اليمن في حضرة الرسول والقائد


بشير ربيع الصانع /كاتب يمني

في يوم من أَيَّـام الله الخالدة، يوم ميلاد سيد الكائنات، محمد بن عبدالله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-، الثاني عشر من ربيع الأول ١٤٤٧هـ، خرج اليمنيون خروجًا أربك الحسابات، وملأ الدنيا دهشةً وإجلالًا.

خرجوا كما لم يخرج شعب من قبل، ليجددوا البيعة والعهد والوفاء مع نبيهم العظيم، وليقولوا للعالم: نحن أُمَّـة محمد، وأرضنا موطن الإيمان والحكمة.

لقد ضاقت الساحات، واتسعت الشوارع حتى لم تعد قادرة على استيعاب تلك الحشود المتدفقة من كُـلّ فج، في مشهد أثبت أن اليمن لا يأبه لأصوات النفاق، ولا ينصت لأبواق التضليل التي أطلقت كُـلّ ما لديها من دعايات مسمومة، فإذا بها تتبدد أمام وعي هذا الشعب وثباته.

فخابت آمال المنافقين، وضاع رهانهم، وبقي اليمن متمسكًا بنور الرسول والرسالة.

وفي ذروة هذا الموكب المهيب، أطلت قامة إيمانية شامخة، القائد القرآني السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله، ليضع بوصلة الأُمَّــة في اتّجاهها الصحيح، موجّهًا القلوب والعقول إلى رسول الله ورسالته.

خطابه كان مزيجًا من الرحمة والحرص، من النصح الصادق والموعظة البليغة، كأنه امتداد لصوت النبوة الذي يحمل همّ الأُمَّــة ويخشى عليها من الانحراف والزيغ.

ولم يغب عن كلمته القلب النابض للعالمين العربي والإسلامي: فلسطين.

فقد جعلها في صدارة الاهتمام، كاشفًا خيانة الخونة وتواطؤ المنافقين الذين انسلخوا من مسؤولياتهم، ليكونوا سندًا لكيان الاحتلال.

ولم يكن خطابه سياسيًّا مُجَـرّدًا، بل كان يشبه خطاب أنبياء، حين دعا أهل الكتاب بكلمات القرآن الخالد:

{قُلْ يَا أهل الْكِتَابِ تَعَالَوْا إلى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شيئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}.

إنها دعوة صافية، نابعة من قلب مخلص، حتى لأُولئك الذين يحيكون المؤامرات عليه، ليعودوا إلى كلمة سواء هي أصل النجاة والهداية.

وأنت تسمع السيد القائد، يملؤك يقين أن وراء هذا الخطاب سِرًّا عظيمًا، ومِنحةً ربانيةً لا ينالُها إلا من اصطفاه اللهُ وأعانه بروحٍ مِن عنده.

فهو رجلٌ بينه وبين الله عهدٌ لا ينقطع، وحبل لا ينفصم.

إن ظهوره في هذه المرحلة التاريخية، وتهيئة اليمنيين لحمل هذا المشروع الإلهي بهذا الزخم، ليس صدفة، بل تكليف رباني واصطفاء إلهي.

فنحن اليوم نعيش مواقف تذكّرنا بقصص القرآن وبطولات السيرة، ونشهد أن كُـلّ قرار يتخذه السيد القائد إنما يخرج من مشكاة الهداية، فلا خيبة فيه ولا ضياع، بل صواب ورشاد.

ولذلك فَــإنَّ واجبنا كشعب يمني أن نحمد الله على هذا الاصطفاء، وأن نعض بالنواجذ على هذه المسيرة القرآنية المباركة، وأن نصون هذه القيادة الفريدة التي لا يجود بها الزمان.

فالله جل في علاه يمهّد الأرض لعباده الصالحين، والعاقبة للمتقين.