أمٌ فلسطينية تفقد ابنتها وإصبعين من يدها في قصف صهيوني وسط نزوح لا ينتهي
لم تكن سوسن عكيلة (50 عامًا) تتخيل أن لحظة غسيل بسيطة في ساحة منزل مهجّر، ستُفقدها ما تبقى من اتزانها، إذ باغتتها قذيفة دبابة إسرائيلية، فخسرت إصبعين من يدها، وفلذة قلبها نورهان، ابنة زوجها، التي كانت تمد لها يد العون والحياة.
تقول سوسن، وهي تجرّ ذيول الوجع بصوت مرتعش:
“نورهان ما كانت بس بنت زوجي.. كانت إيدي التانية.. يوم ما راحت، راح نص روحي معاها.”
كانت العائلة قد فرت من منطقة جحر الديك جنوب مدينة غزة، هربًا من قصف الاحتلال، لتجد نفسها وسط مأساة جديدة، تنضم إلى سلسلة نزوح متكرر، ومآسي لا تنتهي منذ بدء العدوان في أواخر 2023.
لم تكن الجراح جسدية فقط؛ بعد إصابتها، أصبح من الصعب على سوسن ممارسة أبسط المهام اليومية.
“حتى فتح غطا الطنجرة صعب.. كل شي بيذكرني بإيدي اللي راحت، وبنورهان اللي كانت عوني.”
وبينما كانت تحاول لملمة ما تبقى من شتاتها، جاءها خبر استشهاد فهمي، ابن زوجها، الشاب الذي كان لها بمثابة الابن والسند.
“ما بخاف من الحرب، بخاف من اللي بتأخده الحرب،” تقولها والدمع يخنق صوتها.
اليوم، تعيش سوسن مع أطفالها في مأوى مؤقت داخل جامعة الأزهر، تحمل على كاهلها جراحًا لا تُرى، وعزيمة تحاول أن تصمد لأجل من تبقى.
“بحاول أكون قوية.. بس الوجع جوّا ما بنشاف.. وكل يوم بيزيد.”
وفي ظل استمرار العدوان، يعيش آلاف الفلسطينيين أوضاعًا إنسانية مأساوية، في مخيمات نزوح تفتقر لأبسط مقومات الحياة، وسط صمتٍ دوليٍ يعمّق الجراح.