عفاش وفتنة ديسمبر


صفوة الله الأهدل

اعتمد عفاش سياسية الخداع والمراوغة، وظل يخادع هذا الشعب طيلة فترة حكمه، واستمر على ذلك حتى بعد أن تم إسقاطه من كرسي الحكم والسلطة، وما أن شُن العدوان الغاشم وفُرض الحصار الظالم على هذا البلد حاول أن يلمع صورته ويحسن سمعته من جديد بعد أن لطخت بالدماء والفساد والظلم، فانضم إلى أنصارالله كحزب من أحزاب هذا البلد ظاهرًا أما باطنًا فقد كان يقف مع قوى العدوان كما رأينا ذلك حين تمت السيطرة على معاقله، أعلن موقفه بأنه سيحمي هذا البلد ويدافع عن هذا الشعب، لاحبًا فيهم كما تصوّر البعض؛ بل لسيتقطب أكثر قدر من من أبنائه ليكونوا في صفه وتحت طوع أمره حين يُشعل فتنة تقضي على الأخضر واليابس في هذا البلد: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ (12) }.

كما أتذكر فتنة ديسمبر المدعومة خارجيًا وكمية الأسلحة الثقيلة والمتوسطة وصوت الأعيرة النارية والمدافع والدبابات والغارات كيف كانت محيطة بصنعاء من كل الجوانب والاتجاهات وكيف حول زعيمها وناعقوها صنعاء والمحافظات المحررة من مناطق آمنة إلى ثكنتات عسكرية وجعلوها حرب شوارع عرفت حينها مامعنى عظمة الله وقوته وقدرته وتأييده لعباده المؤمنين ومامعنى آية: {وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} أراد بمكره أن يطعن بظهر أنصار الله ويقضي عليهم من الداخل ليسهل على العدو الدخول من الخارج واحتلال هذا البلد والسيطرة عليه بالكامل لكن ماحصل كان غير ذلك تمامًا عكس ماخطط له: {وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (50) فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52) وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}، هذه الفتنة بدأت في ٢ ديسمبر وانتهت في ٤ ديسمبر.

لازلت أتذكر جيدًا خطاب السيد القائد_ يحفظه الله_ وطمأنته لنا سكان صنعاء، وأنه إلى جانبنا، ودعانا للتوكل على الله والصبر عدم الخوف والقلق الزائد وأن لانبتئس حينها، وقال: بأننا سنعبر هذه المحنة بالنصر كما عبرنا المحن الماضية ومنها محنة العدوان أن تحملنا المسؤولية؛ فهذه آخر ورقة للعدوان.

فعلًا عبر تلك المحنة ،فمن أخمد فتنة عفاش المدعومة من أقوى قوى العالم، وأطفى نار لهيبها، وقضى على مشعلوها في غضون يومين، وأنهى حرب الشوارع المفتعلة في المحافظات المحررة هو الله الذي أيّد أنصاره أنصار الله رغم قلة عددهم وعدتهم: {وَإِن يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}، و:{إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ}.

عفاش لم يأخذ العبرة ممن سبقوه؛ خُيّل له أنه إله لايموت أو يخسر لأن معه الكثير من الأموال والجنود ووراءه أمريكا وإسرائيل، لكن لعله غفل أو نسي مصير كل من تعاون مع أمريكا وإسرائيل كانت عاقبته الخسارة إما القتل أو القبع في السجون حتى الموت، أين هو شاه إيران؟ أين هو محمد حسني مبارك؟ أين هو صدام حسين؟ أين هو زين العابدين بن علي؟ وغيرهم، والآن أين هو عمر البشير؟!