ضغوط إقليمية تعيد خلط الأوراق: الانتقالي يطلق عملية عسكرية جديدة في أبين


أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي، الممول إماراتيًا، عن بدء عملية عسكرية جديدة في محافظة أبين جنوب اليمن، في خطوة وُصفت بأنها جاءت تحت ضغط سعودي متصاعد، وفي توقيت سياسي وأمني بالغ الحساسية. العملية التي أطلق عليها اسم “الحسم” قُدمت بوصفها امتدادًا لما سُمي سابقًا بـ“سهام الشرق”، وتهدف – بحسب بيان الفصائل التابعة للانتقالي – إلى إنهاء تواجد عناصر تنظيم القاعدة في المناطق الوسطى من أبين، ولا سيما مديرية مودية التي ظلت خارج السيطرة الكاملة لهذه الفصائل لأكثر من ثلاث سنوات.

وبحسب معطيات المشهد الميداني، فإن الإعلان عن العملية الجديدة يأتي بعد سلسلة إخفاقات عسكرية مُنيت بها فصائل الانتقالي في أبين منذ عام 2022، حيث تعرضت لهجمات متكررة وكمائن مباغتة باستخدام العبوات الناسفة، أدت – وفق مراكز حقوقية موالية للانتقالي – إلى سقوط قرابة 750 عنصرًا بين قتيل وجريح، بينهم قيادات بارزة، فضلًا عن خسائر كبيرة في العتاد والآليات العسكرية. وتشير اتهامات متداولة في أوساط الانتقالي إلى أن هذه الهجمات تحظى بدعم من حزب الإصلاح، عبر إرسال عناصر من مناطق في مأرب، وسط جدل واسع بشأن طبيعة الارتباطات الإقليمية لتلك الجماعات.

ويُعيد إطلاق “عملية الحسم” إلى الواجهة مسار العمليات السابقة، إذ كان الانتقالي قد أطلق في أغسطس 2022 عملية “سهام الشرق” للسيطرة على معسكرات تابعة للإصلاح في أبين، بعد أن فرض سيطرته على معسكرات الحزب في محور عتق بمحافظة شبوة عقب مواجهات دامية. غير أن تلك العملية تعثرت لاحقًا، خصوصًا مع تدخل القوات السعودية المتمركزة في سيئون، التي أفشلت منتصف 2022 محاولة الانتقالي التقدم نحو معسكرات “المنطقة العسكرية الأولى” في وادي حضرموت.

وفي تطور لافت، تمكنت فصائل الانتقالي خلال الأسبوع الماضي من السيطرة على تلك المعسكرات دون مواجهات تُذكر، في وقت كثفت فيه الرياض تحركاتها الميدانية والسياسية، مطالبة الفصائل الموالية للإمارات بالانسحاب من مديريات وادي حضرموت والمهرة. وأرسلت السعودية لجنة عسكرية إلى المكلا والوادي في مسعى لإحلال فصائل “درع الوطن” الموالية لها، مقابل عودة قوات الانتقالي القادمة من الضالع ولحج إلى عدن وأبين.

ويرى مراقبون أن إعلان العملية العسكرية في أبين لا ينفصل عن هذه الضغوط، بل قد يكون تمهيدًا لإعادة انتشار فصائل الانتقالي بعيدًا عن حضرموت والمهرة، خصوصًا بعد وصول وفد عسكري سعودي إماراتي إلى قصر معاشيق في عدن مساء الجمعة. ويأتي ذلك وسط تلويح إعلامي سعودي بفرض عقوبات على الانتقالي، عقب تصريحات رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي، الذي حذر خلال لقاءات دبلوماسية في الرياض من “إجراءات أحادية” يقوم بها الانتقالي في حضرموت والمهرة، معتبرًا إياها تهديدًا للاستقرار ووحدة القرار.

وفي خلفية هذا المشهد المعقد، يبرز الدور المتشابك لدول التحالف، السعودية والإمارات، في إيصال الانتقالي – صاحب المشروع الانفصالي – إلى مجلس القيادة والحكومة التابعة للتحالف، عقب إقصاء الرئيس السابق عبدربه منصور هادي في أبريل 2022. وهو واقع لا يزال يلقي بظلاله على المشهد اليمني، حيث تتقاطع الحسابات الإقليمية مع الصراعات المحلية، لتجعل من أي عملية عسكرية جديدة حلقة إضافية في سلسلة صراع مفتوح على النفوذ والقرار.