ما هو عذر من طبَّع وأي حكمة لدى من نوى !
منال العزي
هل من المعقول أنَّ الضمائر الإنسانيَّة ماتت إلى هذا المستوى الذي أصبح يعيش فيه معظم العرب والمليارات العربيَّة؟!!
وسائل الإعلام تنشر أبشع صور المجاعة التي تحدث في قطاع غزة، والعرب مازالوا يتقافزون ويتسابقون للتطبيع مع الكيان المغتصب الهادر للدم والقاتل للإنسانيّة “العدو الإسرائيلي”
ماهو عذرهم وتحت أي غطاءٍ يُسوِّغون هذه الجريمة لشعوبهم حتى ترضى عن حكامها وهي تُطبِّع مع العدو الإسرائيلي؟!
من المفترض الطبيعي للإنسان الذي مازال يحمل اسم إنسان، ويحمل المشاعر الإنسانيَّة التي وهبه الله بها أن يتألم عندما يشاهد طفل أو طفلة قد أصبح عظم جسمهم بارز وكأنه هيكل عظمي مرسوم بامتياز للتعليم، من المحسوب عليه كإنسان أن تتحرك مشاعره فيتألم، وينهض، ويُندد، ويرفض، ويعمل المستحيل لإنهاء هذا الإجرام الوحشي.
لكن مانشاهده اليوم من التخاذل العربي الشديد يجعل التاريخ والعالم يقف مُندهشًا حائرًا ماهو السبب، وإلى متى سيستمر الدعم لقتل أطفال ونساء غزة، إمّا بالصمت والسكوت، أو بالدعم النفطي وغيره، ليس هناك حكمة أبدًا في السكوت والمسايسة لليهود بالصمت، وليس السكوت من ذهب كما يقولون، وإنَّما جَبُنَت الأنفس، وذُلَّت وانحَنَت الرؤوس خنوعًا وغباءً حتى أصبحوا أقل قدرًا من الكلاب الحيوانيَّة.
أمام هذا السكوت العارم، والدعم الوفير للعدو الإسرائيلي من قِبَل الأنظمة العربيَّة ماهو العذر الذي سيُقدمونه للغزاويين عندما تنتصر غزة ويُباد العدو الإسرائيلي، كيف سَيُبررون أنهم تخاذلوا عن النُصرة بل دعموا وشاركوا في قتلهم وتجويعهم وإبادتهم، وماهو عذرهم أمام الإنسانيَّة حيث أنهم قد تجردوا منها ولبسوا لباس الغاب الوحشيِّ الإجرامي، والأهم من ذلك كله ماهو عذرهم أمام الله يوم يقفون بين يديه وأمام رسولهم الذي لا زالوا يقولون: نشهد أنَّ محمدًا رسول الله، كيف سيكون الجواب، وماهو العذر الذي ممكن أن تنطقه أفواههم لتخفف عن وجوههم الخزي والسواد القاتم؟!!
لكنه لن يكون هناك عذر، ولا أيضًا جواب، بل سيكون عارًا، وخزيًا، وذُلاً لا مثيل له عبر سنين الزمان وأحداث التاريخ.
من لا زال مُطبِّع، أو مُقتدٍ بالمطبعين، أو ساكت تحت مبرر الحكمة والصبر، أو غيرها من المبررات أمام مايحدث لغزة وأهلها من تجويع لم يحصل له مثيل في أيٍّ من العالم، وقتل، وإبادة، وتخويف، وظلم، ستكون الخسارة رهيبة والعاقبة وخيمة وشديدة في الدنيا والآخرة،
وما الله بغافلٍ عما يعملون.