اعترافٌ على الورق.. وذخيرة للاحتلال
رهيب التبعي / كاتب يمني
اعتراف مجرّد من الفعل، لا يرافقه وقف للتمويل العسكري والتعاون الاقتصادي ومحاسبة من يشارك في الجرائم هو اعتراف منقوص، أقرب إلى ختمٍ على جواز مرور للاحتلال والإبادة والاستباحة
حين تُعلن دول كبرى مثل بريطانيا وكندا وأستراليا اعترافها بدولة فلسطين، يبدو المشهد في ظاهره خطوة سياسية إيجابية، لكنّ الحقيقة أن هذه الدول نفسها ما زالت تواصل تزويد الاحتلال بالسلاح والتقنيات والدعم الاستخباري والتجاري الذي يُستخدم في احتلال غزة وتهجير أهلها.
وحتى دول أُخرى ككولومبيا وبعض الدول الأُورُوبية التي اعترفت بفلسطين، لم توقف علاقاتها العسكرية والتجارية مع الاحتلال، ما يجعل هذه الاعترافات مُجَـرّد مسرحية سياسية لتجميل الوجه الدولي، بينما على الأرض يستمر القصف والدمار والإبادة.
إن الاعتراف الذي لا يرافقه وقف للتمويل العسكري وإغلاق قنوات السلاح ومحاسبة من يشارك في الجرائم هو اعتراف منقوص، أقرب إلى ختمٍ على جواز مرور للاحتلال.
فالمصانع الغربية لا تزال تُنتج وتُصدّر ما يقتل به الاحتلال الأطفال والنساء، وتحوّل كلمات الاعتراف إلى ستار يُغطي جريمة مُستمرّة.
هذا ليس تناقضًا لفظيًّا فحسب، بل شراكة مباشرة في الجرائم بحق المدنيين، ومسؤولية أخلاقية وقانونية لا يمكن التنصل منها.
المشهد مألوف: بيانات رنانة على المنابر، مؤتمرات وتصريحات، بينما على الأرض لا يتغير شيء في موازين القوة، ولا تُفرض عقوبات على من يخرق القانون الدولي.
كُـلّ ورقة اعتراف لا تُترجم إلى حماية فعلية تُخفي دم الفلسطينيين تحت سطورها.
فالاعتراف بلا وقف لتوريد السلاح هو اعتراف مُزيّف، وشعارات فارغة لا توقف نزيف الدم ولا تُعيد حياةً تُزهق تحت الأنقاض.
إن الاعتراف الحقيقي لا يكون ببيانات صحفية ولا بمسرحيات دبلوماسية، بل بقرارات شجاعة: وقف فوري لصادرات الأسلحة والتقنيات إلى الاحتلال، وتعليق التعاون العسكري، ومحاسبة من يشارك في الجرائم.
عندها فقط يمكن أن يتحول الاعتراف من ورقة سياسية إلى خطوة حقيقية في طريق العدالة.
أما الاعترافات المُجَـرّدة من الفعل، فهي ذخيرة إضافية للاحتلال، ولن يُمحى عارها مهما ارتفعت أصوات الخطباء على المنابر.