن دُمية يحرّكونها لتنفيذ أجندتهم، وسيدفع في يوم من الأَيَّـام الثمن غالياً، إلّا أنهم عصوا واستكبروا وواصلوا عُـدْوَانهم الذي لو كان على بلدٍ غير الـيَـمَـن لما تحمّل وصمد لمدة أَرْبَعين يوماً دون الرد، والتي اضطر بعدها إلَـى بدأ الردّ وكان بمستويات وَبطريقة منظّمة تتيح الفرصة مرَّة أُخْـرَى لأولئك المجرمين لأن يراجعوا حساباتهم. لكن دون جدوى فما كان أَمَـام الشَّـعْـب الـيَـمَـني وقيادة الثورة إلّا البدء بالتعبئة العامة في أَوْسَــاط المجتمع من أجل الرد والمواجهة، وذلك من منطلق الدفاع عن النفس والأرض. ثانياً: تكافلٌ اجتماعي وقوافلُ كِــرَام أثبت الشَّـعْـبُ الـيَـمَـني طيلةَ هذه الفترة التي مرّ بها أنه شعبٌ عزيز وصام