غزة بين الحصار الإسرائيلي والخذلان العربي


كتبت/ فاطمة الشامي

مرَّ ما يقارب الثمانين عامًا وفلسطين تحت الاحتلال، ولا زال العرب في سباتِ الخذلان نائمين؛ لا ضميرَ لهم أُيقظ، ولا فطرةً إنسانيةً تحرّكت، ولا مشاعرَ بشريةً تأثّرت بما يحصل في فلسطين، وفي غزة اليوم على وجه الخصوص، من حصار وتجويع وقتل ودمار، ومن قتلٍ للطفولة وانتهاكٍ للأعراض.

غزة تقبع بين ظلم اليهود الصهاينة، وظلم العرب المتصهينين، ولا تجد من يُعينها على الخروج من هذا الظلم الكبير الذي فتك بها؛ لأن أي بشر يقوم بمساندتها ومناصرتها، يُقال عنه إرهابي، وتبدأ أبواق النفاق بالنعيق: “هؤلاء إرهابيون، هؤلاء متطرفون، مجرمون!” أما عن قتل إسرائيل لهم، فالكل ممن تجرّدوا من الإنسانية يشجّعون: “بوركت أيديهم لما يقتلون!”

هذه حقائق تُدمي القلوب. مليارا مسلمٍ تحت رحمة الصهاينة، خاضعون، صامتون، أذلاء، لا تُسمَع لهم الأصوات إلا إذا غرق جروٌ، أو احترقت غابةٌ في أوروبا، فتتعالى الأصوات بالتعاطف والنحيب! فويحَ أمةٍ وصل بها الحال إلى هذا المستوى من النفاق!
أحلّت دم الغزّاوي وصمتت، ولغرق الجرو تعاطفت وبكت!

فيا لحزنك أيها الغزاوي، ليس لمأساة حالك، فأنت مثّلت الإنسانية على أرقى مستوى، بل يا لحزنك على ذاك العربي الذي تجرّد من إنسانيته حين صمت عمّا تعانيه من جوعٍ وقتلٍ وحصار.

أيها الغزاوي، لا تنتظر ممّن أحلّوا الخمر والمجون، وأحلّوا الزنا والمثلية، أن ينصروك أو يتعاطفوا معك؛ فمن تجرّد عن إسلامه، وتخلّى عن أخلاقه، وانسلخ عن هويته الإيمانية، لا يمكنه أن ينصر دجاجةً وقعت بين فكي كلب، فكيف له أن ينصرك؟!

أيها الغزاوي، بالرغم من تكالب الأعراب عليك، وصمت العالم عنك، لا زال هناك محورُ مقاومةٍ لن يخذلك، محورٌ تولّى أهل البيت، وكان القرآن منهجه، سينصرك بقوّةِ الله التي أيدهم بها ملكُ السماوات والأرض، ومن نهج نهجَ أهل البيت حتمًا سينتصر، ومن تخلّف سيهلك، والعِبرة في الأحداث، وما يحصل في واقع الأمة اليوم.

فيا غزة، أنتِ كيوسفَ بين إخوته، رموكِ في الجب، لكن محور المقاومة، مُمثّلًا بيمن الإيمان، لن يخذلكِ.